حالات داخلية لا يمكن ملاحظتها او قياسها مباشرة، وفي اثناء تفاعل الافراد مع الخبرات التي يتعرضون لها تنشأ الانفعالات فجأة، وهي بنفس الوقت تتصف بعدم القدرة على التحكم فيها، لايمكن بسهولة اصدارها او كفها. لذا نستطيع ان نستنتج ان الانفعالات هي حالات داخلية تتصف بجوانب معرفية خاصة...

عقد مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث، ضمن النشاطات الفكرية المتواصلة لملتقى النبأ الأسبوعي حلقته النقاشية الشهرية، تحت عنوان (التفكير الانفعالي ومخاطر التضليل الجمعي)، وذلك في 25-5-2024، بمقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، وحضر الحلقة مجموعة من العاملين في المراكز البحثية، والأكاديميين، والإعلاميين، بالإضافة الى المشاركات المقدمة عبر المنصات الرقمية.

 وقد قدم الباحث في المركز محمد علاء الصافي ورقة بحثية جاء فيها:

لو اردنا تعريف التفكير بمعناه السيكولوجي لوجدنا ان "باريل" يعرف التفكير بمعناه البسيط، بأن التفكير يمثل سلسلة من النشاطات العقلية التي يقوم بها الدماغ عند تعرضه لمثير ما، بعد استقباله عن طريق احدى الحواس الخمس، اما معناه الواسع فهو عملية بحث عن المعنى في الموقف او الخبرة. ومن خصائص التفكير ايضا كما اورده (جروان):

- التفكير سلوك هادف، فهو لا يحدث في فراغ او بلا هدف. وانما يحدث في مواقف معينة.

- التفكير سلوك تطوري يتغير كما ونوعا تبعا لنمو الفرد وتراكم خبراته.

- التفكير الفعال هو التفكير الذي يوصل الى أفضل المعاني والمعلومات الممكن استخلاصها.

- التفكير مفهوم نسبي فلا يعقل لفرد ما ان يصل الى درجة الكمال في التفكير او ان يحقق ويمارس جميع انواع التفكير.

اما الانفعال او الانفعالات فتعرفه ادبيات علم النفس بانها حالات داخلية لا يمكن ملاحظتها او قياسها مباشرة، وفي اثناء تفاعل الافراد مع الخبرات التي يتعرضون لها تنشأ الانفعالات فجأة، وهي بنفس الوقت تتصف بعدم القدرة على التحكم فيها، لايمكن بسهولة اصدارها او كفها. لذا نستطيع ان نستنتج ان الانفعالات هي حالات داخلية تتصف بجوانب معرفية خاصة، واحاسيس، وردود افعال سيكولوجية وسلوك تعبيري معين، وهي تنزع للظهور فجأة ويصعب التحكم فيها. ويضم التفكير الانفعالي ثلاث حالات هي: القلق، الغضب والعدوانية، والابتهاج.

التفكير الإنفعالي أو "التفكير العاطفي" هو نتيجة الظروف السيئة التي يمر بها الإنسان خلال حياته اليومية، أو أثر أحداث حدثت له في ماضٍ قريب أو حتى بعيد. مما يجعل الشخص يقيس ويتوقع أحداث مستقبلية متشائمة ليست لها علاقة بالواقع. إذن التفكير الإنفعالي هو يجعلك تفكر بطريقة سوداوية وأكثر سوءاً مما قد يحدث معك، بالتالي ستأخذ عدة قرارات متسرعة ومبينة على العواطف ليس على العقل، والنتائج معظم الأحيان تكون وخيمة.

التفكير العاطفي له تأثير ضار خطير على صحة الانسان حيث انه يدمر القدرة على التفكير الإيجابي.

لو قارنا بين ما يجري في مجتمعاتنا وبين ما يجري في المجتمعات الغربية، لوجدنا ان المجتمعات هناك تناقش اعقد القضايا المصيرية بدون انفعالات او توتر او مشاحنات وينتهي بالتالي الى اقرار صيغة مشروع او رؤية مستقبلية لقضية مصيرية باتفاق الاطراف المختلفة في وجهات نظرها، وهو ما لم ولن يكون في مجتمعاتنا العربية او برلماناتها او حتى مؤسساتها العلمية او مراكز الدراسات الستراتيجية فيها، على الرغم ان معظم ابناء مجتمعاتنا يتسمون بسمات الجمعية في التعامل وأن الشعور بالرضا عن النفس مقترن –على الارجح– بالشعور بأنهم في تناغم مع رغبات وأماني الجماعة التي ينتمون اليها ووفائهم بكل ما تتوقعه الجماعة منهم.

 وهم في ذلك يختلفون تماما عن السائد في المجتمعات الغربية التي تعلم ابناءها على السلوك الفردي وتحقيق اهدافهم الشخصية التي تمثل نجاحا وانجازا للفرد نفسه، لذا يجاهد الناس بغية الاحساس بالرضا عن أنفسهم، وتمثل النجاحات الشخصية والضمانات التي تؤكد هذه الخاصيات الايجابية عنصرا مهما لتوليد هذا الاحساس بالرضا والرفاهية كما يقول "ريتشارد نيسبت" في كتابه جغرافية الفكر.

