يجب على الحكومة ان تتبنى ستراتيجية لحل المشكلة تتضمن الاتي: إصلاح البنية التحتية: تحسين وصيانة شبكة الكهرباء القائمة، والتوسع في بناء محطات جديدة بالتعاون مع شركات دولية متخصصة، تنويع مصادر الطاقة: تطوير موارد الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والتي يمكن أن توفر بديلاً مستداماً وفعالاً على المدى الطويل...

مضت عشرون عاما على سقوط النظام الصدامي، وما زال العراق يعاني من مشكلة انقطاع التيار الكهربائي. كان العراقيون يأملون ان يتم حل هذه المشكلة بسقوط النظام الدكتاتوري، لكن احلامهم وامالهم ذهبت ادراج الرياح. فقد حصل العكس وتفاقمت المشكلة وكأننا ندور في حلقة مفرغة.

ان مشكلة الكهرباء هي احدى تجليات الخلل الحاد (=التخلف الحضاري) في المركب الحضاري ومنظومة القيم العليا الحافة بعناصره الخمسة: الانسان والارض والزمن والعلم والعمل.

لا شك ان مشكلة الكهرباء في العراق أزمة طويلة الأمد ومعقدة لها جذور تاريخية وسياسية واقتصادية. تتعلق هذه الأزمة بعدة عوامل داخلية وخارجية. سأحاول تلخيصها فيما يلي:

 الخلفية والأسباب

1. الدمار الناتج عن الحروب: تعاني بنية العراق التحتية للكهرباء من التدمير الشامل الناتج عن الحروب، بدءًا من الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات، مرورًا بحرب الخليج (1990-1991)، وصولًا إلى الغزو الأمريكي في 2003.

2. الفساد وسوء الإدارة: الفساد المستشري وسوء الإدارة في الحكومات العراقية المتعاقبة ساهم بشكل كبير في تعطيل مشاريع تطوير شبكة الكهرباء وإمدادها.

3. زيادة الطلب: تزايد السكان والتوسع العمراني أدى إلى زيادة الطلب على الكهرباء، ما جعل من الصعب تلبية هذا الطلب مع البنية التحتية المتضررة.

دور إيران والولايات المتحدة

1. إيران: العراق يعتمد بنسبة كبيرة على استيراد الغاز والكهرباء من إيران لسد الفجوة بين العرض والطلب. إيران ربما تستغل هذه النقطة كوسيلة ضغط سياسي على الحكومة العراقية في سياقات مختلفة.

2. الولايات المتحدة: فرضت الولايات المتحدة عقوبات على إيران والتي تشمل توريد الغاز والكهرباء إلى العراق، مما عقد الوضع وزاد من الضغوط على بغداد لإيجاد حلول بديلة. الولايات المتحدة تحاول دفع العراق لخفض اعتماده على إيران والتحول إلى استخدام مصادر طاقة محلية أو بدائل أخرى.

ملاحظة

قد يكون تضخيم دور أطراف خارجية كإيران والولايات المتحدة في أزمة الكهرباء محاولة لتوجيه الانتباه بعيدًا عن جوانب أخرى من الفشل أو الفساد الداخلي. العلاقات الدولية قد تلعب دورًا، لكن هناك أيضًا عوامل داخلية مهمة تشمل:

1. الإدارة والحوكمة: قد يكون هناك تقصير إداري أو فساد يعرقل عمليات الإصلاح والصيانة.

2. البنية التحتية المتقادمة: الأنظمة القديمة والمتهالكة تزيد من المشاكل الفنية والفاقد الكهربائي.

3. نقص الاستثمارات: التمويل غير الكافي يعوق تحسين وتطوير الشبكات والمحطات.

4. التخطيط الطويل الأمد: قد يكون هناك نقص في الاستراتيجيات والخطط المستقبلية المستدامة.

5. إجراءات الأمن والاستقرار: الوضع الأمني يؤثر سلباً على قدرة العمل الفعّال في هذا القطاع.

لذلك، يجب تحليل الأزمة من جميع الزوايا؛ الداخلية والخارجية، لضمان حل مستدام وشامل.

الحلول المقترحة

يجب على الحكومة العراقية ان تتبنى ستراتيجية لحل المشكلة تتضمن النقاط التالية: 

1. إصلاح البنية التحتية: تحسين وصيانة شبكة الكهرباء القائمة، والتوسع في بناء محطات جديدة بالتعاون مع شركات دولية متخصصة.

2. تنويع مصادر الطاقة: تطوير موارد الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والتي يمكن أن توفر بديلاً مستداماً وفعالاً على المدى الطويل.

3. تقليل الفساد: مكافحة الفساد في القطاع الحكومي وسن قوانين صارمة لضمان تنفيذ المشاريع بكفاءة وفعالية.

