من اركان القوة في دول العالم هو ركن اقتصادي رصين تقوم عليه بقية القطاعات الحكومية، وإذا ما ارادت الحكومة العراقية تحويل البلاد الى مركز تجاري واستثماري، عليها أولا القيام بتعديل العديد من القوانين الحالية، وتسهيل إجراءات ممارسة الأعمال التجارية، وعدم اقتصارها على الجهات المتنفذة التي لم تخطو أي خطوة بتجاه تطوير القطاع الاستثماري وصولا الى النقلة النوعية...
في العراق رؤوس أموال طائلة، وفي العراق يوجد من يرغب الا تخرج أمواله الى خارج حدود البلد غرض الاستثمار، لكن ما يجبره على ذلك هو ان بيئة العمل والاستثمار الداخلي لا تزال بيئة طاردة لأي نوع من أنواع تشغيل الأموال، وكذلك جلب الاستثمارات الأجنبية الباحثة عن ظروف مواتية.
العراق بيئة خصبة جدا لنمو الاستثمارات بصورة عامة، وخصوبتها تأتي من فقرها من جميع المشروعات الإنتاجية ذات الجدوى الاقتصادية الكبيرة، وكذلك خلوه من المشروعات التعليمية الرائدة والصحية، معوضا ذلك النقص بالمستورد من السلع والخدمات المتعددة، البسيط منها والمعقد طبقا لظروفه الإنتاجية.
بعد تغيير النظام أصبح العراق بيئة مستقطبة لجميع أنواع الاستثمارات، حتى ان المجتمع الدولي المتطلع الى مشروعات تُشغل رؤوس أمواله، رأى في العراق فرصة سانحة اسالت لعابه؛ لغرض الاستثمار المتعدد الأوجه، وبالتالي رأينا الكثير من الشركات متعددة الجنسيات تحاول الدخول الى بيئة العمل وتحقيق الأرباح العالية.
حلم تحقيق الأرباح العالية لدى المستثمر الأجنبي او المحلي ارتطم بالعوائق المحلية التي تضعها القوانين العراقية بوجه من يريد الاستثمار والشروع بتشييد مرفقات إنتاجية تتعلق بإنتاج المواد الغذائية وغيرها من الخدمات الصناعية التي تحافظ على قوة البلد الاقتصادية.
وبعد استمرار صعوبة تجاوز هذه الصعوبات أيقن المستثمر الأجنبي قبل المحلي ان البيئة الاستثمارية في العراق صالحة من الناحية النظرية، التي تختلف تماما عن الناحية العملية، فالقوانين والصيغ الحالية تعتبر تهديد حقيقي يلاحق المستثمرين وتضعهم في خانة الابتزاز السياسي من قبل الأحزاب او الجهات المتحكمة في هذا الملف.
غادر الاستثمار الأجنبي ولم يبقى منه الا الشيء البسيط، فضّل العمل في الإنتاج النفطي، ما فسح المجال امام المستثمر المحلي ليدخل سوق العمل من أوسع، لكنه في الوقت نفسه لم يتخلص من المصدات المحلية التي تعتبر العائق الكبير دون تحقيق التنمية الاقتصادية المطلوبة والمتماشية مع التحولات الحاصلة في البلد بعد تغيير النظام.
ومن الناحية الشكلية فقد أصدرت جميع الحكومات السابقة والحالية العديد من المبادرات لتطوير وتنمية وتوسعة المشروعات المحلية الصغيرة والمتوسطة وصولا الى المشروعات الكبيرة ذات المردود الاقتصادي الواسع على الافراد من ناحية توفير الايدي العاملة، ورفد السوق ببعض الاحتياجات الضرورية وتقليل الاعتماد على المستورد.
وقد تُرجمت هذه التسهيلات بإصدار التراخيص التجارية واجازات استثمارية تشجيعا من الجهات الحكومية على الاستمرار بزيادة رؤوس الأموال المحلية وزجها في الاستثمار الوطني لما يحققه من انعكاسات إيجابية على جميع المستويات، لكن ومع كل ذلك تبقى الجهود خجولة مقارنة بالاحتياج الكلي.
وقد عزف المستثمر المحلي عن الاستثمار بمثل هذه البيئة التي تعتبر بيئة طاردة وغير مشجعة بل متعبة بالنسبة لصاحب الحق الأول في الاستثمار ابن البلد، ولا نجافي الحقيقية حين القول ان معظم التسهيلات التي أطلقتها الحكومات تلاشت مما اضطر أصحاب رؤوس الأموال المحليين الى إلغاء فكرة الاستثمار والبحث او الهرب الى بيئة أكثر امنا.
من اركان القوة في دول العالم هو ركن اقتصادي رصين تقوم عليه بقية القطاعات الحكومية، وإذا ما ارادت الحكومة العراقية تحويل البلاد الى مركز تجاري واستثماري، عليها أولا القيام بتعديل العديد من القوانين الحالية، وتسهيل إجراءات ممارسة الأعمال التجارية، وعدم اقتصارها على الجهات المتنفذة التي لم تخطو أي خطوة بتجاه تطوير القطاع الاستثماري وصولا الى النقلة النوعية.
اضف تعليق