ان قبول فكرة جديدة او رأي متجدد قد لا يلقى القبول في مؤسساتنا العلمية منها او الفكرية او حتى الاعلامية فضلا عن مؤسسات الدولة.

نلاحظ في كثير من القضايا عند النقاش فيها حتى البسيطة منها وعلى جميع المستويات، سرعان ما يعلو الصوت ويرتفع الصراخ وتلوح الايدي وتتصاعد الاتهامات المتبادلة بالتشكيك في الثوابت والتطاول على المقدسات وتنفيذ مخططات غربية تدفع الامة للخلف او للغرب، نقاش لفكرة او لخصخصة الاقتصاد او لإجراءات فعالية معينة أو تشريع قانون في البرلمان وغير ذلك من القضايا المهمة، قد يتحول الى مباراة في نبش الاوراق والاجتزاء من اقوال صدرت عن ثقاة قدامى او محدثين، ويلتهب الجدل حول نزاهة وشرف وتاريخ ونوايا القائل بهذا الرأي او ذاك، وفي خضم هذا وذاك الضجيج تضيع القضية الاصلية المطروحة للنقاش بحيث لا يستبين القرار الصحيح بشأنها.

اما في مجتمعات الغرب الذي يشكل ثلثاه اختلاف في الاراء والمواقف الخاصة ولكن ما يزيد على التكامل في اتخاذ القرار في الاتفاق وبقول "نيسبت" (عالم نفس اجتماعي)، ان في المجتمعات الديمقراطية غير الشمولية يؤمن الناس بضرورة ان تنطبق القواعد والقوانين نفسها على الجميع، ينبغي عدم استثناء احد ليلقى معاملة خاصة بسبب صفات شخصية او روابط وعلاقات خاصة تربطه بأشخاص مهمين ذوي حيثية، العدالة عمياء لا تميز بين شخص وآخر، وهو سلوك يتعلمه الفرد في الثقافات التي تنبذ الانظمة الشمولية او الانظمة الدكتاتورية، حيث يبدأ التدرب على الاستقلال وطرح الافكار بدون خوف او محاباة لاحد، ويلقى الاطفال تشجيعا دائما وبأساليب صريحة على الاستقلال ويطلب الاباء والامهات من اطفالهم دائما اداء اعمال اعتمادا على انفسهم فقط، ويسألونهم دائما ان يحددوا اختياراتهم بأنفسهم.

هناك فجوة كبيرة اذن بين فكرين مختلفين، تبعات الفكر الشمولي ونتائجه حتى بعد الزوال ليس في كل المنطقة او بقاع العالم الاخرى، وبين الفكر الديمقراطي المتفتح الذي يقول الفرد ما يريد ويكتب بدون خوف او رياء او محاباة لشخص ما بعينه، فكانت النتائج سلبية ومتباينة بدأت من تربية الاطفال وهم صغار في اتخاذ القرار بدون تدخل الاب او الام وانتهاءا الى تشكيل القيم الاجتماعية، فالاستقلالية قيم متعلمة من قيم المجتمع الذي نشأوا فيه، اما الصراخ والعويل والتشكيك فهي ايضا سمات مكتسبة متعلمة من المجتمع.

 وكذلك ما يطرح من جديد هي سمة ظلت لصيقة في معظم المجتمعات التي عاشت وترعرع فيها الفكر الشمولي ورسخ قيم جديدة خاطئة ثبتت في عقول اجيال، وتعلمت الاجيال ان تأخذ النتائج ولا يعنيها اساسا غير النتائج، لذلك تركت الحوارات الهادئة والمناقشات العلمية التي توصل اصحابها الى مقاربات في الفكر، لذا كانت تمثل الاقتراحات، اراء السلطة وحزبها، على عكس ما يدور في المجتمعات المنفتحة على الديمقراطية حيث يعرف الفرد ما يريد، ولديه فكرة واضحة عما هو ملائم ليأخذه او يقرر مع الاخرين وصولا الى اتفاق حول قضية ما او مشروع ما او قرار ما، وهذا يتم عادة بمناقشات هادئة وربما قصيرة وفي الصميم تحاشيا لتضييع الوقت وصولا الى الهدف.

 ولنا ان نقول قدر المستطاع ان هذه الفوارق في التفكير والمناقشة والحوار هي التي جعلت الغرب متفوقا في الفوارق المعرفية واساليب ادارة البشر والأزمات بنتائج ناجحة بدون أدنى شك، على العكس من ذلك في مجتمعاتنا حيث تضيع فيه ابسط قضية من خلال تشكيل عدة لجان لدراستها، وطالما تشكلت اللجان ضاعت القضية.

