المسؤول الذي يمكن ان يعمل ويقوي جذوره في البيئة العراقية المتناقضة، ذلك الذي يحرص على احترام المواطن الى جانب احترامه البنود القانونية والمواد الدستورية، وإشاعة روح المواطنة في الأوساط المجتمعية، على العكس ممن يعمل على تكريس المناطقية والكراهية بين أطياف الشعب الواحد...
نحتاج في الوقت الحالي الى المسؤول الذي يعطي موعدا لزيارة تجمع من الأهالي للنظر في احتياجاتهم ومعرفة أوضاع منطقتهم، وليس بحاجة الى من تقتصر رؤيته على مدى الفترة الانتخابية.
جميع المرشحين يبذلون ما لديهم من قوة وسعي للفوز في البرلمان، واغلبهم يدركون ان الفوز قد لا يحالفهم ومع ذلك لا يقطنون من رحمة الناخبين الذين ربما ينخدعون بمواد عينية بسيطة او مبالغ مالية زهيدة، وترتفع أصوات هذه النوعية من المرشحين على حساب الكفاءة والنزاهة والمقدرة على تقديم الخدمات لجمهورهم.
المواطنون يحبذون انتخاب أبناء جلدتهم وإيصالهم الى مراكز حساسة وذلك لاعتبارات عديدة:
اول هذه الاعتبارات هي قدرة الوصول إليهم في الأوقات العصيبة التي يحتاجون من يقف الى جانبهم وتقديم يد العون لهم على أوجه متعددة.
اما الاعتبار الآخر هو ان أبناء المنطقة المنتخبين يشعرون بصورة او بأخرى بمعاناة أهالي المناطق التي اوصلتهم الى البرلمان او منصب تنفيذي معين، ونظرا لتوفر هذه القدرة يرغب البعض بانتخاب هذا الصنف من المرشحين بصرف النظر عن نزاهته وحنكته السياسية.
وتبقى أكثر المناطق والمدن العراقية بحاجة الى هذا النوع من المسؤولين، فالمسؤول الواعي هو المتمكن من تطويع المسؤولية لما يرضي الوطن والمواطن، اذ يعمل على الإفادة من خبرته وتجربته البرلمانية في تنويع المساعدة وتعظيم المنفعة لعامة المواطنين.
المسؤول الذي يمكن ان يعمل ويقوي جذوره في البيئة العراقية المتناقضة، ذلك الذي يحرص على احترام المواطن الى جانب احترامه البنود القانونية والمواد الدستورية، وإشاعة روح المواطنة في الأوساط المجتمعية، على العكس ممن يعمل على تكريس المناطقية والكراهية بين أطياف الشعب الواحد.
كم هائل من المرشحين في بداية مشوارهم السياسي يطلقون ابان حملاتهم الانتخابية شعارات واهداف كبيرة يستحيل تنفيذها بالإمكانات الفردية، ومع ذلك نلحظ من يصدق بهم ويهرول الى انتخابهم وتنتهي الحكاية بتغيير الأرقام والانتقال الى سكن يليق بمكانة المسؤول الجديدة وهنا تكون محطة إجهاض الطموحات.
المسؤولون العراقيون لا يفقهون مجيئهم تم في أجواء مرتبكة ومتوترة، اذ يسود عدم الثقة والفجوة العميقة بينهم والمواطنين، ومع كل هذه الأجواء المشحونة لا نجد من يعمل على استبدال الصورة النمطية السيئة المتكونة لأغلب رجال السلطة الذين أفشلوا تمنيات ورغبات الطامحين لحياة سعيدة.
ما نريده من مسؤولين هم الذين يلتزمون بعهودهم الأخلاقية التي قطعوها على أنفسهم امام جمهورهم، بعيدا عن المبالغات التي لا يمكن ان تستوعبها الحالة العراقية، ولا يمكن ان تسير الأمور وفق ما يتمناه المسؤول السارح في خياله والمقتنع في أقواله رغم علمه بصعوبة تحقيقها.
لابد من الإشارة الى ان المسؤول العراقي الذي يهيمن على المؤسسات الحكومية، لا يدير هذه المسؤولية بما يجب ان تُدار، المحاباة والمحسوبية والتمييز جميعها حاضرة، الى جانب ذلك كله عدم مهارة الكثير منهم في إدارة شؤون وزارته او دائرته او الوظيفة التي من الواجب تحمل اعبائها مهما كانت.
المستجدات التي جاءت حصيلة فرضتها المتغيرات على الساحة العراقية، تتطلب ذلك المسؤول الذي له الامكانية على الإبحار في فضاء الضرورات الجماهيرية، والتي تعد من ابسط الأشياء الواجب على المسؤول رعايتها وتوفيرها بشتى الأساليب، بعدها سيتم تطويق المخاطر التي تحيط بالموطنين وتمكينهم من تجاوز هذه المرحلة البائسة.
اضف تعليق