أثار قرار مجلس الوزراء بجلسته الأخيرة نقاشاً واسعاً في الفضاء العام وردود أفعال متباينة بين ناقد ومعترض ومتفهّم لرفع سعر البنزين المحسّن والممتاز، بينما سكتَ اصدقاء البنزين العادي لعدم شموله بالزيادة، وتحدّث النفطيون عن خسائر البنزين المستورد المدعوم وواقع المصافي العراقية، وغرّد المغردون الاقتصاديون بعدم تأثير الزيادة على الكلفة العامة للنقل...
أثار قرار مجلس الوزراء بجلسته الأخيرة نقاشاً واسعاً في الفضاء العام وردود أفعال متباينة بين ناقد ومعترض ومتفهّم لرفع سعر البنزين المحسّن والممتاز، بينما سكتَ اصدقاء البنزين العادي لعدم شموله بالزيادة، وتحدّث النفطيون عن خسائر البنزين المستورد المدعوم وواقع المصافي العراقية، وغرّد المغردون الاقتصاديون بعدم تأثير الزيادة على الكلفة العامة للنقل مادام سعر الوقود الذي تستخدمه معظم السيارات لم يتغيّر، وهناك من توقّع العكس، وكان ومايزال حديث الناس التي تعوّدت لسنوات طويلة على ثبات اسعار الجبايات والخدمات الحكومية، ولذلك يوصف قرار رفع أسعار البنزين بأنه من القرارات الصعبة لأن الموقف الشعبي منه معروف مسبقاً، لكن استثناء البنزين العادي ضيّق مساحة الإعتراض بشكلٍ ملحوظ، ورفعت الحكومة سعر اللتر الواحد من البنزين المحسن (عالي الأوكتان) من 650 ديناراً (نحو 50 سنتاً) إلى 850 ديناراً، وللبنزين الممتاز من 1000 دينار إلى 1250 ديناراً للتر الواحد، اعتباراً من 1 مايو (أيار) المقبل، ورغم أن الحكومة أبقت أسعار الوقود العادي البالغة 450 دينار للتر الواحد، في محاولة لعدم التأثير على أصحاب سيارات الأجرة والمواطنين قليلي الدخل، لكن ذلك لم يحل دون تعرضها لموجة غضب عارمة.
ويلجأ عدد غير قليل من أصحاب سيارات الأجرة وغيرهم إلى التزود بالوقود المحسَّن بين فترة وأخرى، بالنظر لرداءة الوقود العادي وتأثيره السلبي على محركات السيارات، وقبل ذلك بأيام، أثارت غرامات مالية فرضتها «كاميرات ذكية» على بعض التقاطعات المرورية في بغداد المزيد من مشاعر الغضب وعدم الرضا، وغالباً ما يتسبب الغضب الشعبي بتراجع حظوظ رئيس الوزراء الانتخابية؛ ما يعني إمكانية تراجع السوداني عن قرار زيادة سعر الوقود، أو أن يواجه تداعياته المحتملة، بحسب مراقبين.
وقد أعاد قرار رفع الدعم عن البنزين الحديث عن شؤون وشجون النقل العام في العراق، وهو القطاع المنفلت الذي لم يشهد تطوراً على صعيد التحديث والتنظيم والإلتزام بالقانون والنظام والآداب العامة، مع أن تطويره كفيل بإحداث نقلة تاريخية ونوعية في حياة العراقيين، والذين يستخدمون خطوط النقل العام، وهم الأغلبية، كيّفوا أنفسهم على التحمّل والصبر الجميل وقضاء الوقت بالحوقلة والتعويذات والاستغفار حتى آخر المشوار الذي ينتهي أحيانا بمشادة ومشاجرة وتغيير إتجاه السير نحو أقرب مركز شرطة، وبحالة تشكيك دائمة بالركّاب لنقص الأجرة (نفر واحد) فمنذ دخول سيارات الأجرة الى العراق والى يومنا الحاضر لم يتم التعرّف على هوية هذا النفر الضال الذي لايدفع!
وقبل وبعد رفع الدعم عن سعر البنزين المحسّن والممتاز، فإن (سيد الحلول) هو توفير وسائل نقل عام آمنة ومريحة ومنضبطة وملتزمة بالتوقيتات المحددة، تعطي للمدينة وجهاً حضارياً أجمل وتنظّم حياة العراقيين وتضبطها بالساعة والدقيقة وتكفينا شر الجدال، ولا نعرف سبباً واحداّ يمنع تنظيم قطاع النقل العام بالشكل الذي ينفع الصالح العام ويقلل الضرر ويغني الناس عن استخدام سياراتهم الشخصية وتقليل إستهلاك البنزين المضر للبيئة، والمشكلة لاتحل دون حزمة إجراءات،الى جانب مشاريع فك الإختناقات المرورية المتسارعة، وفي مقدمة الحلول إصلاح قطاع النقل العام، وتقليل استيراد السيارات، ونقل مشاريع الإسكان ومقار الوزارات الى أطراف العاصمة ذات التسعة ملايين نسمة والأربعة ملايين سيارة والمليون دراجة وستوتة وتوك توك، وتركيز الدعم على المواد الغذائية والأساسية، وتحسين كفاءة البنزين العادي ليكون صديقاً دائماً،ما من صداقته بدُ، وحتى لايكون لدينا مواطن مميز ومواطن عادي.
اضف تعليق