الحصول على فرصة عمل في القطاع الخاص سيسهم في تحسين الوضع المعيشي لهؤلاء، وبمرور الوقت سينتعش الفقراء وتستقر حالتهم الاقتصادية المتأثرة كثيرا بفعل الأخطاء السياسية التي حولت البلد الى بلد مستهلك لا يستطيع انتاج أي سلعة على المستوى البسيط او الثقيل...
يشتد اهتمام الطبقة السياسية في قانون الموازنة ومن خلفهم شريحة المقاولين ورجال الاعمال، بينما الفقراء او عامة الشعب لا يعيرون أي اهتمام لهذا القانون بمقدار توفير الرواتب الشهرية بالنسبة للموظفين.
ولو طرحنا هذا السؤال على اغلب المواطنين، وهو لماذا لا تهتم هذه الشريحة، (أي عامة الناس) بتشريع قانون الموازنة؟
الجواب المتوقع هو بماذا سننتفع من هذا القانون الذي حرمنا وبقية الشرائح من التخصيصات الخاصة بالمشروعات الاستثمارية.
يتداول المختصون بالشأن الاقتصادي الأحاديث عن عزم اللجان المختصة في البرلمان على تقليل نسبة العجز في الموازنة العامة والبالغ قرابة (64.5) ترليون دينار، وهذا وحده اهم مؤشر من المؤشرات السلبية التي سيتركها إقرار الموازنة بهذه القيمة مع استمرار اعتماد العراق في الوقت الحالي على الاقتصاد الأحادي الاتجاه.
ذلك لان الموازنة العامة تمثل في بلد مثل العراق البرنامج المالي الكلي للأنفاق، وبذلك تنظر اليها عيون السياسيين قبل المواطنين، فهي المصدر الوحيد او الأساس للحصول على المبالغ المالية بشكل مخطط وفق الأساليب المعتادة للاستيلاء على المال العام.
يحق للفقير ان يهمل الاخبار المتعلقة بالموازنة العامة، لأنها في المقابل اهملت الحالة المعيشية له، وهو يمثل شريحة واسعة من الشعب، فهي لم تخصص او تزيد من الانفاق على المشروعات الاستثمارية التي من المؤكد ستخلق فرص عمل جديدة تنخرط فيها جيوش العاطلين عن العمل من الخريجين وغيرهم.
الحصول على فرصة عمل في القطاع الخاص سيسهم في تحسين الوضع المعيشي لهؤلاء، وبمرور الوقت سينتعش الفقراء وتستقر حالتهم الاقتصادية المتأثرة كثيرا بفعل الأخطاء السياسية التي حولت البلد الى بلد مستهلك لا يستطيع انتاج أي سلعة على المستوى البسيط او الثقيل.
الاستقرار الاقتصادي للأفراد سيعم بالفائدة على الأوضاع العامة في البلد، فمن لديه ما ينفقه خلال اليوم، لا يمكن ان يخرج الى الشارع ويطالب بالمزيد من القضايا التي قد يصعب على الحكومة توفيرها في الوقت الحالي، ومن يقضي يومه في عمل معين يخلد الى النوم وهو مرتاح البال طالما مؤمن قوت اليوم التالي.
فقدان الامل بجدوى واهمية الموازنة العامة بالنسبة لعامة الشعب، ينبع من علمهم المسبق باستحواذ المستثمرين ومن خلفهم السياسيين على النصيب الأكبر منها، فالأوائل معنيون بتنفيذ المشروعات العامة عبر تخليصها من قبل السياسيين مقابل نسب معينة وعمولات ثابتة.
وبهذه العملية تكون الموازنة العامة عبارة عن تدوير للأموال من خزينة الدولة الى خزائن المتنفذين، وعلى هذه الشاكلة يبقى دولاب الأموال بالدوران على مدى السنوات المتعاقبة.
غير ذلك لا توجد فائدة ملوسة من الموازنة العامة، ولا يُنتظر منها ان تُحسن الخدمات الصحية في المستشفيات، وسيبقى المراجع يجلب اغلب العلاجات من الخارج، او يذهب الى المراكز الصحية الخاصة لضمان خدمة علاجية مميزة، ولا يمكن يتغير حال التعليم المتهالك.
الموازنة العامة التي ينتظرها المواطن البسيط هي التي تحاكي حاجته الفعلية من خدمات ضرورية، كتعبيد الطرق وتوسعتها، وتوفير غيرها من الخدمات التي تشعره بأنه رقم مهم في بلد يزخر بالثروات غير المستثمرة والمهدورة في اتجاهات كثيرة.
ما يزيد تعقيد إقرار الموازنة الحالية هو ثلاثيتها التي وضعتها الحكومة الحالية كجزء من نيتها على تجاوز الخلافات السنوية التي ترافق فترة الإقرار، وتعميق الخصومات السياسية نتيجة اختلاف وجهات النظر حول حصص المكونات والمجاملات التي يخضع لها هذا القانون.
الموازنة التي ينتظرها الفقراء هي التي تصب جل اهتمامها على تعضيد التنمية المستدامة، وتعظيم الإيرادات الوطنية، عبر تقليل الاعتماد على الثروات النفطية، فضلا عن ذلك مراعاة المصداقية في الأرقام الواردة فيها لمعالجة حالات التضخم او القضاء على بعض الظواهر الاقتصادية التي تصيب الاقتصاد المحلي وتجعله غير قادر على مواجهة التحولات.
اضف تعليق