وقَع المشرع العراقي في مجال تحديده للمركز القانوني للمحافظة في تناقض فيما إذا كانت تعد المحافظات وحدات إدارية أم وحدات إتحادية، وبالرجوع لنص المادة (122/ثانياً) من دستور العراق لسنة 2005 نجد أن المحافظات عبارة عن وحدات إدارية تدار بنظام اللامركزية الإدارية وتتمتع بصلاحيات إدارية ومالية واسعة كإشارة لاستقلالها الإداري والمالي...
وقَع المشرع العراقي في مجال تحديده للمركز القانوني للمحافظة في تناقض فيما إذا كانت تعد المحافظات وحدات إدارية أم وحدات إتحادية، وبالرجوع لنص المادة (122/ثانياً) من دستور العراق لسنة 2005 نجد أن المحافظات عبارة عن وحدات إدارية تدار بنظام اللامركزية الإدارية وتتمتع بصلاحيات إدارية ومالية واسعة كإشارة لاستقلالها الإداري والمالي ولم يتضمن النص مباشرة صلاحيات فيدرالية كالتشريع والقضاء.
وتطبيقاً لذلك جاءت نصوص قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم منسجمة في هذا الجانب عندما عرف المحافظة بأنها وحدة إدارية ضمن حدودها وتتكون من أقضية ونواحي وقرى، وحدد رئيس الوحدات الإدارية بالمحافظ والقائم مقام ومدير الناحية، كما يُعد رئيس الوحدة المنتخب موظفاً عاماً، وأن رؤساء الوحدات الإدارية (المحافظ والقائم مقام ومدير الناحية) يعمل تحت إشراف رئيس مجلس الوزراء، كما يلزم المحافظة بالسياسة العامة التي يرسمها مجلس الوزراء والوزارات المختصة.
كما أكد قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم على مبدأ اللامركزية الإدارية في عدة نصوص منه، ومن جانب آخر نجد أن المادة (116) من دستور العراق لسنة 2005 قد تبنت اتجاهاً واسعاً في تحديد مفهوم النظام الاتحادي لتدخل المحافظات كوحدات إدارية ضمن مكونات النظام الاتحادي عندما نصت على أن (يتكون النظام الاتحادي في جمهورية العراق من عاصمة وأقاليم ومحافظات لا مركزية وإدارات محلية) ولنا على هذا النص التعليق الآتي :
النوع المقصود
1- إن المشرع ذكر عبارة (ومحافظاتٍ لا مركزية) ولم يحدد النوع المقصود باللامركزية هل هي إدارية أم سياسية ومما يساعد على صعوبة التفسير وجود نصوص أخرى تجعل من المحافظات أشبه بالكيانات السياسية المستقلة، ثم عاد المشرع ليذكر عبارة (وإدارات محلية) في حين ان المحافظة هي وحدة إدارية محلية بنص القانون وهذا زاد النص غموضاً.
2- منح المشرع الدستوري للمحافظات غير المنتظمة في إقليم تمثيلاً سياسياً مباشراً في السلطة التشريعية الإتحادية من خلال اشتراك ممثلين عن المحافظات غير المنتظمة في إقليم في مجلس الاتحاد في حين أن غاية مجلس الولايات أو مجلس الاتحاد هو تمثيل الولايات على قدم المساواة بأن يكون لكل ولاية عدد متساوٍ من الممثلين دون النظر لأهمية الولاية أو سكانها بهدف حفظ التوازن بين مصالح دولة الاتحاد ومصالح الولايات وهذا المجلس يمثل مظهراً لاستقلال الولايات، إذ أن مثل هذا التمثيل السياسي في مجلس الاتحاد يشكل خرقاً لنظامي الفيدرالية واللامركزية الإدارية معاً ويصعب تحديد مركز المحافظات القانوني، حيث لا يجوز اشراك الوحدات المحلية في مجلس الاتحاد الذي يضم الأقاليم أو الولايات المكونة للاتحاد الفيدرالي.
3- ساوى المشرع الدستوري بين الإقليم باعتباره وحدة سياسية تدار بنظام اللامركزية السياسية وبين المحافظات غير المنتظمة في إقليم التي تدار بنظام اللامركزية الإدارية في مواجهة السلطة الإتحادية عندما لجأ لتحديد السلطات الإتحادية بطريقة حصرية وترك ما عدا ذلك من الاختصاصات الى الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، كما اقحم المشرع الدستوري المحافظات في الاختصاصات المشتركة بشكل متساوي مع الأقاليم وأعطى الاولوية لقانون الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم في حال الخلاف مع السلطة الإتحادية حيث ساوى المشرع بين الإقليم والمحافظات باعتبار الاخيرة وحدات إتحادية وليست إدارية.
ويرى البعض بأنه يمكن تفسير المركز الدستوري الذي منح للمحافظات غير المنتظمة في إقليم هو بهدف تأهيلها وتشجيعها على الاسراع في تكوين الأقاليم أو لاجل مواجهة صعوبات تكوين الأقاليم في ظل وجود آراء مخالفة لتبني فكرة النظام الاتحادي الفيدرالي في العراق، والحقيقة نحن لا نتفق مع هذا الرأي ذلك أن الواقع السياسي هو الذي أملى على واضعي الدستور تبني هذا النظام لمعالجة المشاكل القومية والاثنية في العراق، إلاّ أن المشرع أخفــــق في هذا التنظيم فجاء النظام هجيناً من الفيدرالية واللامركزية الإدارية.
وهذا يقتضي إعادة النظر في نصوص الدستور وقانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم وحوكمتها تشريعياً لفرز نظام الفيدرالية عن اللامركزية الإدارية وإرساء أسس اللامركزية الإدارية على مستوى الوحدات الإدارية وسحب الصلاحيات الفيدرالية كالتشريع وحق تأسيس المكاتب الدبلوماسية في السفارات والبعــــثات لمتابعة الشؤون الثقافية والاجتماعية والانـمائية من المحافظات غير المنتظمة في إقليم ومنحها صلاحيات إدارية مالية تدريجية حتى تبلغ درجة النضج السياسي الذي يؤهلها لتشكيل كيان يتمتع باللامركزية السياسية…والله الموفق .
اضف تعليق