مع بداية كل عام دراسي جديد، تواجه العائلات العراقية مجموعة من التحديات التي تتجدد وتتزايد في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية المتغيرة. في استطلاع صحفي أجرته شبكة النبأ المعلوماتية، تم تسليط الضوء على أبرز هذه الصعوبات التي تؤثر على استعداد الأسر لاستقبال العام الدراسي...
مع بداية كل عام دراسي جديد، تواجه العائلات العراقية مجموعة من التحديات التي تتجدد وتتزايد في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية المتغيرة. في استطلاع صحفي أجرته شبكة النبأ المعلوماتية، تم تسليط الضوء على أبرز هذه الصعوبات التي تؤثر على استعداد الأسر لاستقبال العام الدراسي. تتنوع هذه التحديات بين الأعباء المالية المرتبطة بتكاليف التعليم من مستلزمات دراسية وملابس وأقساط مدرسية، وبين المشكلات اللوجستية المتعلقة بنقص المدارس والمناهج، فضلاً عن تأثير الأوضاع السياسية والاقتصادية العامة على مستوى التعليم وجودته. يسعى هذا الاستطلاع إلى استعراض تجارب العائلات العراقية في مواجهة هذه التحديات، مع تسليط الضوء على الحلول الممكنة التي يمكن أن تسهم في تخفيف الأعباء عن كاهل الأسر ودعم مسيرة التعليم.
التحديات الاقتصادية والاجتماعية للأسر العراقية
قالت الدكتورة فاطمة الثابت، تدريسية في قسم علم الاجتماع بجامعة بابل لـ “شبكة النبأ المعلوماتية”: في بداية كل عام دراسي، تواجه الأسر العراقية العديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن عدم الاستقرار السياسي المستمر والصعوبات الاقتصادية والنواقص التعليمية النظامية. وتتفاقم هذه القضايا بسبب الظروف الاجتماعية الأوسع، بما في ذلك البطالة والفقر والبنية التحتية غير الكافية. هناك أبرز التحديات التي تؤثر على الأسر العراقية أثناء استعدادها للعام الدراسي الجديد.
1. العبء الاقتصادي لتكاليف التعليم
تُعتبر التكاليف المرتفعة للنفقات التعليمية أحد أكبر التحديات للأسر العراقية. يُطلب من الآباء شراء اللوازم المدرسية والزي المدرسي والكتب، مما يفرض ضغوطًا مالية كبيرة، خصوصًا على الأسر ذات الدخل المنخفض.
ـ ارتفاع التضخم: أدى التضخم إلى زيادة تكلفة اللوازم المدرسية، متأثرًا بعواقب جائحة كوفيد-19، ما جعل هذه النفقات أكثر عبئًا مقارنة بالسنوات السابقة.
ـ المدارس الخاصة مقابل الحكومية: نظراً لتدهور المدارس الحكومية من حيث البنية التحتية وجودة التعليم، يلجأ العديد من الأسر إلى المدارس الخاصة، لكن الرسوم المرتفعة تشكل عبئاً ماليًا على معظم الأسر.
2. عدم المساواة في التعليم
هناك تباين واضح بين المناطق الحضرية والريفية من حيث الوصول إلى التعليم الجيد. في المناطق الريفية والمتأثرة بالصراع، تواجه الأسر عقبات إضافية.
ـ نقص البنية التحتية: تفتقر المدارس في المناطق الريفية إلى الأساسيات كالكهرباء والمياه النظيفة، مما يدفع الأسر إلى إرسال أطفالهم إلى مدارس مجهزة بشكل سيئ أو السفر لمسافات طويلة.
ـ نقص المعلمين: تعاني المناطق الريفية من نقص حاد في المعلمين المؤهلين، مما يؤدي إلى اكتظاظ الفصول الدراسية وانخفاض الاهتمام بالطلاب الأفراد.
3. الفقر وعمل الأطفال
يشكل الفقر تحديًا رئيسيًا، حيث يعيش حوالي 24% من سكان العراق تحت خط الفقر. وغالبًا ما تضطر الأسر إلى اتخاذ قرارات صعبة تتعلق بتعليم أطفالهم.
ـ عمالة الأطفال: يجبر الفقر بعض الأسر على سحب الأطفال من المدرسة أو إجبارهم على العمل لدعم العائلة، مما يؤدي إلى التغيب وضعف الأداء الأكاديمي.
ـ معدلات التسرب من المدرسة: يساهم الفقر في ارتفاع معدلات التسرب، خصوصًا بين الفتيات، إذ قد لا ترى الأسر الفقيرة القيمة الفورية للتعليم.
