يرغب الناجون وعائلاتهم أيضا في تسليط الضوء على المخالفات المرتكبة من خلال نظام العدالة الجنائية أو البحث عن أشكال أخرى من العدالة. ويشعر البعض بالإحباط لان أبنائهم أرسلوا إلى مكان كانت فيه معارك.. وان تدريبهم كان غير كاف، ثم إنهم لم يمنحوا السلاح للدفاع عن أنفسهم...
بعد نحو (10) سنوات على وقوع جريمة سبايكر؛ أصدر فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش (يــــونيتــــــاد) تقريره الموسوم بـ( معسكر سبايكر.. نمط القتل الجماعي ونية الإبادة الجماعية.. تقييم قانوني لجرائم تنظيم داعش في مجمع القصور الرئاسية بتكريت ومحيطه) في 2024.
أثبت تقرير الأمم المتحدة لتعزيز المساءلة على الجرائم المرتكبة من داعش وقوع جريمة إبادة جماعية بحق ضحايا قاعدة الجوية المعروفة بسبايكر، وذلك استنادا إلى ما يأتي:
1. قتل أعضاء المجموعة المحمية (الشيعة): أشار تقرير الأمم المتحدة المكلفة بالتحقق في جريمة سبايكر إلى أنه (غادر ما لا يقل عن 2500 فرد من أفراد قاعدة أكاديمية تكريت الجوية المعسكر في 12 حزيران/ يونيو 2014، وكانت غالبيتهم الساحقة من الشيعة. وأثبتت الأدلة السمعية والبصرية والشهادات أنه في الفترة الواقعة ما بين 12 و14 حزيران، يونيو، على أقل تقرير، وبعد فصل الشيعة عن السنة اقتيد غالبية الذين غادروا إلى مجمع القصور الرئاسية حيث تعرضوا لسوء المعاملة والإعدام، ودفنوا هناك أو القوا في النهر المجاور للمجمع، ولقي بعض المحتجزين حتفهم بسبب اكتظاظ الشاحنات أو الجروح التي أصيبوا بها بعد رميهم بالطوب أو الحجارة).
وأضاف التقرير (وحتى الآن انتشلت 1237 جثة من مجمع القصور الرئاسية، وتم التعرف على 1070 منها، وتثبت الأدلة أن سبب وفاة معظم الضحايا الـ 1237 التي انتشلت من المكان كان الإعدام، وعلى الرغم من عدم انتشال معظم جثث الذين القوا في النهر؛ تشير الأدلة السمعية والبصرية والشهادات إلى أن عددهم يتراوح بين العشرات والمئات، وعلاوة على ذلك أعن تنظيم داش نفسه إعدام 1700 جندي شيعي. وتم تحديد العدد الحالي للضحايا أو المفقودين من أفراد قاعدة أكاديمية تكريت الجوية بـ 2156 شخصا، وبما أن 2500 فرد على الأقل قد غادروا المعسكر، وأن بضع مئات ربما نقلوا إلى مكان أخر غير مجمع القصور الرئاسية، وربما هرب آخرون على مسالك مختلفة؛ فمن المعقول افتراض أن عدد القتلى في مجمع القصور بلغ 1700 قتيل، كما أدى تنظيم داعش).
2. النية في ارتكاب أعمال الإبادة الجماعية: يمكن الاستدلال على أن الأشخاص موضع الاهتمام من بين عناصر تنظيم داعش المتورطين في عملية القتل في مجمع القصور الرئاسية كانت لديهم النية في ارتكاب أعمال إبادة جماعية انطلاق من العوامل: أ- وجود سياسة إبادة جماعية لدى تنظيم داعش ضد الشيعة الاثني عشرية. ب- معرفة الأشخاص المهمين من تنظيم داعش المتورطين في عملية القتل في مجمع القصور الرئاسية بتلك السياسة وإظهار نيتهم في تنفيذها عبر عملية القتل. ج- خصاص عملية القتل مثل نطاقها وطبيعتها والطريقة المنهجية والمنظمة التي نفذت بها.
تناول التقرير المذكور آنفا الضرر الذي لحق بالضحايا وذويهم، حيث أشار إلى أنه يعتبر الضحايا الذين لقوا حتفهم في مجزرة قاعدة أكاديمية تكريت الجوية أو فقدوا أو نجوا منها ضحايا مباشرين لأنهم عانوا من ضرر جسدي وعقلي مباشر على أيدي عناصر تنظيم داعش، ويعتبر أفراد العائلة المقربين (الزوجة، والوالدان، والأطفال، والأخوة والأخوات) ضحايا غير مباشرين للمجزرة بحكم علاقتهم الوثيقة بالضحايا المباشرين. وقد صنف التقرير أنواع الضرر الذي أصاب ضحايا جريمة سبايكر إلى ثلاثة أنواع هي:
1. الضرر المادي: ويشير الضرر المادي إلى أي نوع من الأضرار أو الخسائر في الممتلكات أو الأموال بما في ذلك خسارة الدخل أو مصدر الرزق أو غير ذلك من الأشكال الخسارة الاقتصادية، ففي بعض الحالات كان الشهداء هم الأبناء الأكبر سنا في العائلة والمعلين الرئيسين لها، وكانوا مسؤولين عن رعاية الوالدين والأخوة والأخوات الأصغر سنا، كذلك كان بعض الشهداء والمفقودين متزوجين ولديهم أطفال، ولا تستطيع الأرملة لوحدها إعالة أفراد العائلة الآخرين، كما اعتاد زوجها أن يفعل، ثم أن بعض الناجين الذين عادوا إلى ديارهم بعد المجزرة بقوا عاطلين عن العمل وبدون أي إعانة مالية من السلطات المحلية أو المركزية.
