العراق يمكن ان يكون عنصر قوة إقتصادي للمنطقة، خصوصاً مع الانفتاح الكبير على العالم، وأن زيارة السيد رئيس الوزراء الى واشنطن عكست هذا التوجه على ان يكون العراق منطقة (الالتقاء) مع العالم، لذلك من الضروري ان يكون يستثمر العراق هذا النفوذ وليأخذ طريقه دوره الاقتصادي...
تأتي زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الى العراق بعد انقطاع لأكثر من 13 عاماً، وتناقلت وسائل الاعلام أهمية الزيارة والملفات التي تحملها، كملف المياه والمنافذ الحدودية والملف الامني الاهم وتحديداً مصير حزب العمال الكردستاني الذي يتخذ من جبال شمال العراق وكراً له، وهي تعد الاولى بعد التوتر الذي ساد العلاقة بسبب مقاتلي حزب العمال الى جانب الخلافات الاخرى.
الملف الاهم والابرز لا يكمن فيما قيل سابقاً، بل ان ملف طريق التنمية الاستراتيجي هو من جعل أردوغان ينزل بطائرته الى بغداد، ويقبل أي اتفاق يمكن ان يضمن مصالحه، وأهمها اتفاقية أمدها عشرة سنوات بشان إدارة المياه المائية بين البلدين، الامر الذي جعل من العراق محور قوة للمنطقة، خصوصاً وأن الطريق العالمي يمر عبر العراق، وأن ميناء الفاو الكبير والذي سينقل 18% من النقل العالمي، يمكن ان يوفر مئات الالاف من فرص العمل للشباب، ويفتح مورد آخر لخزينة الدولة، لذلك فإن هذا الطريق يمكن له ان يفتح للعراق باباً لتوسعة الاقتصاد ويخفف العبء عن الاعتماد على تصدير النفط.
أردوغان أشار الى اهمية العلاقة بين البلدين، بالاضافة الى أنها ستدخل الطرفين في مرحلة جديدة، خصوصاً بعد الاتفاق المباشر على إنهاء ملف حزب العمال وتعزيز العلاقات الاقتصادية عبر هذا الممر التجاري العالمي (طريق التنمية) والذي سيشكل نقطة تحول جديدة في مسار العلاقات (التركية-العراقية)، لذلك تسعى أنقرة وبقوة من أجل تأمين حدودها من خلال بناء ممر أمني آمن يتراوح بين (30-40) كم على طول الحدود المشتركة مع العراق، وان وجود حزب العمال الكردستاني في شمال العراق يهدد مخطط طريق التنمية والذي من شأنه أن يربط البصرة بتركيا وأوربا من خلال شبكة من خطوط السكك الحديد والطرق الدولية السريعة.
الطريق السككي الذي يبلغ طوله 1200 كم يربط الخليج بتركيا عبر العراق، حيث ستعمل القطارات بسرعة تصل الى 300 كم بالساعة إذ يمكن ان يكون الرابط بين الشرق والغرب عبر البصرة والى تركيا، إذ سيكون الامارات المشرف على إدارة الميناء وإدارته بالتعاون مع شركة الموانئ العراقية، وهذا ما دفع أردوغان ان يدفع باتجاه هذا المشروع حيث يعد من الداعمين له، ويعده بديلاً للممر الاقتصادي بين الهند والشرق الاوسط.
هذا المشروع المهم للطرفين يمكن ان يدر على العراق أكثر من 4 مليار دولار سنوياً وخلق فرص عمل ما لايقل عن 100 الف فرصة عمل للشباب، وهذا ما استدعى الاهتمام به وضرورة تنفيذه من الطرفين ليكون ممراً إقتصادياً يمكن ان يغني عن الكثير من المنافذ الحدودية التي يمكن الاستغناء عنها لأسباب أمنية.
العراق يمكن ان يكون عنصر قوة إقتصادي للمنطقة، خصوصاً مع الانفتاح الكبير على العالم، وأن زيارة السيد رئيس الوزراء الى واشنطن عكست هذا التوجه على ان يكون العراق منطقة (الالتقاء) مع العالم، لذلك من الضروري ان يكون يستثمر العراق هذا النفوذ وليأخذ طريقه دوره الاقتصادي والسياسي في العالم، وأن يفاوض من منطلق قوة لا ضعف، وان يكون نداً للجميع ليعيد حقوقه ومكانته وسيادته.
اضف تعليق