إعادة تكوين مناطق توزيع الكهرباء وفق اليات الحوكمة الإلكترونية، مشروع استراتيجي لوزارة الكهرباء على مدة معروفة للتحول إلى الجباية الإلكترونية، فإذا كانت شركات الخصخصة تستطيع فعل ذلك، الأجدر بكوادر الوزارة وهم بالآلاف يقبضون مليارات من الموازنة العامة، ان يكونوا قادرين على تنفيذ نموذج شركات جباية إلكترونية...
لست بصدد التشائم او التفاؤل في النظر لازمة الكهرباء المتكررة صيف كل عام بل والهاجس الأكيد للمواطن العراقي.
لكن... اي تحليل موضوعي لابد وان يتعامل مع الحالة الكلية بدلا من التقصد النوعي.. وفي هذا السياق يبدو من الممكن القول :
اولا: من نافلة القول ان مفاسد المحاصصة ولدت أزمات متوالدة في عراق اليوم بعد أكثر من عشرين عاما على الاحتلال الصهيوني للعراق.
وابرز هذه الازمات سوء الإدارة.. هدر المال العام.. عدم نجاعة التخطيط الاستراتيجي.
ثانيا: كل نتاج مفاسد المحاصصة انتهى إلى ظهور عشوائيات المدن منها حوالي ٥٠٠ حي ومنطقة عشوائية في بغداد لوحدها.. مقابل تلك التراخيص الاستثمارية لعمارات سكنية بلا خدمات بنية تحتية.. كما هو حال مجمع بسماية الذي أدخلت محطة الكهرباء فيه لخدمة الشبكة الوطنية.. فكم مجمع ومول تجاري وجامعة أهلية تمتص خيرات الكهرباء والبنى التحتية فقط لأنها واجهات للجان الاقتصادية الحزبية.. وعلى ذات الخط تعتبر العشوائيات التي توزع اراضيها من قبل متنفذين في الأحزاب السياسية نوعا من ضمان الأصوات الانتخابية على حساب الخدمات العامة.
ثالثا: فشل الجباية والخصخصة.. مثال ذلك منطقة تدفع الاستحقاق المالي لجباية الكهرباء.. وعلى بعد خطوات عنها فقط سكنة الأحياء العشوائية يحصلون على الكهرباء والخدمات المدنية مجانا!!
هذا الأمر الذي لم تتعامل معه كافة الأحزاب السياسية في دورات مجلس النواب.. بل العكس يتمثل في مشروع القانون المتقدم بتمليك تلك العشوائيات كحل نهائي.. فيما لم يفكر اي حزب ان زيادة الهجرة من المناطق الريفية إلى المدن يؤدي إلى خلل اجتماعي وخدمي.. لان لا يوجد هناك أي تخطيط أعلى من اليات وأساليب الحصول على المنفعة من المال العام تحت نظام مفاسد المحاصصة.
رابعا: أبرز الحلول الفضلي المطروحة.. ان تبدأ وزارة التخطيط بالنظر في استراتيجية إعادة التوطين السكانية.. واعادة المهاجرين من الريف لمناطقهم.. من خلال برامج عمل تشاركية في الري الصناعي.. والتعامل مع دول الجوار لادامة تزويد نهري دجلة والفرات بالحصة المطلوبة..
الحل الثاني.. منع الشراء والتملك في مراكز المدن ومنها بغداد حسب التسجيل المدني وحصر متغيرات الانتقال من أطراف الريف إلى مراكز المدن بضوابط صارمة.. مشددة.. من دون النظر إلى جمهور الأحزاب الانتخابية في تكوين مثل تلك العشوائيات ورد القوائم الانتخابية إلى مناطق السكن الأصلية واعتبار سكن العشوائيات خارج ضوابط الاشتراك في الانتخابات.
الحل الثالث.. تشديد ضوابط تقسيم الدور دون حدود المائة متر واعتبار ذلك أقرب إلى العشوائيات.. والانتهاء من نموذج السكن الزراعي..
الحل الرابع.. إعادة تكوين مناطق توزيع الكهرباء وفق اليات الحوكمة الإلكترونية.. مشروع استراتيجي لوزارة الكهرباء على مدة معروفة للتحول إلى الجباية الإلكترونية.. فإذا كانت شركات الخصخصة تستطيع فعل ذلك.. الأجدر بكوادر الوزارة وهم بالآلاف يقبضون مليارات من الموازنة العامة.. ان يكونوا قادرين على تنفيذ نموذج شركات جباية إلكترونية.. اليس هذا هو الاصح ام ان مفاسد المحاصصة واعداداتها تمنع ذلك؟؟
الحل الخامس.. الانتهاء كليا من أزمة الغاز الإيراني وخطوط النقل الخارجية من جميع الدول.. والعمل على إعادة تكوين صناعة الطاقة الكهربائية وفق متغيرات التقدم المعرفي. مثل الطاقة النظيفة.. واستثمار مواقع تواجد الغاز الطبيعي عراقيا.. والانتقال حتى لانتاج الطاقة الكهربائية حراريا بطاقة كبرى.. والخروج من نموذج محطة كهربائية لكل محافظة....
واقع الحال هناك الكثر والكثير جدا من أوراق العمل في ندوات عقدت مؤتمرات نظمت لمعالجة هذه الازمة فنيا. لكن لابد اليوم من التوقف عند اثام َ مفاسد المحاصصة لفهم حقيقة الازمة.. او مواجهة تطاهرات غاضبة في صيف سياسي قائظ.. ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!
اضف تعليق