حان الوقت لإعطاء سيرة الإمام الحسن المجتبى المزيد من الاهتمام والرعاية وتخصيص الكثير من البرامج، وتخصيص موسم باسم الإمام الحسن المجتبى (الأيام الحسنية) لكشف حقيقة سيرته وشخصيته العظيمة المليئة بالأحداث والوقائع المهمة للأمة وخاصة شيعته وكل البشر، الإمامة والقيادة والشجاعة والعلوم والمعرفة فهو ريحانة وسبط رسول الله...
في البدء لابد من التأكيد على قضية مهمة مغيبة في سيرة وشخصية الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)، وهي الشجاعة والجهاد والبطولة المحمدية العلوية الهاشمية، وما العجب وقد تورث من خير البشر جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن أبيه امير المؤمنين أسد الله الغالب الإمام علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، كل الصفات الأخلاقية والعلوم والزعامة والشجاعة..، فهو الإمام القائد العالم البطل الكريم الزكي الحليم المحارب الشجاع الثائر..، الذي شارك بسلاحه في كل الميادين وفي كل زمان ومكان وخاصة في الحروب التي خاضها والده أمير المؤمنين (ع)، فهو في مقدمة المحاربين عندما يحتاج الظرف للحرب والسلاح والمواجهة العسكرية، وهو رجل السلام والحوار وحماية الأرواح، فهو إمام وقائد وحجة الله على الخلق.
بعد كشف حقيقة جيشه وحالة الانهزام والانشقاق والتخاذل بين قيادة وأفراد الجيش..، استطاع انتزاع الحقوق عبر الحوار والإتفاق والصلح، وبسبب ذلك الإنتصار الذي حققه الإمام من خلال الصلح بشكل سلمي، فإن أعداء الحق والحرية لم يتركوه –أي الإمام- لشعورهم بالهزيمة، لأنه قام بتعرية وإسقاط النظام الأموي الظالم الفاسد البعيد عن الدين الإسلامي الأصيل وأبسط الأخلاق..، الذي يستخدم الكذب والتزييف في الإعلام فقط، هزمه عبر الإتفاقية الواضحة والمحددة، التي تلزمه بالشروط التي تنص عليها إتفاقية الهدنة، فعدم التزام الحكم الأموي بها ظهر أمام القوم والتاريخ بانه خائن غير محترم وغير وفي بالعهود وسقط. فقام الحكم الأموي الظالم بقتله غدرا فقضى نحبه شهيدا مسموما مظلوما، دون أن يتنازل عن الحق ونصرة المظلومين. وهو الإمام الشهيد المظلوم من الذين عاصروه ومن التاريخ والأمة..، والتقصير بحقه من قبل شيعته!.
الأيام الحسنية
ولهذا يجب احياء المناسبات الحسنية ببرامج متنوعة فعالة وقوية ومؤثرة، وتكون حاضرة في أدبيات عشاق أهل البيت (عليهم السلام) بشكل واسع لرفع المظلومية عن السبط الأكبر، فكل من ينتمي للمنهج المحمدي العلوي الفاطمي الحسيني ينتمي للمنهج الحسني الذي تعرض لمظلومية كبيرة، وما زالت مظلوميته قائمة بعدما منع أن يدفن بجوار جده رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، و دمرت حضرته، وهدم مرقده، ولا يوجد قبة فوق قبره الشريف، ولا حضرة لزيارته والجلوس عند مقامه الشريف، ولا أحد يستطيع ان يمشي إليه ويرفع الصوت بالسلام عليك يا أبا محمد المجتبى ولا النداء أيها المظلوم والمسموم‼️.
ومن الاقترحات لنصرة الإمام الحسن (ع) والدفاع عن مظلوميته، أن تكون هناك فعالية سنوية قوية باسم الأيام الحسنية لسد النقص والتقصير الواضح، تبدأ من أول شهر صفر إلى يوم شهادته، يتناول الخطباء والعلماء والباحثون والكتاب، بعض من محطات سيرة الإمام الحسن (عليه السلام) فهي مليئة بالعلوم والمعارف وأنوار الرحمة والفائدة، والأهم هو الحضور بفعالية من قبل عشاق محمد وآل محمد (ص)، والتغطية والتفاعل من قبل الوسائل الإعلامية مثل القنوات التلفزيونية وبرامج التواصل الاجتماعي الحديث؛ لتكون شخصية الإمام الحسن حاضرة بسيرته العطرة وكلماته وإيمانه وفكره وجهاده لعامة البشر.