قد يكون من العقل حينما نبحث عن أحوال عالمنا العربي والاسلامي أن نتساءل ما الّذي يمكن أن يؤثّر فيه ويغيّره؟ كيف يمكن أن يتحسّن وما الّذي أدّى به إلى هذا الانهيار؟ فإن كان الخلل في الحكومات فأين الشّعب منها؟ وإن كان الخلل في الشّعوب فما الّذي يمكن أن يحرّكها نحو الأفضل؟ لماذا ثارت الشّعوب العربية فيما يُسمّى بثورات الرّبيع العربي؟ ولماذا فشلت تلك الثّورات؟ لعلّ الإجابة على هذه الأسئلة تحتاج عشرات البحوث في جوانب عدّة ليفهم الوضع ويفسّره، ويقدّم الحلّ إن كان ذلك ممكنا. لكنّ المؤكّد أن جزءا من ذلك الحلّ يكمن في دراسة نفسية الشّعوب العربية، ما الّذي يحرّك هذه الشّعوب وما الّذي يؤثّر فيها؟ ما الّذي دفعها للثّورة وما الّذي دفعها للسّكوت والخنوع؟

من الخصائص المهمّة للجماهير حسب لوبون هي تلاشي شخصية الفرد الّتي تميّزه حينما يكون جزءا من الجمهور، فلا ذكاؤه سينفعه ولا علمه سيمكّنه من اتّخاذ قرارات منطقية سليمة. فالفرد حينما يصبح جزءا من جمهور ما فهو يتحمّس لأفكار بسيطة نتيجة التّحريض والعدوى للعواطف والأفكار، وقد يفعل أمورا لا يمكن أن يفعلها إن كان وحيدا، كالتّحطيم والقتل، وكالتّضحية في سبيل الهدف دون خوف من الموت. تحدّث لوبون كثيرا عمّا سمّاه العاطفة الدّينية، وهي ما أشعلت الانتفاضات الكبرى كما أدّت إلى تغييرات كبيرة، وهذه العقائد الدّينية ليست فقط دينية تخصّ دينا معيّنا، بل قد تكون بطلا أو فكرة سياسية تسيطر على الجماهير. وهذه العاطفة تملك قوّة مخيفة تجعل الجماهير تخضع لها خضوعا أعمى، فتمضي بعزم لحماية تلك العاطفة كما تعتبر كلّ من يرفضها عدوّا.

للاستفادة من تعليقاتكم واراءكم حول الموضوع نطرح السؤالين الاتيين:

السؤال الاول: كيف يساهم التفكير الذي تصنعه المشاعر الانفعالية في تراكم الأوهام في المجتمعات وتدمر حالة الوعي بالواقع؟

السؤال الثاني: ما هي عناصر التحليل الفكري التي يمكن ان تصنع قواعد رصينة للوعي وفهم الواقع؟

المداخلات

التثقيف الافقي والتثقيف العمودي 

- الكاتب علي حسين عبيد:

ان في اختيار هذه المواضيع يدل على أهمية المراكز ويدل على حاجتنا كمجتمع بالدرجة الأولى وكأفراد في مناقشة هكذا مواضيع نخبوية ونحن بحاجة الى توعية الجمهور ونعمل على التثقيف الافقي الواسع للجماهير، وبنفس الوقت نحتاج ان نعمل على التثقيف العمودي النخبوي، وهذا الموضوع مزدوج أي ان الفكرة المطروحة مزدوجة وان الازدواج في هذا الموضوع أولاً هو ان النخبة تحتاج الى ان يكون لديها تفكيرا بعيدا جداً عن الانفعال وان يكون عميقا وموضوعيا ودقيقا، لان النخبة هي المؤثرة على الطبقة الواسعة الجماهيرية، وفي نفس الوقت هكذا مواضيع يحتاجها الفرد والجماهير بشكل واسع وخصوصاً بالعراق نمر بتحولات كبيرة ومهمة جداً بتاريخ العراق وبطبيعة المجتمع العراقي لديه جذور ثقافية وامتداد بتفكير واسع وقوي وان المجتمع العراقي لم يأتي من فراغ وهذه القضية تدعم التفكير وابتعاد المجتمع بشكل عام عن الانفعال في تحديد رأي معين، فالانفعال يقود الجميع الى أوهام وهذه مشكلة نعاني منها وان المواطن العراقي اذا نبحث في نفسيته نجده سريع الانفعال ويطلقون عليه بالعامية "دمه حار" وفعلاً هكذا وايضاً نلاحظ الدول والشعوب التي تحيط بالعراق لديها نوع من الهدوء والبرود في التعامل مع اعقد المشاكل اما في العراق ان ابسط مسألة تتحول الى صراع وعنف وقتال واذا كان لا يوجد عنف وقتال فالأصوات ممكن ان تكون عالية جداً ومنفعلة وهذا يشكل إشكالية كبيرة.

