يعتبر نمط الرحلات الجماعية مع الأقارب والأصدقاء من المناسبات الجيدة، لممارسة الهوايات في أجواء وأماكن مناسبة لذلك. العطل الصيفية، من المواسم المهمة التي ينبغي أن يستثمرها الإنسان في توفير متطلبـــات النجاح والتفوق. وفي هذا السياق، تتحمل المؤسسات الرسمية والأهلية المختلفة، مسؤولية العمل على توفير البنية التحتية...
من المراحل الحيوية التي يمر بها الإنسان هي مرحلة الشباب، إذ تشكل منعطفا حقيقيا يعيشه الإنسان على الصعد كافة. ففي هذه المرحلة تتفتح آفاقه الفكرية والعملية، وتتبلور طموحاته ومشروعاته المستقبلية، وفي نفس الوقت تزداد حاجاته ومتطلباته، وتنمو لديه أحاسيس ومشاعر الذات بكل أشكالها. لذلك فإن مرحلة الشباب هي الأكثر استهلاكا على المستوى المادي، كما أنها هي الأكثر تقلبا على المستوى المعنوي والنفسي. لذلك ينبغي أن تكون هناك رعاية خاصة واهتمام مكثف بالشباب لما لهم من تأثير مباشر على حركة المجتمع وأمنه واستقراره وتطوره.
وما المجتمع على حد تعبير البعض إلا صغار يتهيأون لمرحلة الشباب، وشباب يأخذون من الحياة لمطامحهم وآمالهم، ويعطونها من نشاطهم وحيويتهم، وشيوخ يفصمون بأصداء شبابهم ويعيشون على بقايا خيره ونشاطه.
وتعتبر العطل الصيفية في مجتمعاتنا من الأزمنة الخصبة، التي تنقل الطلاب والشباب من هموم الدراسة والمذاكرة، إلى الترويح عن النفس وممارسة الأعمال والأنشطة الرياضية والفنية وما شابه ذلك، التي لم تكن ممارستها سانحة بما فيه الكفاية في أوقات الدراسة والتحصيل العلمي.
فالعطل الصيفية من الفرص السانحة على المستوى النفسي والزمني والاجتماعي، التي يستطيع فيها الشباب أن يستثمرها في إنضاج خبراته، وبلورة كفاءاته، واكتساب المهارات الجديدة، مع إشباع حاجته إلى الترفيه الذي يحتاجه الشاب على المستويين النفسي والاجتماعي.
لهذا ونحن في بداية العطلة الصيفية الطويلة، نتساءل: ماذا ينبغي لشبابنا أن يفعل في هذه العطلة. أو ما هي البرامج المقترحة التي ينبغي لشبابنا أن يلتفتوا إليها في هذه العطلة.
فرصة للمراجعة والتقويم:
إن من الأخطاء الجسيمة التي قد يرتكبها الإنسان بحق نفسه ومستقبله، هو حينما يسترسل في حياته، دون أن يقف لتقويم مسيرته، أو مراجعة حساباته وأهدافه. والاسترسال دائما يضر بالإنسان، الفرد والمجتمع، ويدخله في دهاليز الغفلة التي تمنع عن الإنسان مختلف البركات والخيرات.
لهذا فإن من القيم الحضارية التي ينبغي أن يعتاد عليها الإنسان وبالخصوص في مرحلة الشباب، هي قيمة المراجعة والتقويم إلى المسيرة العلمية والعملية والنفسية للإنسان. حتى يكتشف من خلال هذه المراجعة عناصر القوة فيعمقها في نفسه، ويتعرف على نقاط الضعف، ويجتهد لإنهائها من حياته ومسيرته. وبهذه القيمة وتداعياتها العملية والنفسية يتقدم الإنسان باستمرار، ويعيش في حركة تصاعدية مستمرة.
فتقويم السلوك الإنساني من الشروط الأساسية للانعتاق من كل الكوابح التي تحول دون التطور والتقدم على المستويات كلها.
والعطل الصيفية من المحطات الضرورية التي ينبغي أن يقف عندها الإنسان. لكي يراجع مسيرته، ويقوم تجربته، ويضيف إلى شخصه وشخصيته صفات إيجابية جديدة. لهذا فإننا نهيب بشبابنا وندعوهم إلى الاستفادة من هذه العطلة الصيفية في تقويم مسيرتهم النفسية والاجتماعية، التعليمية والعملية، وسلوك الإنسان مع نفسه وأهله ومحيطه ومجتمعه. لكي يتقدم الشاب في حياته، ويستفيد من تجارب ماضيه، لأن (من جرب المجرب حلت به الندامة).
