تتصاعد في سماء المدن يوميا او شبه يومي أعمدة الدخان الناجمة عن حرائق تلتهم الأبنية العامة والخاصة، اذ تشكل الحرائق أحد أبرز المخاطر التي يواجهها العراقيون بشكل مستمر بعد الهاجس الأمني، وربما فاقت آثار الحرائق ومخاطرها الملفات الأخرى التي تهم حياة المواطنين...
تتصاعد في سماء المدن يوميا او شبه يومي أعمدة الدخان الناجمة عن حرائق تلتهم الأبنية العامة والخاصة، اذ تشكل الحرائق أحد أبرز المخاطر التي يواجهها العراقيون بشكل مستمر بعد الهاجس الأمني، وربما فاقت آثار الحرائق ومخاطرها الملفات الأخرى التي تهم حياة المواطنين.
تختزن الذاكرة العراقية العديد من الحوادث المفجعة، وربما الأكثر علقة في المخيلة هما حريق مستشفى بن الخطيب في العاصمة بغداد يوم السبت 24 أبريل/نيسان 2021، والآخر حدث في مستشفى الحسين التعليمي بمحافظة ذي قار يوم الأثنين الموافق 12 تموز من العام نفسه، وأسفرا عن استشهاد وإصابة المئات من المرضى ومرافقيهم.
وانتهت الحادثتين الى إحالة بعض المقصرين التحقيق وإعفاء المدير من منصبه، ومُيعت القضية امام الراي العام بعد دفن الضحايا، وزيارة المتضررين في منازلهم، وهنا نكون قد طوينا مرحلة حرجة على المسؤولين في الدائرة، وكذلك الفاقدين لذويهم نتيجة الحادثة المأساوية.
ماهي الأسباب المؤدية لنشوب الحرائق؟
حزمة من الأسباب المؤدية الى نشوب الحرائق في المباني الحكومية والأهلية، وهنالك ما يتعلق بالمواطن نفسه ونتيجة لتقصيره، بينما الأسباب الأخرى يكون بضمنها التقصير الحكومي.
تتحمل المسؤولية الكبرى بحدوث الحرائق في البلاد هي مديريات الدفاع المدني، وهذا ليس تجني عليها او تحميلها غير مسؤوليتها، فهي من انيطت بها مسؤولية مراقبة شروط السلامة العامة والأمان في المباني العامة والخاصة، وشكلت لجان في جميع المحافظات وظيفتها الرقابة الدورية.
والكشف عن المقصرين ومحاسبتهم بأشد أنواع العقوبات منعا لوقوع الكوارث الإنسانية، عبر نشوب الحرائق الذي اعتبر من المشاهد اليومية التي اعتاد العراقيون على رؤيتها وهي تلتهم أجزاء البنايات وتحولها الى خاوية على عروشها.
وهنا يكون الخلل ونقطة الضعف في عمل اللجان الدورية هو حصول بعضها على رشى من أصحاب المولات التجارية ومخازن المواد الغذائية وغيرهم، مقابل التغاضي وعدم تقديم تقرير يبين تقصيرهم بحق ثروتهم أولا، وحياة المواطنين ثانيا.
وبالنتيجة تسفر الحرائق الى نتائج غير طيبة على جميع الأصعدة، الصعيد الأول هو خسارة كبيرة في الأرواح البشرية، والثاني يتمثل في خسائر مادية تقدر بمئات الملايين، نتيجة تلف السلع والبضائع المخزونة بطرق غير سليمة مخالفة لقواعد وشروط السلامة العامة.
ومن الأسباب الرئيسة لحدوث الحرائق هي رداءة المواد المستخدمة في تشييد المخازن والطوابق العلوية في اغلب المباني الخاصة، اذ يتم استخدام مادة (السندويش بنل)، ذات القابلية السريعة للاشتعال وعدم صمودها لأي نوع من المؤثرات الخارجية المسببة للحرائق.
وكذلك يندرج ضمن الأسباب انخفاض جودة الاسلاك الكهربائية المستخدمة في البيوت وغيرها من المباني، مما يؤدي الى استمرار حصول تماس كهربائي نتيجة تناوب التيار الكهربائي الوطني مع المولد، وما يسببه ذلك من عوامل غير اعتيادية تقود الى عطب بسيط ينتهي بحريق مؤلم الآثار.
كيف نقلل الخسائر؟
تقليل الخسائر الناجمة عن الحرائق بصورة عامة يرتكز الى جملة من المقومات، أولها، تكثيف الحالة الرقابية على المباني المشيدة قديما والتي في طور البناء لتجاوز مسألة الوقوع في الأخطاء السابقة وهدر الثروات البشرية والمادية، اذ يأتي ذلك باختيار لجان نزيهة همها الأول والأخير حماية الممتلكات العامة الى جانب أرواح البشر.
وفي الدرجة الثانية اللجوء الى التوعية وتثقيف المواطنين بأهمية الالتزام في شروط السلامة وما يعكسه ذلك على حياتهم الشخصية والعامة بمرور الوقت، ويحصل ذلك عبر إطلاق حملات توعوية وارشادية على جميع وسائل الاتصال وكذلك شبكات التواصل الاجتماعي التي تعتبر الأكثر قربا من المستخدمين.
وأخيرا توفير بنى تحتية تسهل من حركة عجلات الإطفاء وفرق الإنقاذ في حال نشوب الحرائق، طالما من المستحيل السيطرة التامة وعدم حدوثها على المستوى العالمي وليس العراق، فمن الواجب وضع طرق خاصة او تُفرغ بشكل سريع في أوقات الوقوع لتكون عملية التنقل سريعة واخماد الحريق تقليلا للخسائر المتوقعة.
اضف تعليق