حتما مصيبة سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) هي الأعظم والأشد، مصيبة هونت كل المصائب، مصيبة جمعت كل المصائب على أهل البيت (عليهم السلام)، ومن يعشق ويبكي ويسير على منهج الإمام الحسين (عليه السلام)، هو حتما يعشق ويبكي ويتفاعل ويسير على منهج الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) وجده رسول الله المصطفى (صلى الله عليه واله وسلم) وأبيه علي المرتضى وأمه فاطمة الزهراء (عليهم السلام). منهج أئمة أهل البيت (عليهم السلام) واحد، فهم حجج الله على خلقه، وهم الأئمة الأطهار، والسادة الأنوار، يحملون رسالة السماء، وهم الأولياء والأوصياء بعد الأنبياء، والسير على منهج جدهم خاتم الأنبياء والمرسلين (ص) لإحقاق الحق ونشر العدل ولأجل نصرة المظلومين ورفض الظلم والظالمين، والإمام الحسن (ع) هذا منهجه فهو إمام وولي ووصي و حجة الله على خلقه وهو قدوة وأسوة حسنة.
الدفاع عن مظلومية الإمام الحسن
لقد تعرض الإمام الحسن(ع) سبط رسول الله (ص) للظلم والمظلومية في حياته، وبعد استشهاده مسموما مظلوما من قبل زوجته جعدة بنت الأشعث، بطلب وإغراء من قبل معاوية بمئة ألف درهم ووعدها بالزواج من ابنه يزيد وغيرها، "واستنادا إلى بعض الأخبار أن الإمام الحسن (ع) أوصى أن يُدفن عند قبر جده النبي (ص)، لكن مروان بن الحكم وعدد من بني أمية بقيادة عائشة بنت أبي بكر منعوا ذلك بقولها: "البيت بيتي، ولا آذن لأحد أن يدفن فيه". وذكرت كتب التاريخ "أن بني أمية رموا جنازة الإمام الحسن المسموم المظلوم بسهام، حتى اُخرج منه سبعون سهماً".. فدُفن في مقبرة البقيع!.
لقد حان الوقت لإعطاء سيرة الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) المزيد من الاهتمام والرعاية وتخصيص الكثير من البرامج، وتخصيص موسم باسم الإمام الحسن المجتبى (ع) (الأيام الحسنية) لكشف حقيقة سيرته وشخصيته العظيمة المليئة بالأحداث والوقائع المهمة للأمة وخاصة شيعته وكل البشر، الإمامة والقيادة والشجاعة والعلوم والمعرفة..، فهو ريحانة وسبط رسول الله (ص) الأكبر الذي هو سيد وزعيم وقدوة وأسوة حسنة بمواصفات سادة الجنة..، وهناك الكثير من الروايات التي تؤكد على عظمة مكانة الإمام الحسن وأخيه الإمام الحسين ومنها قوله (ص): "الحسن والحسين ابناي، من أحبّهما أحبّني، ومن أحبّني أحبّه الله، ومن أحبّه الله أدخله الجنّة، ومن أبغضهما أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله النّار".
وهو أشبه الناس بجده الرسول الأعظم (ص) خلقا وخلقا وسؤددا وهديا وحكمة وهيبة فقد روي عن أنس بن مالك، قال: لم يكن أحد أشبه برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الحسن بن علي (عليه السلام)، وله مكانة خاصة عند جده النبي الأكرم (ص) وقد تجلت في الإمام المجتبى (ع) الكثير من الصفات النبوية المباركة، ولكن القوم أعداء الإمام الحسن الذين هم أعداء جده النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبالتالي فهم أعداء الله -سبحانه وتعالى-، قد خالفوا كل ما قاله جده رسول الله (ص)، فقد حاربوه وقتله، وقاموا بحملات تشويه لشخصيته، ويوجد الكثير من التزييف والكذب والافتراء والإساءة في الكتب التاريخية لغاية اليوم، رغم انها تخالف الحقائق، وكل تلك حملات التشويه والاساءة مصدرها اعداء منهج أهل البيت (عليهم السلام) وخاصة بني أمية، وتقع مسؤولية الدفاع عن القائد المجاهد الثائر الإمام الحسن (عليه السلام) على كل فرد ينتمي لمدرسة أهل البيت (عليهم السلام) وعلى كل حر وشريف، والاجتهاد بنشر المعلومات الصحيحة وتفنيد كل المغالطات التي مازالت تكرر في كتب أعداء منهج أهل البيت (عليهم السلام).
الإمام الحسن ومواجهة التحديات والطغاة
لقد قدم الإمام الحسن (ع) من خلال سياسته انموذجا للبشرية برفض الظلم والطغيان، وضرورة مواجهته بالقوة المتاحة، والإمام بذل ما يستطيع وقدم الشهداء وتعرض للطعن بخنجر تارة، وتارة بسهم وهو يصلي، ومحاولات عديدة لاغتياله بالسم قبل الأخير من قبل زوجته جعدة بنت الأشعث وهو الأشد لقد روي انه عندما سيطر السّم على كل أنحاء جسم الإمام الحسن (ع) حتى أنه شكا لأخيه الحسين (ع) قائلاً: (يا أخي سقيت السّم ثلاث مرات لم أسق مثل هذه، إني لأضع كبدي)...، وعندما وجد الخيانة في جيشه، ووجود فئات تفتقد الإيمان الخالص والذوبان مع القائد والقضية المقدسة وعدم الرغبة لديهم بالتضحية والشهادة، واشتباه الحق على عدد كبير منهم..، لجأ الإمام الحسن المجتبى (ع) إلى أسلوب آخر لتحقيق الإنتصار المستقبلي الدائم دون حرب وقتال، والحصول على المطالب والإصلاح بالحكمة وبالطريقة السلمية عبر الإتفاق المحدد الهدنة دون تنازل أو إستسلام.
