الآن.. يفترض أن نعيد نحن العرب حساباتنا، ونحن نواجه أشرس عدو حاقد، وذلك عن طريق الاشتغال على رؤى سياسية خلاقة ومنظور علمي تقني جديد.. يوازي بل ويتفوق على ما يمتلكه العدو الصهيوني، حتى لا نظل في موقع غير متكافئ، نجد فيه أنفسنا أمام قوة تمتلك من يغذي نيرانها وأطماعها وجرائمها...

الحرب الضروس التي أشعل فتيلها الكيان الصهيوني منذ العام 1948 وتصاعدت وتيرتها في الشهور الأخيرة في كل من غزة ولبنان؛ لا يمكن التغافل عن أبعادها ولا النظر إلى كونها ردة فعل لانتفاضة الأقصى؛ وإنما تكمن في الحقد الأسود، الذي يمتد من زمن احتلال فلسطين وحتى الآن، وسيستمر هذا الحقد ما دام هناك مد مفتوح بالسلاح من الولايات المتحدة الأمريكية، وموقف داعم سياسيا لهذا الكيان العنصري.

ولأن هذا الكيان قد زرع في قلب الوطن العربي، بهدف الهيمنة على مقدرات البلدان العربية، فإننا لا يمكن أن ننتظر حلولا سريعة ومفاوضات فورية من أولي هذا الكيان الصهيوني.

وما دمنا أمام هذه الحرب الدامية، التي امتدت من غزة إلى لبنان، والتي من الممكن أن تمتد وتتسع أكثر من ذلك؛ فأنه لا يمكن لنا إلا توضيح الصورة وأبعادها ونتائجها غير المحسوبة.

نحن امام (دعوات سلمية) تدعيها أمريكا، مشيرة إلى أنها راعية للسلم والديمقراطية وأمن الشعوب في وقت تزود الآلة الحربية بما تحتاجه من وقود، لغرض ادامتها ومن ثم تصفية أرواح شعوب بكاملها، ما دام الإنسان لديها لا يشكل إلا رقما يسقط بين شهيد وجريح ضمن أرقام تخلفها الحروب في زمن غير محدود، وبات الانسان المشرد والجريح والجائع والمريض.. يدق الأبواب على مدن العالم باحثا عن نبض الحياة في حدودها الأدنى، وما دام المجتمع الدولي قد عجز أو تغافل عن وضع حد لهذه الحرب، التي تخوضها (إسرائيل) ضد البلدان العربية مجتمعة من دون احتراز أو تأن أو حذر على الأرواح البشرية الآمنة، التي تتساقط يوميا ما بين شهيد وجريح؛ فإن كل شيء يمكن أن نتوقع حدوثه.

إن العدو الصهيوني لا يتعامل مع الإنسان بوصفه إنسانا وإنه اعظم ما في الوجود؛ لذلك فإننا لا نتوقع أبدا أن يعمد هذا العدو إلى إيقاف نيرانه إزاء المدنيين أبدا.

إن صورة الإنسان عند هذا العدو الغاشم قد غابت أصلا، وليس لعين العالم أن ترف إزاء طفولة بريئة أو شيخ، يتكئ على غصن أو جريح تبوح جراحه بالآهات. إن الصهيونية في كل تاريخها كانت (حافلة) بالعدوان، وهي تكرس حقدها الدفين، مستخدمة كل أسلحة الدمار. فكيف وقد امتلكت أسلحة الكترونية جديدة قادرة على قتل الانسان بدم بارد، من دون أن يكلف الجندي الصهيوني نفسه خارج الضغط على زناد بندقيته؟.

نحن لا نجد حلولا تلوح في الأفق راهنا، فالمجتمع الدولي لا يحرك ساكنا إزاء ما يجري من موت ودمار، لأن هذا المجتمع تهيمن عليه أمريكا، وهي التي تحرك مواقفه، وتغيب دوره في صيانة السلم في العالم.

الآن.. يفترض أن نعيد نحن العرب حساباتنا، ونحن نواجه أشرس عدو حاقد، وذلك عن طريق الاشتغال على رؤى سياسية خلاقة ومنظور علمي تقني جديد.. يوازي بل ويتفوق على ما يمتلكه العدو الصهيوني، حتى لا نظل في موقع غير متكافئ، نجد فيه أنفسنا أمام قوة تمتلك من يغذي نيرانها وأطماعها وجرائمها.

الحروب سجال والحروب علوم وسياسات، فضلا عن المواقف، التي تبنى على أسس من الوعي والنباهة وليس على القوة المجردة، التي تحاكي بطولات استثنائية باتت اليوم غير مجدية أمام هذا المد السيبراني، الذي لا تقف عنده قيمة لإنسان ولا إيمان بموقف.

نعم.. ازهار الدم التي باتت زنابقها حمراء.. حمراء، وقد امتدت من قلب غزة إلى قلب لبنان.. ستظل جراحا مفتوحة، حتى يستعاد الحق العربي، وتلتئم الجراح وتطمئن أرواح شهدائنا الابرار.

اضف تعليق