ابرز مخاوف الالتزام بنظام نزاهة وطني عراقيا تتجسد في تلك المخاطر التي يمكن ان تواجهها الاحزاب في المضي نحو انتخابات مطلوب ان تكون نزيهة على سلم قياس هذا النظام تكشف عن التمويل المالي والاجنحة المسلحةواستخدام نفوذ المال السياسي..لذلك فشل تطبيقه في لبنان...
حسنا فعل النائب السابق الاخ حسين الفلوجي في نشر مقترحاته بعنوان (تجفيف منابع الفساد) في وقت ما زالت مواقع الاخبار الدولية والاقليمية والمحلية تتناول نموذجين من التحقيقات الاستقصائية عن الفساد في العراق..الاول نشرته مجلة الايكونومست البريطانية والثاني صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية.
في جميع ما يدرج عن الفساد وتجفيف منابعه... يتطلب الوقوف عند الاتي:
اولا: قابلية الجهاز الحكومي باجراءات نفاذ القانون الوضعي لسيادة الدولة في تطبيق الالتزامات الدولية ولعل ابرزها معايير الحكم الرشيد والمواطنة الفاعلة الصالحة للاستخدام موارد الدولة في تحقيق إنجازات حقيقية في اهداف التنمية المستدامة من خلال الالتزامات التي نصت عليها مدونة هذه الاهداف المعروفة وايضا الالتزامات في أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
ثانيا: في ضوء توفر هذه الامكانات وتلك الالتزامات.. وضعت منظمة الشفافية الدولية نموذجا عنوانه (نظام النزاهة الوطني) مطلوب ان يطبق في الدول التي تاتي في النصف الثاني من المؤشر السنوي لمدركات الفساد والتي ما زال العراق في الربع الاخير منها .
ثالثا: طبق هذا النموذج بنجاح في عدة دول آسيوية وافريقية منها رواندا وسنغافورة ..ناهيك عن مصر وتونس والبحرين والكويت ..وهناك تباين واختلافات في نوع الالتزام وحجم التطبيق وصولا الى النتائج المتوخاة..لكن الحقيقة الوحيدة في فلسفة هذا النموذج تكمن في إمكانية قياس الأثر في مدركات الفساد من خلاله بدلا من استخدام معلومات خارجية كما يحصل مع العراق الذي لم يطبق هذا النموذج ولم يتفق حتى الان مع الشفافية الدولية عنه وفيه.
رابعا: في سياق المقاربة بين الدعوة لتجفيف منابع الفساد وبين هذا النموذج لتطبيق نظام النزاهة الوطني.. تقف تلك المعلومات المتداولة في استقصائية الصحافة الدولية ..مقابل الكثير والكثير جدا من الجهود المبذولة عراقيا تحت عنوان عريض لمكافحة الفساد.
كون الفارق يكمن بين تطبيق نموذج الاذعان لاحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.. ومعايير مدركات الفساد العالمي لمنظمة الشفافية الدولية يتطلب إيجاد واقع ملائم لقياس تلك الجهود المبذولة في هذا الميدان..وعدم موافقة الرئاسات الثلاث على وضع نظام نزاهة وطني عراقي حتى اليوم ..يمثل فجوة كبرى مطلوب ردمها عراقيا .
خامسا: ابرز مخاوف الالتزام بنظام نزاهة وطني عراقيا تتجسد في تلك المخاطر التي يمكن ان تواجهها الاحزاب في المضي نحو انتخابات مطلوب ان تكون نزيهة على سلم قياس هذا النظام تكشف عن التمويل المالي ..والاجنحة المسلحة .. واستخدام نفوذ المال السياسي..لذلك فشل تطبيقه في لبنان..وأقل فشلا في تونس ومصر والبحرين والكويت...فيما تتمكن الشفافية الدولية وضع مقياس حقيقي لنزاهة الانتخابات ويدخل ضمن قياس مدركات الفساد العالمي وربما يصعد العراق في سلم ادراك تطبيقات مكافحة الفساد او ان يهبط الى الأدنى..لكن تمكن الجانب الدولي من هذا القياس يتجاوز كل الأحاديث عن دور الأمم المتحدة او المراقبين الدوليين للانتخابات.
يضاف الى ذلك قياس نزاهة التشريعات ونزاهة الكتل البرلمانية ونزاهة اعضاء مجلس النواب وفي ذلك تفاصيل كثيرة .. فضلا عن قياس نزاهة الاحزاب المتصدية لسلطان الحكم.. وقياس مدركات الفساد في السياسات العامة للبرنامج الحكومي.
كل ذلك يدخل في نظام النزاهة الوطني ..وتطبيقه يجفف منابع الفساد ..ويلغي فرضيات ادراك الفساد في العراق عبر تحقيقات استقصائية دولية ..مثلما فعلت الايكونومست والنيويورك تايمز ..وما تفعله منظمة الشفافية الدولية سنويا في استخدام نتائج مؤشرات دولية لقياس مدركات الفساد في العراق .
هل هناك إمكانيات عراقية لتطبيقه؟؟ ام سيكون مجرد نموذج لقياس الفساد من دون تجفيف منابعه كما حصل في لبنان وغيره من الدول العربية؟؟
سؤال يحتاج الى حلول جذرية فضلى.. ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!
اضف تعليق