4. تأثير عدم الاستقرار السياسي وقضايا الأمن
يؤثر الوضع السياسي والأمني في العراق بشدة على التعليم، حيث تعاني العديد من المدارس من تضرر البنية التحتية أو نقص التمويل.
ـ المخاوف الأمنية: في مناطق النزاع مثل الموصل، تواجه المدارس تهديدات مستمرة من الجماعات المسلحة، مما يثني العديد من الأسر عن إرسال أطفالهم إلى المدرسة.
ـ النازحون داخليًا: تعيش بعض الأسر النازحة في مخيمات أو مستوطنات غير رسمية بفرص تعليمية محدودة، ما يؤدي إلى غياب الأطفال عن الدراسة لعدة سنوات.
5. الخدمات العامة والبنية الأساسية غير الكافية
تعاني المدارس العامة من نقص في الخدمات، ما يعزز التحديات التي تواجه الأسر العراقية.
ـ سوء المرافق: تتسم العديد من المدارس العامة بتدهور المرافق، مثل الصرف الصحي غير الكافي وازدحام الفصول، مما يعيق العملية التعليمية.
ـ نقص الموارد التكنولوجية: في ظل التحول نحو التعلم الرقمي، تفتقر المدارس العراقية، خاصة في المناطق الريفية، إلى الوصول إلى التكنولوجيا والإنترنت.
6. التحديات الاجتماعية
يُعد عدم المساواة بين الجنسين عقبة كبيرة أمام التعليم، خصوصًا للفتيات، حيث تُفضل بعض الأسر تعليم الأولاد على الفتيات.
ـ الزواج المبكر: يعد الزواج المبكر سببًا رئيسيًا لانقطاع الفتيات عن التعليم، خصوصًا في المجتمعات الفقيرة.
ـ الحواجز الثقافية: تملي بعض المعايير الاجتماعية التقليدية على الفتيات التركيز على المسؤوليات المنزلية، مما يحد من فرصهن التعليمية.
ختامًا، يتطلب حل هذه المشكلات جهدًا مشتركًا بين الحكومة العراقية والمنظمات الدولية من أجل الاستثمار في البنية التحتية التعليمية، ودعم الأسر ماليًا، وتعزيز سياسات المساواة والإدماج. بدون هذه الإصلاحات، ستظل العديد من الأسر العراقية تواجه عقبات تحول دون توفير مستقبل تعليمي أفضل لأطفالها.
أعباء التعليم على الأسر
يقول الدكتور حيدر كريم الجزائري، رئيس الجمعية العراقية للدراسات التربوية والنفسية ومتخصص في علم النفس التربوي لـ “شبكة النبأ المعلوماتية”: يشكل البعد التربوي والتعليمي اهتمامًا بالغًا لدى الأسرة بشكل خاص والمجتمع عمومًا. عادةً ما تستعد الأسر لبداية العام الدراسي بتوفير الاحتياجات الخاصة بأبنائها التلاميذ والطلبة من جميع النواحي، بدءًا من المستلزمات المدرسية، وصولاً إلى تهيئة الأطفال لتغيير عاداتهم اليومية بما يتوافق مع متطلبات الدراسة، مثل تعديل أوقات النوم والاستيقاظ مبكرًا.
غالبًا ما تشكل هذه الاستعدادات عبئًا ماديًا أو معنويًا على الأسر، خاصةً التي لديها عدد كبير من الأطفال، حيث يصعب أحيانًا توفير جميع الاحتياجات اللازمة. إضافةً إلى ذلك، ينبغي على الأسر متابعة سلوك أبنائها في المدرسة ومراقبة أدائهم، والتعاون مع المدرسة لتحقيق الأهداف التربوية والأكاديمية، والمساهمة في التنشئة الاجتماعية وفق القيم الاجتماعية والأخلاقية.
وعليه، فإن مسؤولية الأسرة تكمل دور مؤسسات التربية والتعليم، المتمثلة في المدارس والجامعات، في تربية وتعليم الأبناء.
تأثير التفاوت الاجتماعي على التعليم في العراق
بين الأستاذ ناجح صالح، تدريسي في قسم علم الاجتماع بجامعة بغداد لـ “شبكة النبأ المعلوماتية”: إن العملية التعليمية في الوطن العربي، وخاصة في العراق، عملية معقدة لأسباب متعددة، منها عدم التخطيط المنهجي الواضح. عندما نتحدث عن التفاوت الاجتماعي في العراق وأثره على الفجوة التعليمية بين الطلبة، نجد أن هذا التباين والاختلاف له مردود سلبي على العملية التربوية، مما يخلق مشاعر قد تؤدي إلى الإحباط والفشل بين الطلبة أنفسهم.
