امام حكومة السوداني فرصة مهمة لتحقيق النجاح خصوصاً وأن العراق بأمس الحاجة الى الادارة الناجحة وتطبيق الحوكمة وإعادة هيكلة القطاع العام عبر الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وان يعمل السوداني جاهداً من أجل أقناع القوى السياسية بهذه الاصلاحات، والا فعليه البقاء ثابتاً في مواجهة الضغوط، وهو أسلوب تعودته...
يتعلق الذين يستهدفون حكومة السيد السوداني بأنها حكومة الاطار التنسيقي، وانها جاءت بفرض الأخير، في حين أن هذه الحكومة ولدت من رحم التحالف الثلاثي الذي جمع القوى السياسية (السنية-الشيعية-الكردية) وأن أي نجاح لهذه الحكومة فسوف يكون نجاح للكل، وأما الفشل كذلك فهو من نصيب الكل.
ولكن ما زالت هناك عقبات تقف عائقاً أمام أي تقدم لهذه الحكومة آلا وهو الفساد المستشري في مؤسسات الدولة كافة والمتكئ على المحاصصة السياسية التي أفقدت النظام السياسي قوته وجعلته يقف عائقاً أمام تسلط الاحزاب النافذة التي أمست أكثر قدرة في التحكم بالنظام السياسي.
أصبح ملف تقديم الخدمات يشكّل أزمة حقيقية بالنسبة للحكومات السابقة منذ عام 2003 بسبب مافيات الفساد وعمليات النصب والاحتيال على العقود والمشاريع بالإضافة الى غياب الارادة السياسية في تقديم الخدمة للشعب العراقي لذلك ومنذ تسلم السوداني رئاسة الوزراء بعد مخاض عسير في تشكيل الحكومة وهي تسعى الى أن تكون هناك بصمة يراها المواطن، فذهب الى ملف الخدمات ليكون نقطة انطلاقة نحو التغيير والتطوير فعمد الى بناء وفتح الطرق والحسور السريعة، وإعمار المستشفيات وعقد العديد من العقود في المجال النفطي ومقايضة الغاز مقابل النفط مع طهران، من أجل توفير الغاز لمحطات توليد الطاقة الكهربائية، وإكمال الموازنة لثلاث سنوات، بالاضافة الى الاعداد والاستعداد لإجراء انتخابات لمجالس المحافظات والتي يعول عليها الشعب العراقي في تغيير واقعه المأساوي.
بالرغم من حالة الرضا النسبي من المجتمع العراقي عن تقديم الخدمات العامة، الا أن حكومة السوداني لم تذهب الى معالجة الاسس السياسية لتلك الخدمات والتي مازالت تؤثر فيها الارادة السياسية والحزبية والفساد المستشري الذي لا يسمح لأي تقدم ولو بخطوة واحدة باتجاه الاعمار وتطوير البنى التحتية، بل ان هناك انطباع لدى عموم العراقيين بأن حكومة السوداني سوف لن تختلف كثيراً عن سابقاتها من الحكومات المتعاقبة بعدا عام 2005، وذلك لان القوى السياسية هي نفسها من تمارس دور المتسلط على المشهد الحكومي، وتضع يدها في كل شيء يخص الحكومة، ومثال تأكيدي على ذلك هو إعلان السوداني عن نيته إجراء تعديل وزاري واستبدال عدد من المسؤولين ممن لديهم تراجع في الأداء الحكومي لوزاراتهم ولكن ذلك لم يتحقق ويرجع ذلك على الارجح الى الضغوطات التي تمارسها بعض القوى السياسية المتنفذة على المشهد السياسي وإصرارهم على ان يكون أي بديل من داخل كتلهم وأحزابهم.
لا يكفي إجراء الاصلاحات على الحكومة ما لم يعقبها إجراء نفس الاصلاحات على النظام السياسي من خلال تغيير شكل هذا النظام وإلغاء المحاصصة بكل ألوانها وتوفير الخدمات العامة والذي بالتأكيد يتطلب إدارة سياسية تتخطى الضغوط التي تمارسها القوى السياسية على الحكومة وكيفية التركيز على تحقيق ما يلامس حياة الناس لان النجاح الحقيقي سيكون من خلال الاصلاحات الداخلية الحقيقية.
لذلك فان امام حكومة السوداني فرصة مهمة لتحقيق النجاح خصوصاً وأن العراق بأمس الحاجة الى الادارة الناجحة وتطبيق الحوكمة وإعادة هيكلة القطاع العام عبر الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وان يعمل السوداني جاهداً من أجل أقناع القوى السياسية بهذه الاصلاحات، والا فعليه البقاء ثابتاً في مواجهة الضغوط، وهو أسلوب تعودته القوى السياسية لتنفيذ إرادتها وجعل الحكومات أسيرة بيدها.
اضف تعليق