 لذلك نحن بحاجة الى نخبة مثقفة تبدأ اولاً بتثقيف نفسها وتعرف كيف تفكر وتحتاج الى الكثير من العمق بالتفكير وبنفس الوقت لابد ان تعمل هذه النخب بشكل جماعي وتعمل على نشر هذه الطريقة من التفكير الهادئ والعميق بشكل افقي أي تحاول ان تأثر بالجماهير بحيث تخلق طريقة تفكير جديدة تبعد الجماهير الواسعة عن التسرع والانفعال والاوهام. 

التضليل الإعلامي أخطر من الحروب التقليدية

- الكاتب والاعلامي خليفة التميمي:

من المعروف ان التفكير يكون على نوعين تفكير منطقي وتفكير انفعالي، والتفكير المنطقي هو الذي يبحث على الدليل ومنه يتفرع التفكير الناقد والتفكير السيبراني إضافة الى أنواع أخرى، اما التفكير الانفعالي فهو الذي يصدر من انفعال الفرد، والفرق بينهم هو ان التفكير المنطقي يبدأ من التأمل ثم دراسة الحالة ثم جمع الاحداث وثم التقرير عن الحدث ومن ثم الفعل بينما التفكير الانفعالي يبدأ من الفعل بدون تأمل وان ابسط الاحداث التي نراها مثلاً الاعلام والكاميرا الخفية نلاحظ بوجود شعور معين ان الأوربي ينظر الى برنامج الكاميرا الخفية مثلا لا يستفزه لان لديه معطيات أساسية ولا يراد به ضرر لهذا السبب يتأنى وبالتالي سيصبح موقفا طريفا ومضحك، اما بالنسبة للعربي فينفعل مباشرة اذا سمع خبر معين ويتخذ رد فعل على أساس الخبر وقد يكون الخبر لا يتمتع بالمصداقية، وان التضليل الإعلامي في الفترة الأخيرة اتخذ منحى اكثر من الحروب التقليدية استعانوا بمراكز ومراصد اجتماعية واعلامي وقاموا بدراسة الحالات ومتابعتها وتقيمها كل ثلاث سنوات، ان الاعلام دائماً يستند على السياسي ويختلف عن الإعلام لترويج سلعة معينة او الإعلام الذي يقدم الحقيقة الصادقة، وهذا الاعلام ينبني على نظريتين اما ان يبنى على المنطق بموجب التحليل والتركيب، واما ان يبنى على التشهير والتسقيط فالدول المتقدمة تستخدم جزء من الحقيقة وتحاول ان تعيد صياغتها وتقدمها على شكل حقائق وان اكثر المشاكل والصراعات التي تحدث في الدول العربية بسبب انصاف الحقائق، ان المنهاج واضح والشعب يريد الكفاف من الحاجات الأساسية يريد الأمان والصحة وتحقيق الذات والمشاركة الاجتماعية ويريد اعلام هادئ فالمفروض ان نتوجه على ان القيادات بنفسها هي التي تخلق التغيير وليس الشعب لان الشعب من الممكن ان يسير على الوهم وعلى الذي ييسر له الأمور ونحن بحاجة للعمل على المستقبل.

ادارة التفكير الانفعالي

- الشيخ مرتضى معاش:

جحا من الشخصيات التاريخية الطريفة وفي يوم من الأيام كان جائعاً فذهب الى بيت أحد الأغنياء وطرق بابه فطلب منه طعام فقام الغني بطرده، فأراد جحا ان ينتقم منه فقال لاحد الأشخاص الطفيليين هناك وليمة في بيت الغني ومن ثم ذهب جحا وبعد فترة من الزمن رأى مجموعة كبيرة من الناس تركض فسألهم لماذا تركضون فأجابوه ان الغني الفلاني اعد وليمة ففكر جحا وقال من الممكن ان يكون ذلك صحيحا وبدء يركض معهم مصدقا اكذوبته التي أطلقها بنفسه، فهذا تعبير عن مفهوم التضليل الجمعي الذي يطلق عليه سلوك القطيع. 

الانفعال حالة طبيعية لدى الانسان وان الانسان يتكون من النفس والعقل وهما يتفاعلان مع الواقع الخارجي وكل شيء يصدر من هذا التفاعل يسمى الانفعال ويستقر في قلب الانسان فاذا كان عقله اقوى من مزاجه النفسي تكون انفعالاته ناضجة، واذا كانت نفسه المزاجية اقوى من عقله وبحسب المراتب المختلفة تكون انفعالاته فوضوية وهائجة وتضليلية وتتركز في حاضنة الأوهام في معتقداته، فكلما يبتعد عن العقل ويذهب باتجاه النفس تصبح أفكاره أوهاما، وكل المجتمعات والشعوب والافراد تعيش هذا الانفعال الذي يسيطر عليه الشهوات والرغبات والانانية والاماني بعيداً عن التعقل، لذلك تكون هذه الأفكار هي تحيز ذاتي متمحور حول الذات بعيد عن الواقع بحقيقته، ومن هنا يصدر الوهم عند الانسان وكلما اصبح الوهم حقيقة في ارض الواقع ستتراكم الأوهام الى ان تصبح هي الحقيقة، كما نلاحظ ذلك في بناء الصور النمطية والأفكار النمطية حيث ان كثير من الحقائق الموجودة هي مجرد أوهام لكن هي عند الناس حقائق.

