الشرط الرابع هو قيام الحكومة بضبط حركة البضائع والسلع عبر الحدود، ومنع تدفقها بصورة عشوائية، عبر تصديها لعملية الاستيراد، اذ يضمن هذا الاجراء السيطرة على الاسعار وتفويت فرصة التلاعب والبيع بأسعار حسب رغبة تجار المفرد وليس الضابطة الحكومية التي من المفترض ان تكون بمثابة الخط الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه...
مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك اخذت أسعار المواد الغذائية بالقفز كما في السنوات الماضية، وكأن شهر رمضان صار الموعد المرتقب لإجراء التغييرات السوقية، بينما تعد وزارة التجارة العراقية وعبر دائرة الرقابة العدة لمراقبة السوق المحلية في بغداد والمحافظات، فكيف تسيطر على توازن الأسعار وماهي الآلية؟
جولات الفرق التابعة لدائرة الرقابة في وزارة التجارة تجري على قدم وساق رفقة الأجهزة الأمنية المختصة، حيث اخذت أصداء هذه الجولة بالانتشار في الأوساط المجتمعية، التي اكتوت بنيران غلاء الأسعار وبيع التجار للمواد كل حسب قناعته دون وضع رادع حكومي لهذه الخروقات.
هنالك من يُشكل على هذه الجولات كونها جاءت متأخرة، لاسيما وان المواطن قد دفع الثمن باهظا نتيجة جشع تجار الجملة والتجزئة بقوت الملايين منهم، بعيدا عن تدخل الجهات الرقابية الحكومية، ففي السنوات السابقة شهدت الأسواق المحلية قفزات متباعدة في الأسعار وبقي المواطن اسير هذه التحولات التي قللت قيمة النقود وخفضت القيمة الشرائية لها.
المواطن يسأل ويتمنى ان يُجاب بطريقة بعيدة عن التسويف والتضليل الرسمي، هل الحكومة جادة في هذه الحملة، ام ستذهب الأهداف بمجرد وقوف الكاميرات عن التصوير وعودة المشرفين عليها الى دوائرهم؟
الإجابة المتوقعة والمؤكدة ان الجهات الرقابية لديها من الجدية ما يجعل جميع المفاصل التجارية خاضعة للرقابة الفعلية ولا يقتصر الامر على الإجراءات الشكلية التي تذهب كسحابة صيف.
دعونا نترك ما يتعلق بالإجابات ونتكلم بالواقعية والمنطق، المنطق يقول ان الحملات الرقابية الحالية هي ليست المرة الأولى التي تُطلق فيها، وبالنظر الى النتائج السابقة تتعرف بسهولة على النتائج المتوقعة، ففي السابق لم تؤد الى طفرة نوعية في المجال الرقابي، ولم تُحدث تغيير واضح في الأسعار او السيطرة عليها ومنعها من مواصلة الارتفاع.
الأسعار في ازدياد مستمر بالتزامن مع اجراء الزيارات الميدانية ومعاقبة بعض المقصرين من أصحاب المحال التجارية، واغلاق البعض الآخر الى جانب إجبار العديد على توقيع تعهدات خطية تضمن الالتزام من قبل تجار التجزئة وكذلك الجملة المتحكمين في الأسواق وتحريكها بما يروق لهم.
ولكي تكون الحملة جادة وفعالة من الناحية العملية يجب ان تعمل وفق جملة من الشروط:
أولى هذه الشروط هي استمراريتها وعدم اقتصراها على زمان ومكان محددين، وهما اقتراب حلول شهر رمضان واقتصارها على مناطق محددة من مركز المدينة، على الرغم من كون مؤشر الأسعار في هذا الشهر يتجه صوب الارتفاع بشكل غريب، ويأخذ بالتراجع او الاستقرار لمدة معينة ويواصل الارتفاع وهكذا.
اما الشرط الثاني هو تكثيف هذه الحملات وزيادة اعداد المشاركين فيها للسيطرة على الأسعار بوقت قياسي، بمعنى آخر، قيام وزارة التجارة بتعيين او تحديد لجان ثابتة تجري جولاتها الرقابية لمنطقة محددة من المدينة لرصد المخالفات فيها وفرض غرامات وعقوبات كفيلة بان تنهي التلاعب الدوري.
ثالث هذه الشروط هو إجبار تجار التجزئة على وضع تسعيرات ثابتة على السلع لكي يعرف المواطن القيمة التي لا يمكن رفعها، وحسب الاعتقاد ان القضية لا يوجد فيها نوع من الصعوبة في التطبيق، لا سيما وان التجربة كانت مفعلة في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.
الشرط الرابع والأخير هو قيام الحكومة المركزية بضبط حركة البضائع والسلع عبر الحدود، ومنع تدفقها بصورة عشوائية، عبر تصديها لعملية الاستيراد، اذ يضمن هذا الاجراء السيطرة على الاسعار وتفويت فرصة التلاعب والبيع بأسعار حسب رغبة تجار المفرد وليس الضابطة الحكومية التي من المفترض ان تكون بمثابة الخط الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه.
اضف تعليق