هذه المرة في كربلاء وليس في بغداد حيث تصاعدت أعمدة الدخان في سماء المدينة مشكلة كتل ضبابية غير معلومة المصدر لكنها اجتاحت سماء اغلب احياء المدينة، وادخلت الأهالي بحالة من الرعب لعدم معرفتهم الآثار المترتبة على صحتهم، جراء انتشار هذه الغبار المستمر بصورة يومية...

هذه المرة في كربلاء وليس في بغداد حيث تصاعدت أعمدة الدخان في سماء المدينة مشكلة كتل ضبابية غير معلومة المصدر لكنها اجتاحت سماء اغلب احياء المدينة، وادخلت الأهالي بحالة من الرعب لعدم معرفتهم الآثار المترتبة على صحتهم، جراء انتشار هذه الغبار المستمر بصورة يومية.

وفي بابل المجاورة لكربلاء يعاني الأهالي من ذات المشكلة، على الرغم من المناشدات الكثيرة التي وُجهت الى الجهات المعنية للحد من هذه الظاهرة التي تنشر السموم في الأجواء، لكن بقيت الحالة قائمة وكأنه قدرا كتب لسكان هذه المدن بأن يعيشوا وسط هذا الكم من التلوث البيئي المتسبب بالامراض الخطيرة.

وتناقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر قيام الملاكات التابعة لمديرية البلدية بحرق النفايات بشكل كبير، ما تسبب بحالات اختناق للكثير من افراد المناطق المجاورة لمناطق طمر النفايات ومحيطها، رغم كثرة المناشدات للجهات العليا في المدن للحد من هذه الظاهرة التي انتشرت بشكل واسع من دون رادع.

وكانت قد بينت تقارير دولية ان العراق يطرح 23 مليون طن من النفايات يومياً، في ظل انعدام مواقع الطمر الصحي وغياب طرق إعادة تدويرها بشكل صحيح، حيث تدفع البلاد ثمنا باهظا لعدم قدرتها على التعامل مع هذا الملف ما يضيف أزمة بيئية جديدة للبلاد، بعد التغير المناخي.

الجهات الرسمية في المحافظات ألقت باللوم في المشكلة على مجموعة من القضايا، من أبرزها وأكثرها علاقة بالقضية عمليات الصهر غير القانونية، واستخدام النفط عالي الكبريت في محطات توليد الطاقة، والتخلص غير المنظم من النفايات، وعلى ما يبدو ان الأخيرة الأكثر تأثيرا على الأجواء في معظم المدن العراقية.

في العراق المشكلة لا يتم محاصرتها بصورة صحيحة، على الرغم من معرفة مصدرها واسبابها، فالحكومة تعلم ان البلاد خالية من أماكن الطمر الصحي، وان آلاف الاطنان من النفايات يتم حرقها في الهواء الطلق لتنتشر في المدن ويتم استنشاق روائحها من قبل الساكنين.

ومع تناول وسائل الإعلام لمشكلة الانبعاثات، اوعز رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بتشكيل لجنة لمعرفة أسباب التلوث البيئي، وكأنه يعيش ببلد آخر، ولا تحيطه الغيوم الدخانية من جميع الاتجاهات في محل اقامته بالمنطقة الرئاسية.

مثل هذه التصريحات والإجراءات الحكومية، تتكرر مع ظهور أي ازمة في البلاد، وتأخذ هذه اللجنة دورها في إصدار التصريحات لاطلاع الرأي العام على الأسباب الوهمية، وتغافلها عن السبب الحقيقي الذي تعجز عن حله او معالجته بطرق علمية كما هو معهود في الدول المتقدمة.

حماية البيئة في العراق ليس من أولويات الجهات الحكومية، ودليل ذلك عدم تفكيرها او جديتها في نقل مصادر التلوث الى مناطق بعيدة خارج نطاق المدن، اذ لا تزال أماكن الطمر والمعامل محاذية للمناطق السكنية، دون التفكير بإيجاد مناطق او أماكن بديلة بعيدة عن الاحياء.

ومن صور الفشل الحكومي في هذا الجانب هو اخفاقها في زراعة المصدات الطبيعية لمنع الملوثات الهوائية من التغلغل الى مراكز المدن، اذ نجد نسبة كبيرة من المدن العراقية تخلو من الاحزمة الخضراء التي تحوط احياءها وتعمل كمصدات لمنع الغبار والابخرة من الوصول الى السكان.

ربما وزارتي البيئة والبلدية لا يعرفان حجم الخطر المترتب على انتشار الابخرة السامة على حياة المواطنين، وعليهم ان يتابعا الحساب الشخصي للخبير في الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي في العراق صادق عطية، الذي أشار فيه إلى تسجيل ارتفاع كبير وخطير في مستويات التلوث بالعراق، وقال إن "خارطة مستويات التلوث AQI في العراق، ومنها العاصمة بغداد تشير إلى قيم عالية تتجاوز 150-225 مليجرام/متر مكعب".

وأضاف أن هذه القيم تتجاوز بحوالي 18-24 مرة عن الحد الصحي المسموح تواجده في الأجواء حسب منظمة الصحة العالمية، موضحاً أن السبب هو زيادة الأنشطة الضارة للبيئة، أهمها معامل تكرير النفط، والمصانع، وعوادم السيارات، وحرق النفايات التي تنتشر عشوائياً.

وتشير تقارير أممية إلى أن الغبار في العراق يحتوي على 37 نوعاً من المعادن الخطيرة على الصحة العامة، و147 نوعاً مختلفاً من البكتيريا والفطريات التي تساعد على انتشار الأمراض ... 

بعد كل ذلك ... لا تعليق

اضف تعليق