ربما تستطيع الجامعة العربيَّة أن تقيم المآتم على أرواح الضحايا، وربما تناقش لاحقا تداعيات الكوارث وتطلب المساعدات من الاعضاء، وهذا لم يحصل غالبا، لكن ما قيمة كل هذا أزاء أرواح الناس التي كان من الممكن الحفاظ عليها، لو أن هناك آلية عملية للتعامل مع الكوارث، ليشعر المواطن العربي أن ما يقدمه من أموال لهذه الجامعة...
لم تمارس الجامعة العربيَّة حتى الحد الأدنى من مهامها حين تتعرض أي من دولها إلى كوارث طبيعيَّة، والأسوأ انه في حال تعرض دولةٍ عربيَّة إلى عقوباتٍ اقتصاديَّةٍ في سياق لعبة الصراع الدولي ومشاريع الدول الكبرى، نجد أن الشعب في تلك الدولة يظلُّ يعاني من الجوع وكل تداعياته المختلفة، من دون أن تبادر الدول العربيَّة من خلال الجامعة العربيَّة إلى التدخل (الإنساني) وتوفير الحد الأدنى من متطلبات العيش الكريم للإنسان هناك.
ومثلما بقيَّ الشعب العراقي تحت ضغط الجوع والأمراض بسبب شح الأغذية والأدوية بفعل الحصار الظالم، لمدة ثلاثة عشر عاما، ولم تقم الجامعة العربيَّة بمبادرةٍ إنسانيَّة تخفف وطأته على العراقيين، يواجه اليوم الشعب السوري الأمر نفسه، وكذلك دولٌ عربيَّةٌ أخرى، ومخرجات هذه الحصارات معروفةٌ للجميع وهيَّ تدمير البنية المجتمعية وهروب الكفاءات إلى الخارج وارتفاع معدلات الجريمة وتراجع برامج التنمية وغيرها من سلسلة الخرابات، التي شهدناها ونشهدها اليوم مع دولٍ عربيَّةٍ أخرى، أي كل ما يختلف مع ميثاق الجامعة العربيَّة ورسالتها المعلنة.
قبل أيامٍ حصلت كارثة الزلزال في المغرب وبعدها مباشرة حصلت كارثة السيول في مدينة درنة الليبية، وكان من المتوقع أن تهب الجامعة العربيَّة بإصدار قرارات تلزم الأعضاء بالوقوف مع الشعبين المنكوبين، ليس ببرقيات التعاطف والتباكي الكاذب، وإنما من خلال إرسال المساعدات العاجلة للناس، سواء بإرسال المواد الغذائيَّة والإغاثية أو بإرسال الفرق المتخصصة بالتصدي للكوارث، لتكون في ميدان الحدث خلال ساعات وانقاذ أرواح وممتلكات الناس المنكوبة، لكن هذا لم يحصل وبقيَّ الأمر محصورا بمبادراتٍ من قبل هذه الدولة أو تلك، أي غياب الرؤية الموحدة للتصدي لمثل هكذا كوارث، وهو ما يمثل الحد الأدنى من النشاط المطلوب من الجامعة العربيَّة.
لقد أرسلت دولٌ أجنبيَّة كثيرة المساعدات العاجلة وأبدت استعدادها لإرسال فرق الإنقاذ وغيرها، وبقي الجهد العربي الموحد غائبًا والمواطن العربي يسأل عن جدوى هذه المنظمة، التي تصرف عليها الدول من اموال الشعوب، حيث رواتب الممثلين والموظفين للدول الأعضاء وغيرها من المصروفات، اضافةٍ إلى مصروفات مؤتمرات القمم العربيَّة.
ربما تستطيع الجامعة العربيَّة أن تقيم المآتم على أرواح الضحايا، وربما تناقش لاحقا تداعيات الكوارث وتطلب المساعدات من الاعضاء، وهذا لم يحصل غالبا، لكن ما قيمة كل هذا أزاء أرواح الناس التي كان من الممكن الحفاظ عليها، لو أن هناك آلية عملية للتعامل مع الكوارث، ليشعر المواطن العربي أن ما يقدمه من أموال لهذه الجامعة، يؤمن له جبهة من جبهات الخراب التي فتحت عليه، لا سيما في العقود الأخيرة.
اضف تعليق