أثارت الخسائر المفاجئة لشركات التكنولوجيا موجة من الصدمة والقلق في الأسواق، خاصة وأن هذه الشركات كانت تعتبر المحرك الرئيسي للنمو في الفترة الأخيرة، مدفوعةً بطفرة الذكاء الاصطناعي. وقد ألقى هذا التراجع بظلاله على توقعات المستثمرين، تصدرت شركة إنفيديا قائمة الخاسرين بتراجع أسهمها بنسبة 9.53%، مما جرّ معه أسهم شركات التكنولوجيا الأخرى...
أثارت الخسائر المفاجئة لشركات التكنولوجيا موجة من الصدمة والقلق في الأسواق، خاصة وأن هذه الشركات كانت تعتبر المحرك الرئيسي للنمو في الفترة الأخيرة، مدفوعةً بطفرة الذكاء الاصطناعي. وقد ألقى هذا التراجع بظلاله على توقعات المستثمرين.
تصدرت شركة إنفيديا قائمة الخاسرين بتراجع أسهمها بنسبة 9.53%، مما جرّ معه أسهم شركات التكنولوجيا الأخرى، حيث تراجعت أسهم أبل بنسبة 3.3%، ومايكروسوفت بنسبة 3.04%، وألفابت بنسبة 3.9%، وأمازون بنسبة 1.26%.
وشهدت شركة إنفيديا، عملاق صناعة الرقائق الذكية الذي يعتبر حجر الأساس لتطوير الذكاء الاصطناعي، خسائر فادحة بلغت 297 مليار دولار في يوم واحد. وتسبب هذا التراجع في خسارة الرئيس التنفيذي للشركة، جنسن هوانغ، حوالي 10 مليارات دولار من ثروته الشخصية.
يأتي هذا التراجع المفاجئ بعد فترة من التفاؤل الكبير بالذكاء الاصطناعي واستثمارات ضخمة فيه. فقد كانت شركة إنفيديا، التي أصبحت رمزًا لهذه الثورة التكنولوجية، قد حققت عوائد قياسية تجاوزت 190% خلال 12 شهرًا، وارتفعت قيمتها السوقية لتتجاوز 3 تريليونات دولار.
أثار هذا التراجع الحاد قلق المستثمرين بشأن مستقبل قطاع التكنولوجيا، خاصةً بعد فترة من الازدهار الكبير. فكما يقال، كل صعود له هبوط، والشركات التي تشهد نموًا سريعًا قد تواجه صعوبات كبيرة في الحفاظ على هذا الزخم.
هل انفجرت فقاعة الذكاء الاصطناعي؟
على عكس التوقعات السائدة، يرى جاكوب مانوكيان، رئيس استراتيجية الاستثمار الأميركية في بنك جي بي مورغان، أن المخاوف بشأن انفجار فقاعة الذكاء الاصطناعي غير مبررة.
أوضح مانوكيان أنه لا يوجد دليل قوي على وجود فقاعة في سوق الذكاء الاصطناعي، قائلًا: «عند مقارنة التقييمات الحالية بسوق الدوت كوم في ذروته، نجد أن هناك اختلافات جوهرية. فالشركات العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي تدعمها أساسيات قوية وتوقعات نمو مرتفعة».
أضاف مانوكيان أن الشركات العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي تُظهر تقييمات أكثر اعتدالاً مقارنة بشركات التكنولوجيا في ذروة فقاعة الدوت كوم. فبينما بلغ متوسط مكرر الربحية لشركات التكنولوجيا الكبرى مثل مايكروسوفت وسيسكو في عام 2000 حوالي 59 ضعفًا، فإن الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي حاليًا تتمتع بمكرر ربحية يبلغ 19.5 فقط.
وقال مانوكيان، إن توقعات نمو أرباح شركات الذكاء الاصطناعي تفوق بشكل ملحوظ تلك التي كانت سائدة خلال فترة طفرة الدوت كوم. فبينما توقع المحللون في عام 2000 نموًا بنسبة 30% في أرباح سهم شركات التكنولوجيا الكبرى، فإن التوقعات الحالية تشير إلى نمو أرباح سهم شركات الذكاء الاصطناعي بنسبة 42%. وهذا يعني أن المستثمرين في الذكاء الاصطناعي يتطلعون إلى مستقبل أكثر إشراقًا.