فالإنسان تتحكم به ثلاث أشياء من ناحية الانفعال الذي يصل به الى التفكير الانفعالي التضليلي او الوهمي، وهي الخوف والرغبة والاشباع، فالإنسان دائماً خائف وهذا الخوف عندما يسيطر عليه سيجعله يفكر بطريقة معينة ودفاعية، اما الرغبة فهي الاماني والاحلام والطموحات فهذه كلها تمنيات وقال الامام علي (ع): (الأماني بضائع النوكى –الحمقى-، والآمال غرور الحمقاء)، وهذه الرغبات هي التي تدفع الانسان ليعتقد بهذا الامر ومن ثم يذهب نحوه، اما الاشباع فهو الحاجة الى تقدير الذات والاحترام والغنى والشهرة والسلطة والمنصب التي تشبع نفس الانسان، فهذه الثلاثية هي التي تتحكم به وتؤدي الى تراكم الأوهام.

وقد استعانت الشركات الغربية بعلماء النفس من اجل التلاعب بالعقل الباطن وان العقل الباطن هو المركز الذي يدير المعرفة غير المرئية لدى الانسان وغير الواعية سواء كانت حقائق او أوهام، فيتلاعبون به ويثيرون الرغبات والغرائز والشهوات وتؤدي بالنتيجة الى ترسيخ الصورة النمطية، والعنصرية مثال على ذلك.

 وفي الآية القرآنية

، وقوله تعالى: ، وهذا مصداق واضح وهو تضليل جمعي.

 والنقطة الأخرى ولتكون لدينا معلومة ان هذا التفكير الانفعالي والتضليل الجمعي عادةً ما يصف في مصلحة السلطة يعني الأمم الحرة والأمم المتقدمة وأصحاب الحضارة لا يميلون الى هذه الأمور او الانحناءات التي تكون غير مضمونة العواقب وانما صاحب السلطة او المستبدين هم من يحاولون جر المجتمع الى هذه الأمور والدليل ان فرعون الذي وصل الى مرحلة ان يطالب المجتمع او الأمم التي تحته بعبادته ويقول لا اريكم حتى أرى وهو كله باطل.

والذي يساهم في هذا التفكير عدة أسباب منها التأثير العاطفي القوي هذه المشاعر الانفعالية مثل الخوف والغضب يمكن ان تؤثر بشدة على تفسير الافراد للحقائق التي تحدث لان تتبعهم العاطفة والعاطفة غالباً منفصلة عن التفكير المنطقي او التفكير بالعقل، النقطة الثانية هو التحيز التأكيدي وهو جداً خطر والتحيز التأكيدي معناه ان هذه المشاعر الانفعالية عندما تسيطر على الافراد دائماً يميلون الى الاعتقاد والتصديق بما يؤكد عقائدهم او أفكارهم المصدقة بدون التفكير المنطقي الذي يقودهم الى الحقيقة والتي تكون في خضم التفكير الانفعالي والتضليل الجمعي والنقطة الثالثة بالنسبة للسؤال الأول الاستقطاب الاجتماعي وهذا يؤدي الى انقسام المجتمع الى جماعات وكل جماعة تفسر هذه الحقيقة وفق رؤيتها او تعتقد ان هذا استهداف شخصي لها لذلك ستبني تصرفاتها وفق معتقداتها الخاصة او ثقافتها وافكارها الخاصة فهذا يؤدي الى تقسيم المجتمع الى عدة جماعات، والنقطة الأخرى هي انتشار الأخبار الزائفة وهذه جداً خطيرة في التضليل الجمعي وان السلطة هي التي تحفز على هذه الأمور يعني تبث هذه الاخبار الزائفة مستندة على تأثير المشاعر الانفعالية لذلك يصبح الافراد عرضة لتصديق أي اخبار بغض النظر عن المصداقية، والنقطة الاخيرة هي تضخيم الاحداث يعني في ظل كل النقاط السابقة ستكون هناك تضخيم في المشاعر والاحداث وفي العواطف والاوهام والتي تقود الى التضليل الجمعي.

