الإكراه يجبر الإنسان على عدم خوضه في بناء ذاته وبناء تجربته الذاتية بالاقتناع والفهم والوعي. لابد للإنسان أن يقتنع وأن يعرف وأن يتعلم، حتى يصل إلى القرار السليم، في حياته، وغاية الإسلام هي توفير كل الأجواء السليمة لهذا الإنسان، حتى يسترشد ويهتدي وينضج ويكبر، ويتربّى تربية صالحة...
(لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)
إن غاية الإسلام وهدفه في الحياة تربية الإنسان تربية عقلية ونفسية، من أجل الوصول به إلى الكمال العقلي والذاتي، والنضج النفسي، ولكن لكي يكون هذا الإنسان جاهزا لعملية التربية والوصول إلى هذا الكمال والنضج، لابد من وجود حالة من المعرفة والتطور الذاتي والاقتناع والادراك والفهم وحرية الاختيار حتى يصل إلى حالة من الاعتدال السلوكي، وإلى التوازن النفسي وبالنتيجة تحصيل الاستقرار النفسي والذاتي.
والتربية هدف مخصص لبناء الإنسان السويّ، فالله سبحانه وتعالى أرسل الرسل بالأديان لنا حتى نعيش حياة سوية مستقرة قائمة على الاعتدال، وهذه التربية الصحيحة هي بمثابة منهاج لنا حتى نربي أولادنا على بناء التوازن في الحياة بين الحاجات والرغبات، بين العقل والشهوات، وبين العقل والسلوك، وبالنتيجة صنع إنسان وسطي يمتلك الصحة النفسية والذهنية السليمة.
إزالة الإكراه نفيا ونهيا
فمفهوم الاعتدال هو غاية من غايات الإسلام الجوهرية، والتطرف نفي لهذه الغاية وانحراف عنها. والإسلام يريد أن يربينا على الاعتدال حتى نصل إلى قضية أساسية وهي الاهتداء والسير في الطريق المستقيم، ومفهوم الاعتدال يمثل طريق الاستقامة وعدم الانحراف يمينا أو شمالا للوصول إلى الغاية المطلوبة، وهذا الاعتدال في مقالنا هذا نؤطره في بمفهوم آخر جديد وهو نفي الإكراه. فغاية الإسلام الجوهرية في نفي الإكراه من الإنسان حتى يسير في طريق الاعتدال.
جاء في الآية القرآنية: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة 256.
فالاعتدال هو إيجاد التوازن بمعنى إزالة الإكراه نفيا ونهيا، لا إكراه نفيا أي كونه مختارا وليس مجبورا، وأن الدين لا يقوم ولا ينسجم مع إكراه الآخرين، ولا إكراه نهيا عن استخدام الإكراه في إجبار الآخرين.
التطرف بالإكراه
وفي هذا المعنى فإن التطرف في مقابل الاعتدال يحمل معنى الإكراه ماديا ومعنويا، فالإكراه يقال في حمل الإنسان على ما يكرهه، ولا يحبه ولا يرضاه قلبه ونفسه وعقله، لذلك فإن التطرف المادي يقوم باستخدام القوة المادية لإجبار شخص معين على قضية معينة.
وكلامنا هنا يتعلق في قضية الدين، لأن الإكراه مفهوم عام يشمل الدين وغير الدين، فهي قضية مفهومية وسلوكية ومنهجية عامة يحتاج المجتمع والانسان الى معرفتها وفهمها من اجل البناء السليم المستقر، ذلك ان تحقيق المجتمع السليم المستقر لا ينسجم مع الإكراه، فإذا استخدم الحاكم الإكراه، أو الأفراد في المجتمع، أو استخدمه الأب أو المعلم، والقسوة ضد الآخرين، فهذا يؤدي إلى بناء شخصية هشة غير مستقرة نفسيا ومتناقضة سلوكيا، لذلك قد يعني التطرف بهذا المعنى الإكراه للآخر نفسيا وماديا ومعنويا.
والإكراه المعنوي يعني إجبار الآخر بصورة غير مباشرة على الالتزام بمنهج معين، كأن يخاف أو يخشى من أنه إذا لم يقم بهذا العمل فقد يتعرض إلى عقوبة، فيكون عنده خوف ذاتي، وهذا الخوف يعبر عن الإكراه المعنوي الذي يعيشه هذا الإنسان، ولذلك فإن حمل الإنسان على ما يكرهه يتناقض مع غاية الإسلام وهدفه.
