الأخطر في الأمر هو أن من يتصدى للخدمة المجتمعية بدعوى التنمية البشرية ومكافحة الفساد وترسيخ السلوك الديمقراطي وممارسة الحقوق والحريات بشكل تطوعي مغلف بخلفية لا تظهر للعيان وهذه من أخطر أنواع المؤثرة على تراجع القيم المجتمعية وتخلف السلوك، هنا الهدف هو السرقة والإستحواذ على مكنونات وموارد الغير وإستخدامها بشكل غير سليم...
كثيرا ما نتحدث عن القيم المجتمعية وكيف يجب أن تكون ولكن لم نتصدى أو التصدي ليس بالمستوى المطلوب كما لم نؤشر بشكل دقيق ولا أعرف السبب قد تكون لإحراج من نحب، وهذه محاولة لأجل ذلك، عسى أن يكون منطلقا لإثارة حوار عام بين الكتاب والمثقفين والمدونين، لا أدعي أنني سأحيط بشكل كامل بالموضوع وإنما محاولة لإثارة الحوار العام لدى المهتمين.
القيم المجتمعية هي الخصائص أو الصفات المرغوب فيها من الجماعة والتي تحددها الثقافة القائمة مثل التسامح والحق والقوة وهي أداة اجتماعية للحفاظ على النظام الاجتماعي والاستقرار بالمجتمع، من المؤكد أنها من تخصص العلماء والمتخصصين في علم الإجتماع ولهم رؤى كثيرة وتراث علمي في تحليل بيئة الشعوب، أتناول هذه الموضوع من الجانب التطبيقي العملي والممارسة اليومية .
لذا سأتناول جانب من القيم المجتمعية أو الإجتماعية، لاشك أن مجتمعنا العراقي مر بظروف قاسية جدا حروب وتجويع ونظم إستبدادية وقهر مركب مما توارثنا بشكل متراكم تراجع في القيم وتخلف في السلوك تبعا لذلك، لعل من أخطر الفترات التي عشناها هي فترة الحصار بعد الحروب والجوع وإرتفاع نسبة الفقر وفقدان المعيل والأب في غالبية الأسر كما إفتقادنا القدوة الإجتماعية وإلى يومنا هذا والأخطر هوإمتزاج حياتنا اليومية بمفاهيم سياسية مخدومة دينيا وإثنيا مع تراجع سيادة القانون وإنفاذ القانون بشكل ملفت وغياب شبه تام لقواعد السلوك في الوظيفة والمهن والحرف بشكل ملفت.
لا شك لكل فئة مجتمعية سياسية كانت أو غير سياسية مهنية كانت أم حرفية، وظيفية كانت أم تطوعية، علمية بحثية كانت أو ثقافية وإعلامية، إقتصادية وإنتاجية كانت أو مستهلكين وغيرها بل حتى الدينية كانت أو لادينية فهو نوع من الإيمان بالتالي تظهر أثاره الإجتماعية في الممارسة، هنا على مرور الزمن ترسخت قواعد سلوك ومدونات لكل فئة عاملة ومؤثرة في المجتمع مع الأسف بالرغم من وجود ممارسات إيجابية ولكن يبدو أن السلوك السلبي هو المؤثر وهذا يأتي من القصور في مفهوم الدولة والتنظيم وفق العدالة وسيادة القانون وإنفاذ القانون .
ومن أسباب تراجع وغياب قواعد السلوك هو الفساد المالي والإداري لإنها من تخصص الدولة إذا كنا نؤمن بوجود الدولة ومفهوم الدولة .
في هذه الجنبة تأثرت قواعد السلوك في قطاع الدولة وقطاع السياسة والتجارة والتربية والتعليم والمهن والحرف المختلفة بشكل نسبي كبير، مع توسع عمليات التزوير والرشوة وسرقة الأفكار والبحوث وما إلى ذلك، الأخطر في الأمر هو أن من يتصدى للخدمة المجتمعية بدعوى التنمية البشرية ومكافحة الفساد وترسيخ السلوك الديمقراطي وممارسة الحقوق والحريات بشكل تطوعي مغلف بخلفية لا تظهر للعيان وهذه من أخطر أنواع المؤثرة على تراجع القيم المجتمعية وتخلف السلوك، هنا الهدف هو السرقة والإستحواذ على مكنونات وموارد الغير وإستخدامها بشكل غير سليم ولإهداف فئوية وقتية غير إنسانية والأمثلة كثيرة.
وهنا أدعو نفسي وكل من يمارس مهمة رسمية وغير رسمية وسياسية وتطوعية ومن يمارس أية مهنة أو حرفة، بل حتى الوجهاء الإجتماعيين وكبار القوم من رؤساء العشائر ورجال الدين إلى المراجعة والتقييم والتقويم كلٌ من موقعه ومهمامه وتكليفه.
أدعو الآباء والأمهات وكل من بذمته مهمته رعاية أسرة أو مجموعة بشرية الى ذلك أيضا.
سأتي لاحقا لتناول قواعد السلوك وترسيخ القيم الإيجابية في الأداء العام المجتمعي لأجل خلق قواعد سلوك لكل من يتصدى للشأن العام لا سيما المنظمات التطوعية ذات المنفعة العامة .
اضف تعليق