فالطلبة الذين ينتمون إلى أسر ثرية تتوفر لهم العديد من الامتيازات، مثل السكن الجيد، والمعيشة المريحة، والملابس المناسبة، بالإضافة إلى الدروس الخصوصية التي يتلقونها. أما الطلبة الذين ينتمون إلى أسر فقيرة، فلا تتوفر لهم هذه الوسائل، مما يثير في نفوسهم مشاعر المعاناة مقارنة بأقرانهم الآخرين. كما أن الطلبة الأغنياء غالبًا ما يغلب عليهم شعور التعالي والكبرياء تجاه الطلبة الفقراء، على الرغم من أن هذه القاعدة قد يكون لها استثناءات حسب البيئة التي نشأ فيها الطالب والتربية التي تلقاها.
إن هذه الفوارق الاجتماعية لا تخلق الشعور بالرضا بين الطلبة في الأجواء المدرسية فحسب، بل تجعلهم منقسمين فيما بينهم، مما يجعل الفجوة التعليمية من الصعب التحكم بها من قبل المسؤولين على التعليم.
في الختام، يمكن القول إن التفاوت الاجتماعي ليس أمرًا جديدًا على أي مجتمع، ولكن ينبغي عند التطرق إلى العملية التربوية أن نكون على قدر من الوعي والثقافة لمواجهة أي طارئ سلبي قد يخل بها.
عبء تكاليف التعليم على العائلة العراقية
أوضحت الكاتبة والاعلامية آمنة الأسدي، مستشارة رئيس مجلس محافظة كربلاء لـ “شبكة النبأ المعلوماتية”: تكاليف المواصلات والملابس المدرسية تمثل عبئًا كبيرًا على ميزانية العائلة العراقية، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة. ارتفاع أسعار الوقود والتنقلات يجعل تكلفة المواصلات اليومية مرتفعة، وبالنسبة للعائلات التي تعيش في مناطق بعيدة عن المدارس، قد تحتاج إلى ميزانية إضافية لتغطية تكاليف النقل.
أما الملابس المدرسية، فهي تمثل تكلفة موسمية يجب على الأسر تحضيرها في بداية كل عام دراسي، بما يشمل الزي الرسمي والأحذية والحقائب. ومع ارتفاع أسعار هذه المستلزمات، يصبح من الصعب على الأسر ذات الدخل المحدود تلبية هذه المتطلبات بشكل مناسب، خاصة مع تفاوت الظروف المادية بين الطلاب.
كل هذه التكاليف تؤثر على ميزانية العائلة بشكل عام، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تراكم الديون والقروض. وتزداد هذه الضغوط مع الحاجة إلى تغطية نفقات أخرى مثل أقساط المدارس الأهلية ودروس التقوية، ما يفرض تحديات اقتصادية كبيرة على الأسرة، تدفعها إلى التضحية بأمور أخرى لضمان توفير التعليم الجيد لأبنائها وتحقيق تطلعاتهم الأكاديمية.
الاقتصاد وتحضيرات العام الدراسي في العراق
وضحت أوراس ستار الغانمي، طالبة في كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة بابل لـ “شبكة النبأ المعلوماتية”: يؤثر الوضع الاقتصادي العام في العراق بشكل كبير على تحضيرات الأسرة للعام الدراسي من عدة جوانب:
1. التكاليف المالية: مع تدهور الوضع الاقتصادي، تواجه الأسر صعوبة في تأمين مصاريف التعليم، مثل الرسوم المدرسية، وأدوات القرطاسية، والزي المدرسي. قد تضطر بعض الأسر إلى تقليل ميزانيتها الخاصة بالدراسة أو تفويت بعض النفقات الضرورية.
2. البحث عن بدائل: قد تلجأ بعض الأسر إلى البحث عن خيارات تعليمية أقل تكلفة، مثل المدارس الحكومية بدلاً من المدارس الخاصة، أو شراء مستلزمات دراسة مستعملة أو من إعادة التدوير.
3. تأثير البطالة: يرتبط الوضع الاقتصادي بمعدلات البطالة. إذا كانت الأسرة تعاني من فقدان الوظائف أو تراجع الدخل، فقد تؤثر هذه الظروف على قدرتهم على تحضير أطفالهم للعام الدراسي بشكل جيد.