وأوضح محلل جي بي مورجان أن الذكاء الاصطناعي قد تسلل بشكل كبير إلى محافظ المستثمرين. فبحسب تحليله لمؤشر S&P 500، فإن ما بين 25% إلى 30% من قيمة المؤشر ترتبط بالشركات العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي. كما أن العديد من عملاء البنك يخصصون ما بين 15% إلى 25% من استثماراتهم مباشرة لهذا القطاع. ومع ذلك، يسعى المستثمرون دائمًا لتجاوز أداء السوق، وهو ما دفعهم لطرح سؤال: “كيف يمكنني تحقيق عوائد أعلى في هذا القطاع الواعد؟”.
ماذا ينبغي على المستثمرين فعله؟
ينصح جاكوب مانوكيان، المحلل في جي بي مورغان، المستثمرين بتوسيع نطاق استثماراتهم في قطاع الذكاء الاصطناعي. فبالرغم من التركيز الحالي على شركات أشباه الموصلات التي تدعم نماذج اللغات الكبيرة مثل ChatGPT، إلا أن هناك فرصًا استثمارية واعدة في مجالات أخرى من هذا القطاع الواسع.
لا تقتصر فرص الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي على شركات تطوير النماذج اللغوية فحسب، بل تمتد لتشمل شركات حيوية في مجالات أخرى مثل الحوسبة السحابية، وأمن المعلومات، ومعدات الشبكات، ومراكز البيانات المتخصصة. هذه الشركات تلعب دورًا محوريًا في توفير البنية التحتية الضرورية لتشغيل وتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
يشير مانوكيان إلى أن فرص الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي تتجاوز شركات التكنولوجيا التقليدية. فالشركات العاملة في قطاعات مثل الطاقة، العقارات، وحتى الخدمات اللوجستية، يمكنها الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءتها وخفض تكاليفها. فعلى سبيل المثال، الشركات التي تمتلك مراكز البيانات تلعب دورًا حيويًا في دعم نمو الذكاء الاصطناعي، بينما يمكن لشركات الخدمات اللوجستية استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين عملياتها وإدارة سلاسل الإمداد.
ورغم الإمكانات الواعدة للذكاء الاصطناعي، يحذر مانوكيان من المخاطر التي قد تواجه المستثمرين في هذا القطاع. فبالإضافة إلى صعوبة تحديد الشركات الفائزة، فإن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يتضمن مخاطر أخرى مثل تقلبات الأسواق، والتحديات التنظيمية، وقضايا الطاقة. قد تؤدي هذه العوامل إلى خيبات أمل للمستثمرين، خاصة في المراحل المبكرة من تطوير هذه التكنولوجيا.
وقال «لتحصيل أعلى عوائد من الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، يجب النظر إلى ما هو أبعد من الحدود الأمريكية. فبينما تحتل الشركات الأمريكية الصدارة حاليًا، فإن المنافسة تتزايد من قبل شركات صينية ودول أخرى تستثمر بكثافة في هذا المجال. هذه الشركات، التي غالبًا ما تكون أقل تقييمًا، تقدم فرصًا استثمارية واعدة للمستثمرين الباحثين عن تنويع محافظهم».
وأضاف: «للتنويع أكثر في استثماراتك في مجال الذكاء الاصطناعي، يمكنك النظر في صناديق الاستثمار المتداولة ذات التكلفة المنخفضة. هذه الصناديق تتيح لك الوصول إلى مجموعة واسعة من الشركات العاملة في هذا القطاع، بما في ذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة التي قد لا تكون مدرجة في المؤشرات الرئيسية مثل S&P 500. على سبيل المثال، يمكنك الاستثمار في صناديق تركز على الشركات العقارية التي تمتلك مراكز بيانات متطورة، والتي تعتبر عنصرًا أساسيًا في بنية تحتية الذكاء الاصطناعي».
باختصار، الاستثمار في الذكاء الاصطناعي ليس مجرد خيار استثماري، بل هو استثمار في المستقبل. مع تزايد اعتماد مختلف الصناعات على الذكاء الاصطناعي، فإن الشركات التي تستثمر في هذا المجال ستكون في طليعة التطور التكنولوجي. لذا، فإن تنويع الاستثمارات في هذا القطاع الواعد هو أمر حتمي لتحقيق نمو مستدام للمحفظة الاستثمارية.
اضف تعليق