2. والضرر الجسدي: ويُشير الضرر الجسدي إلى أي نوع من الإصابات الجسدية أو الإعاقة أو الاعتلال أو المرض، وقد تؤدي المعاناة العاطفية الشديدة أو المطولة للضحية غير المباشرة، بسبب وفاة الضحية المباشرة أو الأذى الذي لحق بها إلى أمراض أو آلام جسدية. وعانى أفراد العائلات ومازالوا من أمراض جسدية مثل ارتفاع ضغط الدم، والسكتات الدماغية، أو النوبات القلبية، ومشاكل في البصر والذاكرة وأصيب بعد أفراد العائلات بصدمة مؤقتة وحتى أن بعضهم نقل إلى المستشفى عندما علم بالحادث.
3. الضرر العقلي: ويشمل أي نوع من المعاناة النفسية مثل الحزن أو الفجيعة أو اضطراب الإجهاد التالي للصدمة أو أنواع أخرى من الاضطرابات النفسية أو الصدمات أو الكرب والضرر الجسدي والضرر العقلي. فقد تأثر الناجون مدى الحياة بالمجزرة التي أودت بحياة رفاقهم وظهر لدى العديد منهم أعراض اضطراب الإجهاد التالي للصدمة والاكتئاب والقلق على المدى الطويل وكان لتقتل أفراد قاعدة أكاديمية تكريت الجوية مثل العديد من المجاز الضخمة الشبيه بهذه المجزرة أثار نفسية بعيدة المدى على العائلات المباشرة وعلى المجتمع الأوسع نطاقا. وتشمل هذه الآثار تعطيل الحياة اليومية الآلاف العائلات والغرق في الحزن الناجم عن الصدمة أو الحزن المعقد الذي أصاب آلاف الأمهات والأبناء والأزواج والأخوات، فضلا عن الصدمات الجماعية والمتوارثة بين الأجيال التي طالت المجتمعات الشيعية في جميع أنحاء العراق
وخلص التقرير إلى ضرورة تلبية مجموعة من المطالب التي يطالب بها عائلات الضحايا وأهمها:
1. البحث عن الحقيقية: من الأهمية بمكان أن يعرف أفراد العائلة مصير المفقودين. وما إذا كانوا أحياء أو أمواتا. ويريد أفراد العائلات أن يتم العثور على ما تبقى من القبور وفتحها وتحديد رفات أحبائهم وتسليمها لهم.
2. العدالة الجنائية: يرغب الناجون وعائلاتهم أيضا في تسليط الضوء على المخالفات المرتكبة من خلال نظام العدالة الجنائية أو البحث عن أشكال أخرى من العدالة. ويشعر البعض بالإحباط لان أبنائهم أرسلوا إلى مكان كانت فيه معارك.. وان تدريبهم كان غير كاف، ثم إنهم لم يمنحوا السلاح للدفاع عن أنفسهم. ورغم مضي عشر سنوات يعتقد بعض الأهالي أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة غير كافية.
3. الجبر والاعتراف بالحقوق: كثيرا ما يمكن للجبر أن يتخذ شكل تعويض مالي أو غيره من أشكال الدعم المادي أن يساعد المتضررين في التعامل مع عواقب الجريمة. وقد يعتبر أيضا بمثابة اعتراف بوضع الضحية. وشدد الناجون إنهم لم يتلقوا أي دعم نفسي أو اجتماعي من السلطات المحلية أو المركزية. كما انه وجدوا صعوبة في إيجاد عمل والاندماج بالمجتمع. وأشار بعضهم إلى إنهم ظلوا عاطلين عن العمل لفترة طويلة ولم يتلقوا أي دعم مالي من السلطات. ويمكن أن يتخذ الجبر أيضا أشكالا رمزية أكثر من الاحتفال بذكرى جريمة سبايكر، وإقامة النصب التذكاري. ويريد العديد من العائلات إعلان مجزرة سبايكر إبادة جماعية، فصدور مثل هذا الإعلان عن الأمم المتحدة يمنح شيئا من العدالة على الأقل للناجين وعائلات الضحايا.
اضف تعليق