ان شهر رمضان يحتوي على الكثير من الفرص للانسان ومنها فرصة تعلم الصبر والعمل به فعليه ان يستثمرها بكل ما اوتي من قوة ليصل الى مراحل الرضا عن النفس الناتج من الشعور برضا الله عنه وهذا ينم عن وعي عال والتزام كبير...
لم يكن الله سبحانه وتعالى ليفرض الصيام على عباده عبثاً وحاشى له ذلك، انما اراد من ذلك ترسخ العديد من القيم الانسانية واعادة تثبيتها في كل عام بعد ان يغادرها الانسان او ينساها نظراً لطبيعته التي تتسم بكثرة النسيان وبالتالي الوقوع في حبال الغفلة، ومن اهم القيم التي يراد لها ان تبقى متقدة لدى البشر هي قيمة الصبر، فماهو الصبر؟، وماهي اوجه الصبر في شهر رمضان المبارك.
يعرف علم النفس الصبر على أنه اتخاذ القرارات تجاه المشكلة، التي تنطوي على اختيار مكافأة صغيرة في الأجل القصير، أو مكافأة أكثر قيمة على المدى الطويل، بمعنى ان الانسان يفضل ماهو اغلى وان كان مؤجل على ماهو اني غير ذي قيمة او انه ذو قيمة مؤقتة.
ان العلاقة بين الصيام وقيمة الصبر علاقة واضحة جداً فلا يذكر احدهما الا وذكر الثاني فالصيام هو الطريق المختصر للتخلق بخلق الصبر وهذا سبب من اسباب فرض الله تعالى للصيام على عباده، والهدف العام هو ترسيخ تزكية النفوس، وتطهير القلوب حتى يتربع المسلم على مقام التقوى.
في رمضان يصبر الانسان على الامتناع الكثير من السلوكيات التي اعتاد على القيام بها لذا يقال ان الصبر هو ثمرة الصيام، فحين يمتنع الانسان عن تناول جميع المفطرات بنية التقرب من الله والامتثال لاوامره لساعات طويلة من اليوم انما هو قمة الثبات والطاعة، فليس هناك صبراً اكبر من الصبر على ألم الجوع والعطش وحاجات النفس وشهواتها.
فالصيام ليس امتناع الفرد عن الاكل والشرب وباقي الحاجات الانسانية فقط بل هو امتناع ايضاً عن الغيبة والنميمة وجميع السلوكيات المنحرفة التي تنافي قيم الاسلام وقيم الشهر الفضيل، وانا حين اقول هذا لا اعني ان هذه السلوكيات مقبولة في باقي ايام السنة ومرفوض في شهر رمضان انما اقول ان في رمضان فرصة كبيرة لعودة الانسان الى فطرته السليمة التي فطر عليها.
كما ان اعمال شهر رمضان الواجبة منها والمستحبة الصلاة وتلاوة القرآن والاحسان الى الناس واطعام الطعام والداعاء والتوبة والاستغفار وجميع اشكال التعبد والطاعة تحتاج من الانسان ان يكون صبوراً للقيام بها على اتم الوجوه وافضلها والا سيكون تأديتها على سبيل (الحشر مع الناس عيد) وبالتالي ستكون قليلة الفائدة على من يؤديها لان مثل هذه الاعمال تحتاج الروحانية العالية التي تخلق الصبر والاخلاص.
ومن الطبيعي حين يتعرض الانسان للضغط في العمل سيما مع كونه صائم سيكون مستفزاً وعرضة للعصبية اكثر من من الايام العادية، قبالة هذه التغير في المزاج يجب ان يراعي الانسان ان الاخرين من هم في محيطه البشري سواء في العمل او في البيت ليس لهم ذنب بما يجري والحرص على عدم ايذاءهم وازعاجهم والتعامل معهم بلطف رغم كل الاسباب التي ذكرناها هي وجه من اوجه صبر الانسان في رمضان.
ان شهر رمضان يحتوي على الكثير من الفرص للانسان ومنها فرصة تعلم الصبر والعمل به فعليه ان يستثمرها بكل ما اوتي من قوة ليصل الى مراحل الرضا عن النفس الناتج من الشعور برضا الله عنه وهذا ينم عن وعي عال والتزام كبير، جعلنا الله واياكم من الممتثلين لأوامر الله والمنتهين عما ينهي عنه وتقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال في هذا الشهر الكريم.
اضف تعليق