q
بدون فسح المجال امام القطاع الخاص تبقى الهيمنة الكبرى للقطاع الحكومي، ولا يحتاج فسح المجال الا التفاته تتمثل في إكمال الهيكل التنظيمي الذي يجعله تشكيلا اقتصاديا قائما بذاته مستفيدا من الغطاء القانوني الذي تمنحه إياه الحكومة، وبذلك يقل الاعتماد على المجال العام والتحرك بتجاه بناء قطاع رصين يثبت شراكته الفعلية...

تكلمنا كثيرا عما يعانيه القطاع الخاص في العراق من عدم اهتمام حكومي، وفي كل مرة يتكرر الحديث بهذا المجال نؤكد على أهمية النهوض به وما يجب ان يؤديه من دور في المستقبل القريب لا البعيد، لكن لم تجد الخطط المقترحة طريقا الى التنفيذ وكأنه التغيب القسري لهذا الشريك القوي هو الموقف الحكومي الأبرز.

القطاع الخاص في العراق يمكن تشبيهه بالمركبة القديمة التي لا تقوى على مواصلة العمل والتنقل من منطقة الى أخرى دون الاهتمام فيها وصيانة اجزاءها المتقادمة، فترك العجلة دون صيانة دورية يجعلها تنوء بحملها او تسير ببطء مقارنة بما يحصل في القطاعات الخاصة بالدول المتقدمة او الصناعية.

ليس فقط المركبات والآلات بحاجة الى مراقبة دورية لغرض المحافظة على عملها، فالقطاعات الحكومية جميعها ومن بينها الذي نحن في صدده، (القطاع الخاص)، يحتاج هذه الرؤية المسؤولية المقربة.

نريد منه الكثير نحن المواطنين وكذلك الحكومة، وفي المقابل لم يُقدم له شيء.

فهو اليوم بحاجة الى تشريع قوانين مهمة تحفظ للعاملين فيه حقوقهم، لاسيما وان اعدادهم تشكل نسبة كبيرة من مجموع المواطنين، وقد ذكر الناطق الرسمي باسم وزارة التخطيط العراقية محمد الهنداوي أواخر العام المنصرم، أن "نسبة العاملين في القطاع الحكومي 38% ‎ مقابل %62 ‎ يعملون في القطاع الخاص بكل تفصيلاته".

ارتفاع النسبة أعلاه تؤكد أهمية القطاع الخاص في احتواء الطاقات الشبابية وما يشكله ذلك من تخفيف للزخم والضغط على الحكومة التي اغلقت أبواب الانضمام الى القطاع الحكومي تخفيفا من البطالة المقنعة الحاصلة في المؤسسات كافة، باستثناء التعينات الأخيرة التي كسرت الطوق على الآلاف من حاملي الشهادات العليا والاوائل وغيرهم من التخصصات الطبية المحدودة.

وفق الموجود من طرق تعامل رسمي مع القطاع الخاص العراقي يتبن ان العقول الحاكمة لغاية اللحظة غير مدركة أهمية القطاعات الخاصة في مساندة القطاع الحكومي ان لم تكن البديل عنه في كثير من الأحيان، او مكملة له.

فعلى الرغم من الحديث الكثير عن أهمية ان يحظى هذا القطاع باهتمام كبير، لكنه يبقى حبر على ورق، وبذلك يكون الاقتصاد العراقي رهين العقول الحاكمة التي لم تعمل على وضع هوية واضحة للاقتصاد، ولم تعط القطاع الخاص أي مساحة من التفكير، بل على العكس من ذلك فتحت الباب على مصراعيه امام المنافس الخارجي.

ولذلك فالأوضاع الاقتصادية ارتبكت كثيرا وأصبح العمل في القطاع الخاص اشبه بالمجازفة الفعلية، فلا يوجد من يحمي الصناعة المحلية وان كانت بسيطة الى حد ما، من العوامل الخارجية التي سلبتها حقها في الصدارة على المستوى الوطني، وبفعل ذلك وجهت الافراد نظرها صوب القطاع العام اي الحكومي.

السؤال الأبرز هنا، الى متى يمكن للقطاع العام ان يستوعب هذه الاعداد المتضخمة عام بعد آخر؟

في الوقت الذي تشير فيه وزارة التخطيط الى ان عدد السكان في عام 2030، سيصل بحسب توقعاتها إلى 50 مليون نسمة، ولا يمكن ان نغفل ان هذه التوقعات تأتي في وقت لا يوجد فيه إحصاء عام للسكان.

القطاع الخاص في العراق ينقصه الكثير الكثير من التشريعات التي تجعله لاعب أساس في العملية الاقتصادية، وان اُقرت هذه القوانين ستساعده على إثبات وجوده بين القطاعات الأخرى.

بدون فسح المجال امام القطاع الخاص تبقى الهيمنة الكبرى للقطاع الحكومي، ولا يحتاج فسح المجال الا التفاته تتمثل في إكمال الهيكل التنظيمي الذي يجعله تشكيلا اقتصاديا قائما بذاته مستفيدا من الغطاء القانوني الذي تمنحه إياه الحكومة، وبذلك يقل الاعتماد على المجال العام والتحرك بتجاه بناء قطاع رصين يثبت شراكته الفعلية.

اضف تعليق