4. ضغط نفسي: الوضع الاقتصادي المتدهور يمكن أن يؤدي إلى زيادة الضغوط النفسية لدى الأسر، مما يؤثر على استقرار الأجواء الأسرية وبالتالي على استعداد الأطفال للدراسة.
5. الدعم الحكومي والمجتمعي: إذا كانت هناك برامج حكومية أو مجتمعية تساعد الأسر في تحضير أطفالهم للعام الدراسي، يمكن أن تخفف من تأثير الوضع الاقتصادي. ولكن في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، قد تكون هذه البرامج غير كافية.
بشكل عام، يعكس وضع الاقتصاد العام في العراق التحديات التي تواجه الأسر في تحضيراتها للعام الدراسي، مما يؤثر على جودة التعليم والتعلم لدى الأطفال.
التعليم المجاني ودعمه للعوائل
أوضح الأستاذ عزيز ملا هذال، باحث في التربية وعلم النفس لـ “شبكة النبأ المعلوماتية”: تسهم المؤسسات التعليمية الرسمية في العراق بدعم العوائل عبر تطبيق نظام التعليم المجاني ولكل المراحل الدراسية من المرحلة الابتدائية وحتى مرحلة الجامعة وبذا هي تخفف الثقل الاقتصادي عم هذه العوائل سيما مع كون الكثير من العوائل لا تتمكن من ان تجعل ابناءها يتعلمون لو لم يكن التعليم مجاني ومن هذا الدعم المادي ينتج دعماً معنوياً نفسياً كبيراً يجعل العوائل اكثراً اريحية ورغبة في اكمال ابناءهم التعليم.
نصائح لإدارة المصروفات المدرسية وتخفيف الضغوط المالية
قالت دكتورة وداد الجبوري، مدربة تطوير الذات لـ “شبكة النبأ المعلوماتية”: تواجه الكثير من اولياء الامور مشاكل مادية مع بداية العام الدراسي وذلك لما تحمله هذه الفترة من متطلبات يتوجب على اولياء الامور توفيرها لأبنائهم منها القرطاسية والدفاتر والملابس وغيرها من التجهيزات المدرسية التي يحتاجها الطالب والطالبة وكذلك وأجور خطوط النقل لذلك تعاني كثير من العوائل العراقية من ذوي الدخل المتوسط والبسيط من ارتباك الوضع المادي وصعوبة توفير المتطلبات لذلك نقدم لكم بعض النصائح التي تساهم في حل المشكلة:
1ـ تقسيم الدخل الشهري الى مصروفات اساسية لا يمكن الاستغناء عنها مثل الاكل والعلاج ومصروفات كمالية يمكن الاستغناء عنها مثل شراء اشياء جديدة للبيت .
2ـ رصد مبلغ للادخار مهما كان قليل نسبة للدخل الشهري الا انه ثابت كل شهر يتم ادخاره لوقت الحاجة. وبذلك سيتم الاستفادة منه في ازمه بداية العام الدراسي .
3ـ تهيئة انفسهم لاستقبال العام الدراسي وبتالي كل شيء نتهيأ له نكون مستعدين نفسيا وماديا لحدوثه من اخلال ادراك ان اولادنا وبناتنا مسؤوليتنا نوفر لهم حياة جيدة وجزء من مسؤولياتنا تجاههم هو توفير جو دراسي مناسب لهم .
4ـ العيش ضمن الامكانية وعدم المبالغة بالمصروفات عند التجهيز للعام الدراسي وبالتالي نحن يجب انً نوفر حاجتهم الحالية من الدفاتر والقرطاسية وبمرور الوقت نوفر لهم ما يتم نفاذه وما يتطلبوه لحاجتهم الحالية.
5ـ بعض العوائل التي تعاني من الضغوطات المادية هي التي تصرف اكثر من الحاجة والامكانية لذلك يتطلب اعادة ادارة الاموال بصورة صحيحة .
6ـ حسن ادارة الاموال والتصرف بتوازن تجاه المدخول المادي الشهري ليس فقط يترب الامور ويساهم بحل المشاكل المادية انما ايضا يعلم الطلاب ذلك.
7- بعض المصروفات التي تقع على عاتق اولياء الامور يمكن الاستغناء عنها او تأجيلها لبعض الوقت مثل الاشتراك بدورات التقوية للدروس العلمية قبل بدأ الدوام وقبل معرفة اذا كان الطلبة فعلا بحاجة الى تلك الدورات او لا.
اضف تعليق