 بالنسبة الى السؤال الثاني منطقياً مستندة على عدة طرق او وقائع منها استخدام المنهجية العلمية التي هي قائمة على الملاحظة والتجربة والتحليل العلمي الذي هو ببساطة يفصل الحقيقة عن الوهم مثل المختبر عندما يذهب عالم ليتأكد من نقطة يعتمد على هذه المنهجية حتى يصل الى الحقيقة يفصل الزائف عن الحقيقي، النقطة الثانية التفكير النقدي القائم على تبادل الأفكار وطرح الأفكار والأدلة المنطقية حتى ان نصل الى نتيجة منطقية بالإضافة الى التواصل الفعال وهذا تقوم به عادة الدول المتحضرة ان يكون تواصل بين صناعة القرار على سبيل المثال وافراد الشعب لإيصال الحقائق والأفكار المنطقية ولا يكون هناك قطع او تغذية عكسية أي بدل من ان تغذيهم بالوهم تغذيهم بالحقيقة وهذا يبني ثقة بين الشعب والسلطة، والنقطة الأخرى التي هي التحليل التاريخي والاجتماعي وهذا نفهم سياقات الاحداث وفق قراءة الاحداث التاريخية والاجتماعية التي سبقتنا والتجارب السابقة هذا سيكون قاعدة لبناء تفكير منطقي وسليم، والنقطة الأخرى هي تنوع المصادر حتى يكون هناك اكثر من مصدر للمعلومة حتى لا تكون فقط السلطة حصرية بتزويد الاخبار التي من الممكن ان تعتمد على التزييف والتضخيم والوهم والانفعال فتنوع المصادر يمكن ان يساهم في زيادة التحليل الفكري للوصول الى قواعد رصينة للوعي، واخيراً الوعي بالتحيزات الشخصية وهذه النقطة ايضاً جداً مهمة الانسان يجب ان يعرف كيف يفكر تفكير سليم بعيداً عن الحزازات الشخصية او الميل المعتقد او اتجاه معين يؤمن به والتفكير دائماً بعيداً عن التحيزات الشخصية يبني أفكار رصينة معتدلة وحتى تفكير منطقي بعيداً عن التفكير الانفعالي والتضليل الجمعي.

التدين المجتمعي والتدين المعرفي

- الباحث حامد الجبوري:

التفكير الانفعالي في مجتمعاتنا بالغالب هو بسبب التدين المجتمعي لا التدين المعرفي واكيد التدين المعرفي يختلف عن المجتمعي لان التدين المجتمعي قائم على مذهب المجتمع فأنساق وراء المجتمع دون بحث وتقصي لهذا التدين حتى يكون تدين حقيقي نابع من القلب إضافة الى الجانب العقلي وان التدين المجتمعي هو أدى الى التفكير الانفعالي ومن ثم الى التضليل الجمعي والدليل على ذلك ان واقع مجتمعاتنا مجرد ما تلاحظ انسان مفكر ام عالم بتخصص معين ويطرح أفكار مخالفة للسائد يتم اتهامه بعيدا عن تخصصه ويعتبر منحرف عن التدين من دون النظر الى قيمه الفكرة المطروحة، حيث ننظر له من جانب المعتقد، اذ ان التدين المجتمعي أدى الى الحكم من خلال التفكير الانفعالي تجاه العالم صاحب الفكرة المطروحة.

نحن نحتاج الى كسر هذه الدائرة حتى نحقق نوع من التفكير المجرد، فلكل انسان الحق في طرح الاختلافات في إطار الحوار والنقاش التي تؤدي الى معرفة الحقيقة.

نشر الوعي والثقافة

- الكاتب محمد علي جواد تقي:

الانفعال في مقابل الغضب إزاء أي حركة او موقف يتعارض مع فكر او رؤية الانسان وبالتالي يتحول الى رد فعل.

الغضب مغروس في داخل الانسان، وهو من القوى الشهوية لديه، ومن الممكن ان تتوجه الى الأمور السلبية، لكن من الممكن ان تتوجه الى جانب إيجابي ايضاً.

الجهل المعرفي والضغوط النفسية وقلة الوعي يؤدي الى الانفعال بأساليب مختلفة ومنها اللجوء الى العنف والتسقيط، وحل هذا الامر يعتمد على نشر الوعي والثقافة والمعرفة.

الخوف والحب

- الباحث حسين علي حسين عبيد:

قوله تعالى (وكان الانسان عجولا)، ان الانفعال حالة شعورية متسرعة لا تسمح للإنسان بالتفكير بعقلانية فتضيع عليه الأفكار الصحيحة ويكون ضحية التفكير الانفعالي الخاطئ، فمن خلال هذه السلوكيات تتراكم الأوهام في الفرد والمجتمع وتمنعه من الوصول الى الوعي.

كما ان التفكير يعتبر رد فعل معين، وبوابة للسلوك الإنساني. ومن عناصر التحليل الفكري في علم النفس اثنان هما (الخوف والحب)، الأول يعني ان سلوكيات الانسان تعتمد على مدى خوفه من الوضع، اما الحب فيعني مدى تعلق وحب الفرد بالموضوع الذي يقوم به، طبعاً هذين العاملين سيبنيان تفكير الانسان وصولاً الى بناء الوعي لدى المجتمع.

التصدي للدعاية المضادة

- الكاتب السيد علي الطالقاني:

التفكير الانفعال نتيجة لعملية التضليل الجمعي إذا ما تم اخذه من الجانب السياسي، فعملية ممارسته تتم من خلال دول وليس افراد، وعملية تسخير التفكير الانفعالي تمت ممارسته من قبل هذه الدول عبر التاريخ لخدمة اغراضها ومصالحها الخاصة كالألمان والاتحاد السوفيتي السابق وفرنسا وكذلك الولايات المتحدة الامريكية خصوصاً في الشرق الأوسط، من خلال البروبوغاندا الدعائية والاخبار الزائفة والضغوط النفسية وغيرها، والهدف منه تضليل الجماهير وابعادها عن الحقيقية والسيطرة عليها.