فهذه العطلة الصيفية، من المواسم الهامة، التي يتمكن فيها الشاب من مراجعة مسيرته، والتخلص من عيوبه، وزيادة نقاط قوته.
سد الثغرات والنواقص:
قد لا يجد الشاب فرصة كافية في أيام الدراسة والتحصيل العلمي لترميم نواقصه وسد ثغراته، لانشغاله بالدراسة ومتطلباتها. لهذا فإن العطلة الصيفية من الأزمنة المهمة، التي من الضروري أن يستثمرها الشباب، في سد ثغرات حياتهم العلمية والعملية، وترميم نواقصهم النفسية والفكرية والاجتماعية.
لهذا من الأهمية بمكان العمل على توفير البرامج الكفيلة بترميم النواقص وسد الثغرات.
فالشاب الذي يرى أن من نواقص نضج واكتمال شخصيته العلاقات الاجتماعية. فينبغي له أن يستفيد من العطلة في تقوية علاقاته الاجتماعية، عبر زيارة الأصدقاء والدخول معهم في برامج اجتماعية مشتركة، والعمل على كسب أصدقاء ومعارف جدد، والتخلي مع كل الصفات النفسية التي تحول دون انطلاقته الاجتماعية.
وبالتالي فإن الشاب يحول العطلة الصيفية إلى ساحة ومجال لتقوية الروابط الاجتماعية، والخروج من واقع العزلة والتقوقع على الذات. فالشاب مثلا الذي لا تربطه مع جيرانه روابط الجيرة والمعرفة، بحاجة أن يستفيد من هذه العطلة في التعرف على الجيران. والشاب الذي لم تساعده ظروف الدراسة للعناية بالجانب الفكري والثقافي في شخصيته، سيجد في هذه العطلة وأمثالها الفرصة المناسبة، للعناية بالفكر والثقافة. والشاب الذي يرى أن ما ينقصه، هو مجموعة من المهارات الفنية والحرفية، بإمكانه أيضا أن يستفيد من هذه العطلة في اكتساب هذه المهارات.
وهكذا تصبح العطلة الصيفية فرصة سانحة، تتوفر فيها جميع الظروف الموضوعية المساعدة للشاب للعمل على إنهاء نواقصه وسد ثغراته، عبر البرامج المتعددة التي تؤهله لذلك.
تنمية المواهب والكفاءات:
كما أن بإمكان الشاب، أن يستفيد من هذه العطلة في تنمية مواهبه وإبراز كفاءاته. فالشاب مثلا الذي يريد أن ينمي في شخصه موهبة التمثيل المسرحي، تكون العطلة الصيفية من الفرص الذهبية، التي توفر له الوقت الكافي لتنمية هذه الموهبة وصقلها ميدانيا.
فليبحث كل شاب عن موهبة ضرورية لشخصه، ويحاول أن يستثمر هذه العطلة لتنميتها في شخصه. بحيث لا تنتهي العطلة، إلا وقد اكتسب فيها كل شاب من وطننا العزيز، موهبة يستفيد منها في بناء مستقبله.
ممارسة الهوايات:
مع كل ما قيل أعلاه، إلا أننا لسنا من دعاة أن تتحول العطلة الصيفية إلى مجموعة من الأنشطة الجادة العلمية والعملية فقط. وإنما من الضروري أن تتوفر في هذه العطل، الفرصة الكافية لكي يمارس الشباب هواياتهم الفنية والرياضية والترفيهية. فكما أن الشاب بحاجة أن يستفيد من العطلة الصيفية في ترميم نواقصه وتنمية مواهبه. فهو بحاجة أيضا أن يمارس هواياته المختلفة والمحببة إلى نفسه.
فالشاب الذي يعشق الرياضة، أو يهوى بعض الأنشطة الفنية، ينبغي له أن يمارس هذه الهوايات. ويبحث عن المجموعات البشرية التي تشترك معه في ممارسة هذه الهوايات.
وفي هذا الإطار، يعتبر نمط الرحلات الجماعية مع الأقارب والأصدقاء من المناسبات الجيدة، لممارسة الهوايات في أجواء وأماكن مناسبة لذلك.
من هنا فإننا نقول: إن العطل الصيفية، من المواسم المهمة التي ينبغي أن يستثمرها الإنسان في توفير متطلبـــات النجاح والتفوق.
وفي هذا السياق، تتحمل المؤسسات الرسمية والأهلية المختلفة، مسؤولية العمل على توفير البنية التحتية اللازمة لكل ذلك، والقيام بمبادرات تستهدف أن يستفيد شباب هذا الوطن من هذه العطلة الصيفية.
اضف تعليق