كثيرة هي الأخطاء التي تجري في إدارة الوزارات الحكومية المختلفة والمتعددة الاختصاصات، لكن أيًا من هذه الأخطاء لا يتم اصلاحها ومعالجتها.. وهو الامر الذي يؤدي إلى تراكمها ومن ثم تصبح معاجلتها في غاية الصعوبة، وفي مقدمة هذه الأخطاء، تعيين عدد من المسؤولين من دون النظر إلى كفاءاتهم...
كثيرة هي الأخطاء التي تجري في إدارة الوزارات الحكومية المختلفة والمتعددة الاختصاصات، لكن أيًا من هذه الأخطاء لا يتم اصلاحها ومعالجتها.. وهو الامر الذي يؤدي إلى تراكمها ومن ثم تصبح معاجلتها في غاية الصعوبة.
وفي مقدمة هذه الأخطاء، تعيين عدد من المسؤولين من دون النظر إلى كفاءاتهم وتخصصاتهم ومعرفتهم بالعمل الإداري.. تحت ذريعة إن ادارة الدولة؛ ادارة سياسية وليست فنية، وإن بإمكان الوزير أو المدير العام أو رئيس المؤسسة الاستعانة بمستشارين لهم الخبرة والكفاءة في ادارة العمل، ولكن ليس بإشراف المسؤول.
وهذا خطأ فادح، لان للمستشارين وهم في المألوف لا خبرة لهم ايضا، وانما يتم تعيينهم هم ايضا لاسباب سياسية لا علاقة لها بالخبرة والكفاءة والشهادة.!
وهو اجراء يفاقم المشكلات الادارية، ومن ثم الفشل الذريع الذي يلحق الاذى والخسائر المادية والمعنوية في ادارة الدولة.
كذلك.. يتم تشكيل لجان خاصة أداء هذا العمل، وذلك على وفق العلاقات والمنافع المتبادلة لا على اساس تراكم الخبرات والمعرفة بتفاصيل ودقائق العمل المناط بهذه الوزارة أو تلك.
من هنا تخفق الحكومة تحديدا في أداء العمل المناط بها، كما تصبح الاجرءات التي تتخذها الوزارة ومؤسساتها خاضعة للأمزجة، ومن ثم إلحاق الفشل الذريع بعملها، وكمثال على ذلك نجد أعلى مسؤول في ادارة الكهرباء، يعزي السبب إلى استخدام (الكيزرات) الكهربائية صيفا، مثلما يعزى سبب أزمة المياه إلى استحمام الناس أربع مرات في اليوم، مشبها هذا المسؤول هذا النوع من الناس أنهم يشبهون (البطة)، بينما يرى مسؤول آخر أن سبب انسداد المجاري في بغداد يعود إلى صخرة وضعها أحد (الكفرة الحاقدين) في مصب المجاري، بينما آخر يرى أن أزمتنا الاقتصادية تكمن في تناول (الشوكولاته) من دون الحاجة إليها.
هذا النوع من المسؤولين يؤشر إلى جهل أو تجهيل واستغفال للمواطن العراقي، وهم يريدون من المواطن أن يصدق أقوالا تخلو من الصدق ومن المسؤولية ومن القدرة على تشخيص الأزمات، وتحديد المسؤوليات والبحث عن حلول منطقية معقولة.
وقد تنبهت الجهات المسؤولة عن هذا الخلل في الادارة، وأكبرنا هذا الانتباه وأعددناه منطلقا سليما لتصحيح الأخطاء..
لكننا فوجئنا بأن هذا الانتباه لا يخرج عن اطار النظر إلى صغر حجم اذني (الجمل)، بدلا من النظر إلى حجمه كما يقال.
فقد تم اتخاذ اجراءات ادارية تقضي بعدم ترفيع اي موظف من الدرجات الدنيا إلى درجة اعلى، ما لم يدخل في (دورة تنظيم الادارة) لمدة شهر يقضيها الموظف بالاستماع إلى نصائح وارشادات وتعليمات تتعلق بإدارة العمل، ادارة سليمة.
وهذا اجراء مقبول إلى حد ما، ولكنه جاء متأخرا وغافلا عن معالجة الادارات العليا في الدولة وليس الدنيا، باعتبار أن المسؤول الأعلى هو الأوفر دراية بمسؤوليته، وهو ليس الأوفر حظا في تولي هذه الوظيفة العليا.
لذلك سيكون البون شاسعا بين موظف عارف بأداء وظيفته، فيما مسؤوله الاعلى.. جاهل لا معرفة له بأبجديات العمل المناط به، فهناك عدد من المسؤولين ممن تم تعيينهم بعد تخرجهم مباشرة من دون أن تكون لهم خدمة وظيفية حتى ليوم واحد.. ما يجعل طبيعة العمل قائمة على مزاجية العمل لا على طبيعة وخبرات كل عمل من هذه الأعمال، التي تتطلب تراكم خبرات ومسؤوليات فنية وادارية وتنظيمية لا تتم معرفتها بين يوم وآخر؛ وإنما هي سلسلة خبرات تتم على وفق طبيعة العمل وطبيعة ادارته ادارة علمية وموضوعية عادلة ومنصفة وواقعية.. إن هذه الظاهرة التي نرصدها هنا؛ هي واحدة من سلسلة أخطاء بينة وظاهرة للعيان، من دون أن تتولى الحكومة الانتباه اليها ومعالجتها معالجة دقيقة.. حتى تتمكن الحكومة من ادارة مديرياتها ومؤسساتها إدارة سليمة وناجحة ودقيقة، تحقق التفوق في أداء عملها ومن ثم تسهم في تطوير العمل والانتاجية وإثراء الواقع بما هو فاعل ومؤثر ومقبول على المستويات كافة.
اضف تعليق