الدين يتحقق بالاعتدال
وعن الإمام علي (عليه السلام): (وَقَامَتْ مَنَاهِجُ الدِّينِ وَاعْتَدَلَتْ مَعَالِمُ الْعَدْلِ وَجَرَتْ عَلَى أَذْلَالِهَا السُّنَنُ)، فالدين يقوم على الاعتدال والسير في الطريق المستقيم، ويقوم على العدل والتساوي، والمساواة، وعلى كلمة سواء، لذلك عندما يسير الإنسان والمجتمع في طريق الاعتدال، فإن هذا الأمر سوف يؤدي به إلى الالتزام بالدين جيدا، وإذا التزم بالدين قامت مناهج الدين، وانتشر العدل وخفَّ أو غاب الظلم.
(وجرت على أذلالها السنن) تعني الطرق الصحيحة تكون مفتوحة للإنسان، في الحياة المستقرة، والطريق المستقيم في أن تكون الحياة سعيدة ومزدهرة، لذلك فإن الاعتدال هو بناء الإنسان، نفسيا وفكريا وعقليا، حيث يكون ناضجا وراشدا في حياته.
(لا إكراه في الدين)، فالإكراه بمعنى الضلال والإضلال، وعدم الإكراه بمعنى بناء الإنسان وترشيده وتنضيجه، حتى يصل إلى مرتبة جيدة وعالية في الحياة، ويكون رشيدا في سلوكيات الحياة.
اليوم عندما نشاهد الكثير من المشكلات والأزمات والصراعات والاختلالات، فذلك أن الإكراه هو الحاكم، في تلك المجتمعات، الإكراه يجبر الإنسان على عدم خوضه في بناء ذاته وبناء تجربته الذاتية بالاقتناع والفهم والوعي.
لابد للإنسان أن يقتنع وأن يعرف وأن يتعلم، حتى يصل إلى القرار السليم، في حياته، وغاية الإسلام هي توفير كل الأجواء السليمة لهذا الإنسان، حتى يسترشد ويهتدي وينضج ويكبر، ويتربّى تربية صالحة.
هل ينسجم الدين مع الإكراه؟
إن الآية القرآنية تؤكد (لا إكراه في الدين)، وهذا يعني بأن الدين نقيض للإكراه، لماذا؟ وما هي الأسباب التي تجعلنا أن نقرأ هذا الأمر بهذه الصورة، بالطبع الآية الكريمة واضحة، لكننا نريد أن نحلل الأمور من أجل بلوغ مطالب أساسية في فهم هذا الموضوع، وبالنتيجة فهم عملية بناء معالم الدين ومناهج الدين من خلال سلوك الاعتدال للوصول إلى الغايات السليمة والصحيحة في حياتنا.
هناك عدد من الأسباب نفهم من خلالها لماذا لا ينسجم الدين مع الإكراه وهي:
الإكراه يتناقض مع مقاصد الدين
النقطة الأولى: إن الإكراه يتناقض مع مقاصد الدين الجوهرية القائمة على الامتحان والابتلاء، الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان حتى يمتحنه، (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) الملك 2، حتى يختبر الإنسان وهذا الاختبار يهدي ويرشد الإنسان إذا نجح في الامتحان، أو يفشل فيضل إذا لم ينجح في هذا الامتحان، فالغاية الأساسية للدين هي بناء الإنسان واختباره.
الدين يأتي بمعنى العبادة، الجزاء، وبمعنى الطاعة، وبمعنى الحساب، وبمعنى ما يتديّن به الرجل، أي ما يسلكه وما يسير عليه، الديانة تعني السلوك الذي يسير عليه الإنسان، ويأتي بمعنى العبودية، ويأتي بمعنى الإسلام، (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ) آل عمران 19.
الطاعة قائمة على حسن الاختيار
الدين يعني الامتحان، والعبودية لله سبحانه وتعالى، والطاعة لله سبحانه وتعالى، فالمقصود هي الطاعة، وهذا المفهوم يقوم على الالتزام الطوعي، أي يتحقق طوعا، وإدراكا، وفهما بحيث يلتزم الإنسان، فالدين يعني الطاعة الطوعية.
وهذا لا ينسجم مع الإكراه، لأن الإكراه خلاف الطاعة، والإكراه يعني إجبار الإنسان على أن يتدين بشيء ما، ويلتزم بهذا الدين بالقوة، لذلك يتناقض مع الدين الطوعي، وهذا ما تشير اليه الآية القرآنية: (أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) آل عمران 83.
(طَوْعًا) بمعنى أن الإنسان هو الذي اختار ذلك وهذا يدخل ضمن الأمور الاختيارية التي لابد أن يكون فيها الإنسان حرّا، أي هو الذي يختار طائعا أن يذهب في هذا الطريق، طريق اليمين أو طريق اليسار أو الطريق المستقيم، فيختار طريقه قانعا دونما أية ضغوط.
