على الحكومة الحالية ان تعطي مسألة الآداب المرورية حيزا كبيرا في برنامجها الحكومي، وان يتم ذلك عبر استحداث أنظمة آلية مرورية جديدة لمراقبة الطرق بالكاميرات الحديثة لتطبيق القانون على الجميع وحماية الأرواح من غير المدركين، لحين تفعيل ما دعونا اليه وهو تدريس مادة الثقافة المرورية في المدارس الابتدائية...
يخوض سائقي المركبات في العراق يوميا حرب الشوارع، وعند قيادتهم السيارة تواجههم كمية من المخاوف لا يمكن حصرها، من تهور وعدم احترام لخصوصية الافراد وتجاوز الإشارات المرورية، والانعطاف المفاجئ دون إعطاء تنبيه لمن في الخلف.
كل هذه الإشكاليات والمخالفات تعود الى عدم وجود ثقافة مرورية لدى الافراد، وترك الامر راجع الى تربية الفرد المنزلية بعيدا عن الانضباط القانوني، فمن يلتزم بالقواعد السلوكية العامة، نراه ملتزم الى حد ما بقوانين السير والحفاظ على انسيابية المسير دون احداث إرباك معين عبر حركة غير محسوبة.
ضرب القوانين المرورية عرض الحائط، لا يخلف سوى مناظر مؤلمة يعصب للفرد مشاهدتها، مشاهد تعج بها المستشفيات ومراكز الطب العدلي، جميعها ناجمة عن سوء التقدير للحالة والسير بسرعة جنونية، الى جانب الانشغال في الهاتف النقال، الذي ينتج عنه حوادث مروعة لا يتمنى أحد رؤيتها.
يحصل ذلك بفعل غياب التوعية المستمرة من قبل الجهات الرسمية، فالتثقيف يمكن ان يكون عبر التنسيق مع وزارة التربية، لتقديم المحاضرات التوعوية في بادئ الامر، ومن ثم التدرج وصولا الى عمل منهج متكامل وإدخاله ضمن المناهج الدراسية لكي يلازم الطلبة في المدارس، لتترسخ لديهم هذه الثقافة، كغيرها من الثقافات التي تقوم عليها التنشئة الاجتماعية.
ترسيخ هذه الثقافة وتعزيزها لدى الجيل الناشئ، يخلق لدى الأجيال المتعاقبة حرص على القيادة السليمة، القيادة التي تجنبه الوقوع في الأخطاء المميتة، والحفاظ على حياة الآخرين، وبذلك تأخذ ثقافة السير المنتظم بالانتشار وإحلال الثقافة القديمة التي لا ترى الالتزام بالقواعد الى خوف من شرطي المرور.
جزء كبير من الأخطاء الواقعة في الشوارع تعود الى قلة الوعي بالقوانين الذي نأمل ان تعيده المادة الدراسية، في حال العمل عليها وادراجها الى جانب المقررات الرسمية في المدارس الحكومية والأهلية، ذلك لإضافة ثقافة مهمة من الثقافات المفقودة في المجتمع.
بعض المدن العراقية تشهد حالة تعبيد للطرق بما يجعلها تقدم اغراءات للسائق المبتدأ، اذ يعمد الأخير الى السير بتجاوز السرعة المحددة من قبل مديرية المرور، وهنا تحصل الكارثة الحقيقية، وقد تؤدي هذه العملية الى فقدان الكثير لحياتهم.
مقابل ذلك نفتقر الى برامج حكومية كافية لتوعية السائقين بخطورة مثل هذه التصرفات، بل لا يزال الكثير منهم يجهل العلامات المرورية ودلالاتها، يقف اين ما يحب، وينعطف كيفما يشاء، دون تشغيل الإشارة التنبيهية.
يفعل كل ذلك لعلمه بغياب العقوبات الرادعة، وينطلق من مبدأ من امن العقاب اساء الادب، فبالتأكيد، نحتاج هنا الى تغليظ العقوبات وتفعيلها بالشكل الذي يوجب احترام القانون ويردع المستهزئين فيه بمختلف مستوياتهم، مع الاخذ بعين الاعتبار العمل بصورة مباشرة على مسألة التثقيف لعامة الشعب.
من الروادع المفترض وضعها هي إجبار كبار المسؤولين على خضوعهم الى القانون، وعدم خلق ضوضاء في الشارع لفسح المجال من قبل العامة وكأنهم فوق القانون وليس القانون فوق الجميع، ويحق لهم إكمال التحرك مع اشتعال الأضواء المحذرة والناهية عن ذلك.
قبل شهور من الآن أطلقت مديريات المرور في مدن متعددة حملات لمحاسبة المخالفين، من بينهم من لا يملكون ترخيص سوق او عدم ارتداء حزام الأمان، وحينها بانت معالم الالتزام طالما السواقين متوقعين وجود دوريات المحاسبة المتنقلة بين أماكن مختلفة، لكن سرعان ما تلاشى هذا الانضباط وعادت الأمور الى سابقها مع غياب تلك الدوريات او تقليل عددها.
على الحكومة الحالية ان تعطي مسألة الآداب المرورية حيزا كبيرا في برنامجها الحكومي، وان يتم ذلك عبر استحداث أنظمة آلية مرورية جديدة لمراقبة الطرق بالكاميرات الحديثة لتطبيق القانون على الجميع وحماية الأرواح من غير المدركين، لحين تفعيل ما دعونا اليه وهو تدريس مادة الثقافة المرورية في المدارس الابتدائية.
اضف تعليق