قبل الالتزام بالضوابط الحكومية على التاجر والجهات الرقابية الالتزام بالضوابط الأخلاقية والمبادئ الإسلامية التي حرّمت الغش والتسبب بكل ما يؤذي الآخرين، فلا تجارة دائمة ولا ثروة باقية، والثابت الوحيد هو رضا الله الذي يضاعف الخيرات دون اللجوء الى الأساليب المنحرفة وغير المشروعة...
النظر الى أسفل العلبة الحاوية على مواد غذائية كالقشطة او المعجون وغيرها من المواد يحدث بالصدفة، ولا توجد ثقافة شعبية تهتم بمعرفة مدى صلاحية المنتجات المعروضة في المحال التجارية، فمن يتحمل مسؤولية هذا الخرق القانوني والأخلاقي الدولة ام التجار؟
تعج الأسواق العراقية بمواد منتهية الصلاحية او قريبة من الانتهاء، بينما المواطن يُقدم على شراءها دون الالتفات الى خطورة الامر وما قد تسببه لصحته على المدى البعيد، ونتيجة لذلك تحصل بين فترة وأخرى الكثير من حالات التسمم في عموم البلاد مع التكتم الكامل على المتسبب في هذه الحالات!
حصول حالات التسمم والتلاعب في مقدرات وحياة المواطنين هو من دفع الأجهزة الرقابية الحكومية الى شن حملات مستمرة، لمراقبة الأسواق في المناطق السكنية، لكن تبقى حالة من عدم السيطرة على دخول المواد الغذائية الى السوق المحلية، وجميع الجهود المبذولة لا تساوي حجم التلاعب الكبير من قبل التجار الجشعين الذين لا يراعون غير مسألتهم الربحية.
من مصاديق المراقبة الحكومية هو الإعلان اليومي عن اتلاف عشرات الاطنان من البضائع والسلع الفاسدة، ومع كل ذلك تبقى العملية غير قابلة للحد، نظرا لكثرة الكميات المستوردة بهذه الطريقة، وهي ان لم تكن منتهية الصلاحية فهي قريبة الانتهاء، وبالتالي تطرح في الأسواق وعلى المواطن ان يتحمل الاضرار.
تأكيدات الجهات الرقابية الحكومية ومن بينها الصحية لا يعني ان الجهات الرقابية الأخرى غير معنية او خالية مسؤولية، ففي المنافذ الحدودية يحصل العجب العجاب، حاويات بأكملها غير قابلة للتفتيش، وارصفة بحرية بمجملها تابعة لجهات سياسية لا يستطيع جهاز الرقابة والسيطرة النوعية ممارسة وظيفته تجاهها، وهنا الطامة الكبرى.
الخطير في الموضوع ان اغلب المواد الداخلة تحتوي على مواد مسرطنة تتسبب بالكثير من الامراض من بينها الامراض القاتلة، وهذا يفسر انتشار الامراض السرطانية بين الافراد، وهنالك احصائيات دقيقة تشير الى إن نسب الإصابة به في العراق دون 80 حالة لكل 100 ألف عراقي في العام الواحد.
أضف الى ذلك الكثير من الامراض التي تسببها المواد المضافة للمنتجات للحفاظ عليها وجعلها أكثر مقاومة للتأكسد والتحلل البكتيري، ولأجل ذلك فالعراق بحاجة فعلية في الوقت الراهن الى تشديد الرقابة على المواد والسلع الداخلة، فهي في اغلب الأحيان تأتي من مناشئ غير موثوقة ومصادر همها الأكبر هو الأرباح المرتفعة.
مثل هذه السلع تحظى بإقبال كبير من قبل التاجر العراقي، الذي يفضل الكم على النوع وآخر ما يحرص عليه ويضعه في الحسبان هو صحة الانسان، لذلك فهو يميل الى البضائع والخدمات الأقل تكلفة والأكثر نفعا، وهذا هو ديدن التجارة العالمية الخالية من الضوابط التي تحكم عملها.
تفعيل الرقابة يجب ان يكون على شكل مراحل متعددة تبدأ بمنح التاجر رخصة الاستيراد بناء على خلفيته المالية وقدرته على التعامل مع المصانع والماركات العالمية، فمن غير الصحيح وضع الحبل على الغارب وترك التاجر يستورد ما يحلو له دون فرض حزمة من الشروط والضوابط التي تجعل السوق المحلية خالية الى حد ما من السلع المنتهية الصلاحية.
وفي الانتقال الى جانب الرقابة الداخلية، فالأسواق التجارية المحلية ينقصها العديد من الأمور التي تجعلها بمصاف الأسواق النموذجية، ومن بين المتطلبات هو توفير أماكن خزن مكيفة لحفظ المواد الغذائية سريعة التلف، كما تعرف عزيزي القارئ ان الكثير من السلع لا تقاوم الأجواء العراقية المعروفة بارتفاع درجات الحرارة.
كذلك هنالك خلل واضح في الحملات الرقابية، وهذا الخلل ولّد حالة من الاطمئنان لدى التاجر العراقي في جعل عملية الاستيراد عشوائية غير خاضعة للمعايير الوطنية التي وضعها جهاز التقييس والسيطرة النوعية، وبعدها انتشرت السلع المضروبة كالنار في الهشيم داخل الأسواق العراقية.
قبل الالتزام بالضوابط الحكومية على التاجر والجهات الرقابية الالتزام بالضوابط الأخلاقية والمبادئ الإسلامية التي حرّمت الغش والتسبب بكل ما يؤذي الآخرين، فلا تجارة دائمة ولا ثروة باقية، والثابت الوحيد هو رضا الله الذي يضاعف الخيرات دون اللجوء الى الأساليب المنحرفة وغير المشروعة.
اضف تعليق