(وكرْها) تعني أولئك الذين ليس لهم اختيار، مثل الشمس والقمر، فهما يدوران حول الأرض بأمر ثابت، فليس لهما حرية الاختيار، وكل الأمور غير الإنسان هي مجبورة على أن تسلك طريق القوانين الثابتة الجبرية.
وإذا أراد الإنسان بالنتيجة أن يعيش حياة سليمة لابد أن يطيع هذه القوانين أيضا، ويسير بحسب ما تقتضيه هذه القوانين، فيلتزم بهذه القوانين الكونية أو يتمرد عليها، فإذا التزم بهذه القوانين الكونية طوعا واختيارا، فإن هذا الإنسان سوف يسير في الطريق المستقيم ويحقق الغايات الأساسية.
ولكنه إذا لم يلتزم، ولم يطع هذه القوانين، لا يحصل على طريق السعادة بل يمضي في طريق الشقاء، وحيث يوجد إطار للقانون فإن حرية الإنسان تكمن في هذا الإطار، (لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين)، الإنسان في هذه الحالة يكون طائعا مختارا، لكنه هو الذي يسلك الطريق المستقيم، أو يسلك الطريق الذي يؤدي به إلى السقوط من هاوية الجبل.
الأمر بيده وهو الذي اختار طريقه، فقال له هذا هو الطريق المستقيم سِرْ به ستصل إلى النجاة، أما ذلك الطريق فيذهب بك إلى الجبل فتسقط من حافة الجبل إلى الهاوية، فيختار طريق الجبل، ويلقى مصرعه، فهو الذي اختار هذا الطريق، وهذا هو معنى طوعا وكرْها.
الطاعة هي بالنتيجة خلاف الإكراه، وأصل الدين كما جاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أصل الدين الورع، ورأسه الطاعة)، الدين وأصله وأساسه هو الورع عن محارم الله سبحانه وتعالى، وجوهره الطاعة، لذلك يمارس الإنسان عملية الورع ويتجنب المعاصي لتربية نفسه وبناء شخصيته على الالتزام بالله سبحانه وتعالى، ويسلم نفسه للإسلام وللدين ولله سبحانه وتعالى.
فالطاعة مخالفة للإكراه قائمة على حسن الاختيار والفهم، ووعي الإنسان فيما يخص طريق الطاعة والابتعاد عن المعاصي.
الإكراه يتناقض مع الإيمان
النقطة الثانية: إن الدين قائم على الإيمان
الإيمان يقوم على الاقتناع، والإكراه يتناقض مع الإيمان، فالإيمان يأتي من قلب الإنسان، وتصديقا منه، وتفاعله مع الإسلام وتمسكه بالدين، فعندما يكون مؤمنا سوف يكون ملتزما بالدين، فإذا أُكرِهَ الإنسان على خلاف ما في قلبه، فهذا يكون خلافا للإيمان، فلا يمكن أن تبني الإنسان وتبني الإيمان في قلب الإنسان وفي ذاته، بالإكراه، فهذا ليس إيمانا وإنما هو مجرد شكل للدين.
أي أن الإنسان في هذه الحالة يلتزم بالدين التزاما شكليا، وليس التزاما حقيقيا، وهذا ليس بإيمان، لذلك فهو بالنتيجة يخالف جوهر الدين وغايته ومقاصده.
وفي الآية القرآنية (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ) يونس 99، تشير إلى ان الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان حتى يؤمن بذاته، وبإدراكه، وباختياره، وبفهمه، ولا يمكن أن يكون مجبورا على الإيمان، لأن تربية الإنسان ونضجه قائم على الإدراك والإيمان بالله سبحانه وتعالى، من خلال فهمه وطاعاته وورعه، والتزامه ومسؤوليته تجاه هذا الدين، لذلك فإن الإكراه يتنافى مع هذه القاعدة، فهل أراد الله سبحانه وتعالى منا أن نكون مؤمنين، وهل أجبرنا على ذلك لنكون كالجمادات الأخرى، أم أعطانا حرية الاختيار؟
هل يمكن أن يجعلنا الله نسير مجبرين في طريق ليس من اختيارنا؟، كلا، لأن الله سبحانه وتعالى أراد أن يبتلينا ويختبر قدراتنا، ويمتحن شخصياتنا. إن الإيمان بحسب الآية القرآنية لا يتحقق بالإكراه، وهذا ما يؤكده الحديث المروي عن الامام علي(عليه السلام): (غاية الدين الإيمان).
مثلث الايمان
وعن رسول (الله صلى الله عليه وآله): (الإيمان معرفة بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالأركان)، الإيمان مثلث يتحقق بمعرفة في القلب، قناعة ذاتية موجودة في قلب الإنسان، لذلك يكون عند الإنسان إيمان، (وقول باللسان) أي يعبر عمّا في قلبه، (وعمل بالأركان) أي عنده ورع، التزام بالمبادئ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأداء الحقوق الشرعية.
