ان تأثير صعود اليمين المتطرف له اكثر من جنبة سلبية على السلم الاهلي والتعايش السلمي على عموم العالم وخاصة الشعوب المسلمة ويتنافى مع المبادئ الانسانية التي اقرتها جميع المواثيق والاعراف الدولية، ويشكّل بذلك حاجزا نفسيا مستديما امام تعامل الغرب مع الدول الاسلامية ويعرّض جميع المسلمين بكافة...

ما هي أسباب صعود احزاب اليمين المتطرف وخصوصا في اوروبا؟ كيف ستكون تأثيرات هذا الصعود عالميا وبالخصوص على المسلمين؟

لايمكن فصل صعود احزاب اليمين المتطرف لاسيما في أوربا بمعزل عن الاسباب التي ادت لذلك الصعود، والنتائج التي تمخضت عنه، ومن اهم الاسباب التي ساعدت على تفشي ظاهرة التطرف اليميني ونشوء الاحزاب ذات التوجه اليميني حتى في البلدان التي تعتبر سابقا معتدلة هو السرديات "الاسلامية" التكفيرية المتطرفة والاقصائية، التي تستند في رؤيتها العقائدية على فلسفة الالغاء والاقصاء المتطرف والتخريب المتعمد بواسطة قطع الرؤوس والذبح والسبي ومصادرة الاموال لجميع المخالفين لهم، كما حدث في الامس الغابر لبني اسرائيل على يد فرعون وملئه (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ).

 كما حدث في العراق للمناطق التي استولى عليها داعش فالقتل فهو للرجال والسبي للنساء والاطفال اما الممتلكات فتصادر وكما فعل تنظيم داعش الارهابي في العراق وسوريا ومن قبله القاعدة والنصرة وبوكو حرام في افريقيا وبقية التنظيمات الاجرامية والتي اشاعت القتل والدمار وعاثت في الارض فسادا، ما اعطى صورة سلبية وتخريبية للإسلام بنسخته الاموية ذات الفكر والممارسات الخوارجية الشاذة، (نسبة الى الخوارج الفرقة الاسلامية المنحرفة عن حظيرة الامة بجميع مذاهبها والاسلام منها براء وحتى الانسانية).

 وقد نتج عن ذلك كنتيجة حتمية (الاسلام فوبيا) أي الشعور السلبي بالرفض لكل ماهو اسلامي واتهام الاسلام بالعدوانية والتخريب والقتل والسبي وقطع الرؤوس، فنشأ اليمين المتطرف في أوربا وغيرها كرد عملي ايديولوجي على تلك السرديات الشاذة مطالبا بطرد جميع المسلمين من أوربا ومنع حق اللجوء اليها، بل وحظر جميع النشاطات الاسلامية على الاراضي الاوربية، ولم تتكرر تلك الفوبيا مع بقية الاديان المتعايشة في أوربا حتى مع الاديان الوثنية والطوباوية بسبب ماورد آنفا. 

ان تأثير صعود اليمين المتطرف له اكثر من جنبة سلبية على السلم الاهلي والتعايش السلمي على عموم العالم وخاصة الشعوب المسلمة ويتنافى مع المبادئ الانسانية التي اقرتها جميع المواثيق والاعراف الدولية، ويشكّل بذلك حاجزا نفسيا مستديما امام تعامل الغرب مع الدول الاسلامية ويعرّض جميع المسلمين بكافة مذاهبهم الى الخطر والفناء لاسيما المعتدلين منهم، مايعيد الى الاذهان الحروب الصليبية سيئة الصيت، لذا يتوجب على المسلمين من اتباع اهل البيت (عليهم السلام) بل ـ ومن جميع المسلمين قاطبة ـ والذين يسلكون المنهج الاسلامي/ المحمدي الاصيل ان يبرزوا للعالم اجمع وخاصة في أوربا المحاسن والمبادئ الحقة للدين الاسلامي الصحيح والنسخة الحقيقية لهذا الإسلام، اسلام محمد (صلى الله عليه واله) وعلي واهل البيت (عليهم السلام)، من خلال سرديات اسلامية توضح (وهي كثيرة) تلك الحقائق مع بث الفكر الرصين وايديولوجية الائمة المعصومين (عليهم السلام) المستمدة من جوهر الاسلام المحمدي الأصيل، ونشر تلك السريات عبر وسائل الاعلام كافة مدعمة بالأدلة والبراهين كي تتوضح الصورة الحقيقية المحترمة عن الاسلام وتنتفي صورة الاسلام فوبيا التي رسمها اليمين المتطرف عن الاسلام والمسلمين... 

وهنا تقع المسؤولية كاملة على رجال الدين والحوزات الدينية والمثقفين والانتلجنسيا في توضيح الامر للراي العام العالمي وابعاد الصورة السلبية النمطية عن الاسلام المزيف و(إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ) دين محمد وعلي لا الدين بنسخته الاموية الداعشية كي لاتتكرر مهزلة الإسلام فوبيا وتنتهي حجة اليمين المتطرف.

* مداخلة مقدمة الى الجلسة الحوارية التي عقدها مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية تحت عنوان (صعود اليمين المتطرف وتحديات الوجود الاسلامي في الغرب)

اضف تعليق