الإمام الحسن المجتبى (ع) هو الثائر الإصلاحي لتحقيق الإصلاح وتعرية وإسقاط النظام الظالم الفاسد عبر الإتفاقية الواضحة والمحددة. ولهذا لابد من التأييد والدعم والتشجيع على ممارسة سياسة الإمام الحسن المجتبى (ع) الحقيقية، وهي اولا القوة والشجاعة والبطولة في التصدي والمطالبة بالحق والعدل وتحقيق الإصلاح والسلام والاستقرار، وعندما يكون الظرف لا يسمح برفع السلاح وخوض الحروب ويصبح الحسم العسكري بعيدا، لعدم وجود المؤيد والناصر والمجاهد الثائر الوعي …، يمكن اللجوء للمعاهدة والاتفاق على هدنة دون تنازل عن الحق ونصرة المظلومين ودون الإستسلام ومدح النظام الإستبدادي وعدم السماح بسفك دماء الأبرياء وعدم السكوت عن الاعتقالات التعسفية والفساد، وإنما عبر التمسك بالحق..، حينها الأفضلية تكون للحلول السلمية والتوجه للحوار والتفاهم والإتفاق على إتفاقية محددة (هدنة) لحفظ الحقوق.
الإمام الحسن وحماية الشيعة وصناعة جيل الثورة
من أهم إنجازات الإمام الحسن المجتبى (ع) في ظل تلك المرحلة الصعبة غياب الوعي عند القوم، وعدم إدراك مكانة الإمام الحسن (ع) عند الله وعند جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي قال (ص): "الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا". ناس لا تدرك معنى الإمامة والسيادة والتقديم والاحترام والطاعة للإمام، أمة تعيش الجهل واتباع الهواء والشهوات والملذات والمصالح الدنيوية وطاعة الظالم المستبد وتتأثر بإعلامه وما يروج له، فضاع الدين وقتلت الأخلاق والمروءة والكرامة في الأمة...
أولا: حرص الإمام الحسن المجتبى (ع) على المحافظة وحماية الشيعة لبقاء واستمرار الحياة الكريمة لهم، وذلك عبر إتفاقية الهدنة التي تحدد من ضمن شروطها عدم التعرض للشيعة.
ثانيا: قام الإمام الحسن المجتبى (ع) بدور كبير في صناعة جيل جديد على مستوى من الإيمان بالإمامة والوعي وطاعة القائد والتضحية في سبيل الحق ونصرة المظلوم، جيل يستحق ان ينال أعلى مراتب السمو بالشهادة والخلود عبر الزمان.
ثالثا: التمهيد للثورة ضد الظلم والظالمين بقيادة الإمام الحسين (عليه السلام) الثورة القابلة للاندلاع بمجرد كشف حقيقة نفاق وظلم بني أمية الذي يتستر بدين الإسلام مجرد اسم على اللسان فقط، ثورة الحق والحقيقة، ثورة انتصار الدم والقيم على السيف، ثورة تهز عروش الظالمين، ثورة تقوم على الأدلة والبراهين بأن حكم بني أمية يخالف كل القيم فلا وفاء عنده للعهود والمواثيق والاتفاقيات، لعدم التزامه باتفاقية الصلح ومن بنودها بعد وفاة معاوية يكون الحكم إلى الحسن (عليه السلام) أو لأخيه الحسين (عليه السلام) وان ينعم الشيعة بالأمن وعدم الاعتداء عليهم. السلام عليك يا حجة الله في الخلق، الإمام في القيام والقعود والسلم والحرب، يا معز المؤمنين الشجاع المجاهد الثائر ضد الظلم والطغاة، يا مؤسس اندلاع ثورة كربلاء.
السلام عليك يا مولاي يا أبا محمد الحسن المجتبى أيها المظلوم المسموم الشهيد، وعلى أخيك الثائر الحسين الشهيد، وعلى أمك فاطمة الزهراء بضعة الرسول (ص)، وعلى أبيك حيدر الكرار أمير المؤمنين وأخ رسول رب العالمين (ص)، والسلام على جدك سيد الكائنات وخاتم الأنبياء والمرسلين ورحمة العالمين سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). والسلام على من سار على منهجهم وطريقتهم، والسلام على أرواح الشهداء. هنيئا لمن يسير على طريق الإمام الحسن المجتبى (ع) فهو طريق الله (عز وجل) ورسوله (ص) وأمير المؤمنين وسيدة نساء العالمين وسيد الشهداء والأئمة الطاهرين (ع).
اضف تعليق