ان مهمة مجابهة هذا الامر يقوم على عاتق النخبة المثقفة ومراكز الدراسات ووسائل الاعلام، فهي من تتولى مهمة التصدي لهذه الانحرافات والدعاية المضادة، ومساعدة صانع القرار في القيام بدوره الحقيقي والتي ما زال دورها ضعيف خصوصاً في بلدنا.

الفتن قرينة للسلوك الانفعالي

- الدكتور حميد مسلم الطرفي:

الموضوع في غاية الأهمية كونه يتعلق بما يعرف بالعقل الجمعي الذي يغير مسارات شعوب وتغيير حكوماتها بل ويعرض أسس دولها للخطر. 

فكما قال امير المؤمنين علي (عليه السلام): (الناس ثلاث، عالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة وهمج رعاع ينعقون وراء كل ناعق)، والقسم الثالث هم مادة الخطر القابلة للانفعال والهيجان بمحرك خفي أو ظاهر. وللأسف ففي كل شعوب الأرض فان هؤلاء هم الاغلبية لذا جاءوا بالحديث الشريف على هيئة الجمع في حين كان القسم الاول والثاني على هيئة المفرد. الانسان مجبول على ان يهتم بمعيشته من لباس وأكل وشراب وسكن أما الأمور اللطيفة من فكر وفلسفة ومثاليات فهي في آخر قائمة اهتماماته. كيف نغلب الفكر والسلوك العقلاني على السلوك الانفعالي؟ أظن ان ذلك يعتمد على قيام القسم الاول والثاني بواجباتهم، فالعالم الرباني إنما سمي كذلك لأنه يستطيع ان يربي بعلمه وثقافته وفكره فيكون قائد ورائد وشجاع في إظهار الحقائق لأكبر قدر ممكن وعدد ممكن من الهمج الرعاع. وكذلك المتعلمون ان يفصحوا بآرائهم قبل وأثناء اندفاع السلوك الجمعي الضار فتلك مسؤولية دينية ووطنية فقد ورد عن الرسول محمد صلى الله عليه واله :(إذا ظهرت البدع في أمتي، فليُظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله)، وقد تكون البدع قرينة للفتن وتلك قرينة للسلوك الانفعالي. أخطر ما في السلوك الجمعي الانفعالي ان يكون مدبراً من عدو يمهد له بمعلومات مضللة لمدة معينة ويغرس تلك المعلومات في العقل الباطن للأفراد ويختار اللحظة التي يفجر بها تلك المعلومات بما يجعل من الصعب جداً السيطرة على هذا السلوك. 

أخيراً أقول ان الشعب العراقي يتعرض لحملة منظمة وبماكنة إعلامية ضخمة وموجهة لهذا النوع من المعلومات التي تحجب عن المتلقي أي منجز إيجابي بعد 2003 من خدمات او طريقة عيش او بحبوحة حرية أو اقتصاد، كل ذلك لزراعة الاحباط في نفوس العامة وفي لحظة معينة توجيه هذا الإحباط على شكل سلوك انفعالي قد يهدم السقف على رؤوس من يستظل به.

ليس هناك حلول وسطية

- الباحث صادق الطائي:

في نهايات القرن التاسع عشر، بدأت الجماهير الفرنسية تصرح في تظاهراتها وتهتف ضد الدين والاخلاق اي ضد الكنائس ورجال الدين المسيحين لاسيما في الشوارع والمراكز المهمة في البلاد الفرنسية.

البعض كان يسميه بعصر الفوضى والبعض كان يسميه بعصر التنوير والعقلانية، في هذه الظروف طرح غوستاف لوبون فكره وكتابه الشهير سيكلوجية الجماهير حيث طرح مجموعة افكار، كلها تصب وتتفرع وتساهم في (ان الانسان بالمجمل يكون مثل المنوم مغناطيسيا لا يعرف بالضبط ماذا يفعل).

الكاتب غوستاف لوبون مفكر وطبيب نفسي حيث ان جميع افكاره جاءت على شكل وصفات طبية مثلا يقول النظام المستبد أفضل بكثير من النظام الذي يعطي بلا حساب، الجماهير تكون أقوى مما يحمل من أفكار وقيم ومنطلقات فكرية وسلوكيات حياتية يمارسها باستمرار، ويمكن ان نطرح مثال بسيط ومكرر، لا رفض فيه او نقاش هو عندما يجلس الفرد في ملعب كرة القدم يسب ويمدح ويكره ويشجعّ فريق ويؤدي افعال وتصرفات بدافع (الحضور والعقل الجمعي) عندما يشاهد نفسه (خارج الملعب) يتعجب من هذه التصرفات، اي ان العقل الفردي يذوب امام العواطف الجماعية، الفيلسوف امام الجماهير الجاهلة يضيع ويتحول الى مجرد لا شيء اي ان عدوى الجهل هي اللغة الحاكمة، وهي التي تقود الموقف والكثرة في الافراد هي القياس.