4. الشراكات الإقليمية والدولية: تعزيز التعاون مع الدول المجاورة والشركات الدولية للحصول على المساعدة في بناء قدرات جديدة وإصلاح القدرات الحالية.

5. تنويع الموردين: بدلاً من الاعتماد الكبير على إيران، يمكن أن ينوع العراق مصادر استيراد الغاز والكهرباء من دول أخرى مثل دول الخليج.

حل هذه الأزمة يتطلب تعاونًا مشتركًا بين الحكومة العراقية والمجتمع الدولي، بالإضافة إلى إرادة سياسية قوية وإصلاحات جذرية في الإدارة والحوكمة.

ماذا يفعل رئيس وزراء جاد؟

يمكن لرئيس وزراء جاد في سعيه لحل مشكلة الكهرباء، تنفيذ خطة شاملة تتضمن ملمحًا متعدد الجوانب لضمان توفير طاقة كهربائية مستدامة وموثوقة. بامكانه ان يتخذ اجراءات صارمة و حازمة لتنفيذ الخطة المقترحة التالية:

 1. التحليل الشامل والتخطيط

 أ. تقيم البنية التحتية الحالية

- تقييم الوضع الحالي: جمع البيانات وتحليلها لتحديد نقاط الضعف في الشبكة الكهربائية الحالية.

- تحديث وصيانة: وضع خطة واضحة لصيانة وتحديث الأجهزة والمعدات المتقادمة.

 ب. التخطيط الاستراتيجي

- خطة قصيرة وطويلة الأجل: وضع خطة استراتيجية تتضمن أهدافًا قصيرة الأجل لتحسين النظام على الفور وأهدافًا طويلة الأجل لتحقيق الاستدامة.

 2. تنويع مصادر الطاقة

 أ. زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة

- الطاقة الشمسية والرياح: الاستثمار في مشاريع الطاقة الشمسية والرياح في مناطق مختلفة من البلاد.  

 ب. تطوير تكنولوجيا التخزين

- البطاريات وتكنولوجيا التخزين الأخرى: تطوير محطات تخزين الطاقة لضمان الاستخدام الفعال للطاقة المتجددة.

 3. تحسين الكفاءة التشغيلية

 أ. تحديث الشبكة الكهربائية

- الشبكات الذكية: تنفيذ تكنولوجيا الشبكات الذكية لتحقيق تحكم أفضل وكفاءة أعلى في توزيع الطاقة.

  ب. تقليل الفاقد والهدر

- محاربة سرقة الكهرباء: تطبيق إجراءات قانونية وتشديد الرقابة لمنع سرقة الكهرباء.

- الصيانة الوقائية: إجراء صيانة دورية وتقوية الاستثمار في البنية التحتية لتقليل الفاقد التقني.

 4. التعاون الدولي والإقليمي

 أ. الشراكات مع الدول والمنظمات العالمية

- التعاون الدولي: التعاون مع دول ذات خبرة في مجال الطاقة والاستفادة من خبراتها مثل ألمانيا وكندا.

- التمويل الدولي: الحصول على قروض ومنح دولية لتمويل مشاريع تطوير البنية التحتية.

  5. إصلاحات إدارية وتنظيمية

 أ. تحسين إدارة القطاع

- الشفافية والمساءلة: تعزيز الشفافية في إدارة قطاع الكهرباء ومحاسبة المسؤولين عن الفساد والغش.

  ب. تشجيع القطاع الخاص

- خصخصة جزئية: تشجيع الاستثمار الخاص من خلال تقديم حوافز وبرامج تمويل ميسرة للمشاريع المتعلقة بالكهرباء.

  6. التوعية المجتمعية والتعليم

 أ. تعزيز الوعي بأهمية الكهرباء

- برامج توعية: إطلاق حملات توعية لتشجيع استخدام الكهرباء بشكل مسؤول ومستدام. يمكن ان تقوم شبكة الاعلام العراقي بدور رئيسي في هذا المجال.

  ب. التعليم والتدريب

- برامج تعليمية وتدريبية: تطوير برامج تعليمية لتأهيل كوادر متخصصة في تكنولوجيا الطاقة المتقدمة وإدارة الشبكات.

 7. التحقق المستمر والمراقبة

 أ. آلية مراقبة فعالة

- مراقبة وتحليل الأداء: إنشاء نظام لمراقبة الأداء والتحقق المستمر لضمان التقدم وتحقيق الأهداف المطلوبة.

  ب. تقارير دورية

- إعداد تقارير دورية: إعداد تقارير دورية تعرض مستوى التقدم والمعوقات وتقديمها للجمهور.

هذه الخطة تشمل الجميع وتضمن تحليل دقيق للمشكلات المتواجدة مع تطبيق حلول فعالة ومستدامة لتحقيق هدف توفير الكهرباء بشكل مستدام وموثوق.

اضف تعليق