الحرب في غزة صارت تقترب من نهايتها، أو بتعبير ادق انتهت الصفحات الاكبر فيها، وهناك مشروع اميركي اوربي يتكامل في الكواليس، يتضمن حل الدولتين وإنهاء الملف الفلسطيني بشكل نهائي، من أبرز ملامحه الاعترافات الأوروبية المتتالية بالدولة الفلسطينية، ولعل ما قاله أحد المسؤولين الأوروبيين مؤخرا، يؤكد حقيقة مهمة علينا أن نقرأها بدقة...

الحرب في غزة صارت تقترب من نهايتها، أو بتعبير ادق انتهت الصفحات الاكبر فيها، وهناك مشروع اميركي اوربي يتكامل في الكواليس، يتضمن حل الدولتين وإنهاء الملف الفلسطيني بشكل نهائي، من أبرز ملامحه الاعترافات الأوروبية المتتالية بالدولة الفلسطينية، ولعل ما قاله أحد المسؤولين الأوروبيين مؤخرا، يؤكد حقيقة مهمة علينا أن نقرأها بدقة، إذ قال بالمعنى؛ إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يأتي في سياق رؤية شاملة لإنهاء الصراع.. بمعنى أن الاعتراف بفلسطين الدولة سيضع اسرائيل أو بشكل أدق اليمين الاسرائيلي امام الأمر الواقع.

الدعم الاميركي الغربي لإسرائيل في حربها على حماس جاء في سياق معركة الحسم، بعد أن ظلت حماس ترفض أي اعتراف باسرائيل مقابل ذلك ظل اليمين الاسرائيلي المتطرف يحلم بالتوسع والإيغال في الحلم التوراتي الذي تحوّل إلى كابوس قوّض حياة الاسرائيليين والفلسطينيين معا، كونه حلما طوباويا لاعلاقة له بالواقع واستحقاقات الحياة المعاصرة.. نتنياهو ورهط اليمين المتطرف الذي يتحالف معه يريدون جعل مخرجات حربهم هذه تصب في صالح مشروعهم التوراتي هذا، بل راح بعض أقطاب هذا التحالف الاصولي يطالبون بتهجير الفلسطينيين من غزة وتوزيعهم على الدول المجاورة وغيرها! 

لكن ادارة بايدن تدرك حجم الحرج، الذي وضعتها فيه اسرائيل بعد التصاعد المرعب لأعداد الضحايا الفلسطينيين نتيجة لاستمرار الحرب الدموية التي جعلت العالم يضج والتظاهرات تملأ الشوارع وتمتد إلى الجامعات في اميركا التي شهدت نشاطا غير مسبوق للطلبة في رفضهم استمرار الحرب وادانة اليمين المتطرف في اسرائيل.

لا شك ان واقعا ثقافيا جديدا بدأ يظهر ويعلن عن نفسه بطريقة غير معهودة في اميركا، جعل صنّاع القرار هناك يستعجلون إنهاء الحرب والعمل على ان لا يكون لحماس دور سياسي في قطاع غزة او غيرها، أي انهاء اي مصدر تهديد لإسرائيل تمهيدا لحل الدولتين وفرض ذلك على اليمين الاسرائيلي، بعد ان يصبح الاعتراف بفلسطين واقعا فرضته ارادة دول كثيرة وكبيرة ومؤثرة، وسيكون هذا داعما للموقف الاميركي الضاغط على اسرائيل للقبول به، والتعامل مع حل الدولتين بواقعية، بعيدا عن الشعارات الدينية الطوباوية التي كانت وراء التصعيدات المتتالية التي لم يجن منها كلا الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي سوى المزيد من الموت والخراب والقلق، وابعدت فرص الحل السلمي ولم تقرّبها، وهو ما بات الكثيرون اليوم في قطاع غزة يدركونه أكثر من اي وقت مضى، بعد ان أيقن الفلسطينيون بشكل عام ان المتاجرة بقضيتهم ارهقتهم واضاعت مستقبل أجيال من ابنائهم بالإضافة إلى الحياة المضطربة المستمرة.

قلنا قبل مدة، على الدول العربية أن تستعد لهذه المرحلة جيدا وتوحد كلمتها، ليكون موقفها التفاوضي في مؤتمر السلام القادم أقوى وأوضح في طرحه امام العالم، لأن الأمور متجهة بهذا المسار، والمنطقة كلها مقبلة على تحولات كبيرة في سياساتها وطبيعة علاقاتها مع بعضها، كون العالم المقبل سيكون متعدد الأقطاب، وأن أميركا لن تسمح بأن يكون هناك قطب دولي منافس لها على مصالحها، وتحديدا في الشرق الاوسط الذي يعد خزان الطاقة في العالم والموقع الجيوسياسي الحساس، وان مفتاح استقراره وانسجامه مع اميركا والغرب هو حل القضية الفلسطينية، بعد ان كانت صناعتها سابقا مفتاحا للتدخل في الشرق الأوسط والبلدان العربية.. في واقع سياسي مختلف آنذاك تماما..! 

اضف تعليق