خمسة افراد يرفعون شعار مشترك واحد، يؤثرون في الفرد لان الحاكم هو المجموع وأن كان جاهلا أو غبيا، هنا يقدم نصيحة او فكرة هي ان القائد يمكن له ان يرفع شعار العنف والعنجهية في المجموع او يخفف ذلك من خلال شعار جداً عادي، ليس هناك حلول وسطية إما تأييد كليا او رفض كليا ولا توجد

منطقة بين المعسكرين. ولعل تجربة (الربيع العربي) كانت تسير وفق هذا من تحرك وعنفوان شديد، الى سكوت وخنوع واضح.

الدولة التي تشكل المؤسسات فيها عنصر فاعل وموثر، تمثل قواعد رصينة تقف امام (المؤامرة -التغيّر–المهزلة).

نظرية التشارك الجمعي

- الاستاذ عباس الصباغ:

الانسان كائن اجتماعي لامناصّ عنه من التواشج والتفاعل والاندماج مع المجتمع سواء سلبا او ايجابا ولابد لهذا الكائن من ان يعبّر عن رأيه، وهذا الرأي (الجمعي) يعطيه القوة والاندفاع للفعل والتعبير وبمعنى اخر "الشجاعة" لارتكاب افعال لايستسيغها إن كان بمفرده، فهذا الجمع يفسّر نظرية التشارك الجمعي (وليس الفردي او الاحادي) في الافعال وابسط مثل على التفكير الجمعي السلبي والمنفعل والتفكير الانفعالي ومخاطر التضليل الجمعي ما يحصل (وقد حصل فعلا) في التجمعات الغاضبة ضد السلطات (التظاهرات) وهي ابسط تحرك قانوني "سلمي" للتعبير عن الحريات بشرط كفالتها دستوريا واجتماعيا واخلاقيا كما حددتها المادة 38 / من الدستور العراقي الدائم بقولها (وينظّم ذلك بقانون) يتناسب مع الواقع الدستوري والاجتماعي للشعب العراقي أي ان الفعاليات التي توجب التعبير عن الرأي تكون مشروطة بشروط قانونية واخلاقية وعرفية ضابطة، وهذا الاشتراط الدستوري (والاخلاقي) لم يكن موجودا في اغلب فعاليات حركة تشرين فخرجت عن القانون والعرف واقتربت في الكثير من ممارساتها من الممارسات الشعبوية والعشوائية بل والبدائية، كما اشرت الى ذلك في سلسلة مقالات لي نشرتها الكثير من الصحف العراقية تحت عنوان (ماذا بقي من تشرين؟)، وانا ارى ان ثورة تشرين لم تحقق اهدافها بسبب الأخطاء القانونية والدستورية التي وقعت فيها سواء سهوا ام عمدا، وانا كنت شاهد عيان على ذلك، وبعد عقود من قمع الاصوات والكبت الذي مارسته السلطات المتعاقبة، لاسيما النظام الديكتاتوري الصدامي المباد وكان العراقيون يأملون خيرا ولاول مرة من حراك شعبي يخرجهم من واقع الكبت الذي عاشوا فيه لعقود طوال ولكن..

اما بخصوص الكارثة التاريخية التي تسمى بالربيع العربي الذي لم يكن ربيعا اخضر بالمعنى الحرفي للكلمة بل كان شتاء قارسا مدلهمّا سبب الاخطاء السيا/طائفية الفادحة التي وقعت فيها بعض الشعوب العربية التي انبهرت بشعارات "الربيع" الطائفية الرنانة والتي كانت مغلفة بالمحتويات التكفيرية الاقصائية والبعيدة كل البعد عن الواقع العربي المكتظ بالمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية ولم يكن هذا "الربيع" بعيدا عن واقع نظرية المؤامرة التي تهدف الى زعزعة الاستقرار في ربوع العالم العربي وقد حصل هذا الامر فعلا، مثال على ذلك سوريا التي دفعت الثمن باهظا، فكان من نتائج هذا الحراك الذي سمّى مجازا بالربيع ان انبعثت داعش من مكامن التكفير والاقصاء والارهاب الممنهج والتهميش لشعوب عربية اخرى لم تشهد فصول مسرحية هذا الربيع وكانت ذات توجه طائفي وعقائدي مختلف وتغولت بسبب ذلك الانفعال العاطفي الاهوج والمضلل بعض التنظيمات الارهابية كداعش والنصرة وايتام الديكتاتوريات البائدة والسابقة فضللت تلك التوجهات الممارسات والتوجهات الفردية حتى المعتدلة والمنصفة منها.

* مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث/2002–Ⓒ2024

http://shrsc.com

اضف تعليق