قد يقول شخص ما طالما أن الإنسان نيَّته صافية فلا يحتاج ذلك لأن الأمر لا علاقة له بعمله، لكن هذا القول غير صحيح، لأن الإيمان قضية مركبة من ثلاث عناصر، (نيّة و قول و فعل)، وهذه الثلاثية هي التي تحقق الإيمان.
وهي تأتي من خلال تصديق الإنسان وإيمان الإنسان، ومعرفته بالله سبحانه وتعالى، وإسلامه وتسليمه لله سبحانه وتعالى، حتى يحقق بالنتيجة هذا الإيمان، وهذه النتيجة تتحقق من خلال حرية الاختيار، ويأتي من نفي الإكراه والنهي عن الإكراه في قضية إيمان الإنسان والتزامه بالدين.
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن الإيمان ما خلص في القلب وصدقه الأعمال)، فالإيمان لا يتحقق من خلال التمنيات، أتمنى أن يصبح ابني مؤمنا، فأجبره على الصلاة، كلا، هذا ليس صحيحا، لأن الإيمان يأتي من خلال أن أعلّم ابني لكي يكون على معرفة بالله سبحانه وتعالى، معرفة المنعم، وشكر المنعم.
أعلّمه على ذلك، وهذا لا يتحقق بالشكليات، وإنما من خلال معرفة في القلب وإخلاص في القلب، وصدق في الأعمال التي يمارسها الإنسان في حياته.
فالإنسان الذي يكون عمله مناقضا لدينه، فهذا ليس بمؤمن، إنه نوع من الازدواجية والنفاق، وهذا ما يعبّر عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين يقول: (إن الرجل لا يكون مؤمنا حتى يكون قلبه مع لسانه سواء، ويكون لسانه مع قلبه سواء، ولا يخالف قوله عمله)، القلب واللسان والعمل، هذه الثلاثية لابد أن تكون متساوية حتى يتحقق إيمان الإنسان.
وهذا يأتي من خلال حرية اختيار الإنسان، ومن معرفته، تصديقه، وتربيته تربية معرفية إيمانية إقتناعية، تربية جذرية عميقة لهذا الإنسان حتى يستطيع أن يكون مؤمنا حقيقيا، ليحقق هذا الضلع المثلث، ليملأ الإيمان القلب واللسان والعمل.
الدين لتحرير الانسان
النقطة الثالثة: إن الدين قائم على حرية الاختيار والإرادة
الدين قائم على تحرير الإنسان من الإكراه ومن الإجبار، ومن الأغلال النفسية، كذلك تحرير الإنسان من الطاغوت، من الطاغوت النفسي، أو الطاغوت الخارجي، لذلك فإن الإكراه هو من سمات الطاغوت، ومن سمات التجبّر والتكبر والتحكم بالآخرين، وهذا يتنافى مع فلسفة الدين وغاية الدين، فالدين هو تحرير للإنسان وبناء له.
الدين بناء لحرية الإنسان وحرية اختياره، إذا ما عزم على أن يتخذ القرار الصحيح في حياته بحرية، واستقلال، واختيار حر، ورشد، لذا فإن الدين هو تحرير للإنسان من الشهوات والأمزجة، والعبودية للطاغوت، وتحرير من القمع الذي يتعرض له من قبل الحكام والظالمين. (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) الأعراف 157.
لذلك فإن الإكراه يتنافى مع الدين بهذا المعنى، فالدين هو تحرير الإنسان من الإكراه وإكراه الآخرين.
الإكراه نقيض للهداية
النقطة الرابعة: من مقاصد الدين الأساسية الإرشاد والهداية
والإكراه ليس إرشادا ولا هداية، بل هو إجبار بالقوة على الالتزام بشيء ما، والدين هو هداية لشيء، هداية لاختيار الإنسان واتخاذ قراره، فإن الله سبحانه وتعالى يضع له النور في الطريق حتى يسير في هذا الطريق ليصل بالنتيجة إلى القرار الصحيح في حياته.
فالدين هو طريق هداية، واسترشاد، وبناء للإنسان، أما الإكراه فهو نقيض للهداية، بل العكس من ذلك لأن الإكراه يؤدي إلى تضليل الإنسان، ومن ثم بالنتيجة يؤدي إلى انحرافه، والآية القرآنية (قد تبيّن الرشد من الغيّ) تبيّن هذا المطلب وبأن الرشد يأتي مع عدم الإكراه، والغيّ الذي يعني الضلال والانحراف يتسبب به الإكراه، والآية القرآنية (فمن يكفر بالطاغوت) تؤكد على ان الإكراه من صفات الطاغوت والطغيان.
وللبحث تتمة..
اضف تعليق