العلاقة بين الحكومة العراقية المركزية وإقليم كردستان تشوبها الأزمات بشكل متكرر، ويمكننا وصفها بأنها علاقة مصابة بمرض الأزمات المزمن، ملفات عدة تجعل من تقاذف التصريحات بين المركز والإقليم مادة إعلامية ساخنة، وقد تستقر الأمور بين الأطراف الرسمية، لكنها تتصاعد من قبل الأحزاب المعارضة، أو العكس...
العلاقة بين الحكومة العراقية المركزية وإقليم كردستان تشوبها الأزمات بشكل متكرر، ويمكننا وصفها بأنها علاقة مصابة بمرض الأزمات المزمن، ملفات عدة تجعل من تقاذف التصريحات بين المركز والإقليم مادة إعلامية ساخنة، وقد تستقر الأمور بين الأطراف الرسمية، لكنها تتصاعد من قبل الأحزاب المعارضة، أو العكس.
في زمن حكومة رئيس الوزراء السابق السيد مصطفى الكاظمي، كانت الحكومة صديقة للإقليم، والحزب الديمقراطي الكردستاني المسيطر هناك يعتبر الكاظمي مرشحه المفضل لرئاسة الوزراء، وهو ما حقق فوائد جيدة في إطار إرسال الأموال ورواتب الموظفين بشكل شهري، وحل جزءاً من الأزمة المالية الداخلية شمالي العراق.
لكن هذه العلاقة الرسمية الجيدة عكر صفوها بعض القوى السياسية الشيعية المنضوية تحت مسمى الإطار التنسيقي عبر المواقف السياسية الحادة والتغطيات الإعلامية المتشنجة، متمثلة بالاتهامات المتواصلة لقيادة إقليم كردستان والحكومة المركزية على أنهما ينفذان مشروعاً للتطبيع مع إسرائيل.
وقد ساد الخطاب الهجومي من قبل بعض القوى الشيعية على مستوى الإعلام، ليترجم إلى ضربات صاروخية وهجمات على القواعد العكسرية الأمريكية في الإقليم، كترجمة فعلية للحرب ضد قوى التطبيع مع إسرائل الناشطة في كردستان العراق حسب سردية الخطاب الإعلامي والسياسي لبعض القوى الشيعية.
وتوسع نطاق التوتر مع الإقليم ليشمل الهجمات الصاروخية التي قام بها الحرس الثوري الإيراني في أكثر من مناسبة والتي ضربت عمق الإقليم وتسببت بوقوع ضحايا، وزادت من حدة التوتر، المغلف بحرب محور المقاومة ضد حملات التطبيع الجارية في كردستان.
على المستوى القانوني تعرض الكرد إلى ضربات موجعة خلال العام الماضي، لا تقل خطورة عن الضربات الصاروخية الداخلية والخارجية، فقد ألغي قانون النفط والغاز، فحرمه من امتيازات مالية كبيرة، ثم اصدرت المحكمة الاتحادية قراراً ببطلان ارسال الحكومة لمليارات الدنانير شهرياً، وقبل تم استبعاد مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني لشغل منصب رئيس الجمهورية وغير من الملفات التي جعلت أكثر المتفائلين لا يتوقع أي أمل في ترميم العلاقة بين المركز والإقليم.
ضماد رئاسي
مع مجيء حكومة السيد محمد شياع السوداني إلى رئاسة الوزراء توفقت الجراحات عن التناسل، وبدأ النزيف يتباطأ، وتسارعت الأمور بتوتيرة إيجابية فاختتم بملتقى السليمانية الذي ظهر وكأنه أول لقاء يجمع الفرقاء السياسيين العراقيين ولا سيما الشيعة والكرد يواجهون بعضهم البعض بالأحضان والابتسامة العريضة.
العلاقة الرسمية بين الطرفين في أفضل أحوالها، وإذا ما أردنا المقارنة بين حكومة الكاظمي والسوداني، فإن الميزة التي تتمتع بها الحكومة الحالية على حكومة الكاظمي، أن السوداني استفاد من عدم وجود معارضة شيعية للمصالحة مع الإقليم.
يضاف إلى ذلك الهدنة غير المعلنة بين قوى الإطار التنسيقي والولايات المتحدة الأمريكية، ما انعكس على توقف الهجمات الصاروخية ضد القواعد الأمريكية في إقليم كردستان، فضلاً عن المصالحة الدبلوماسية بين إيران والسعودية والتي كان أحد أهم بنودها هو وقف التدخلات في شؤون الدول الأخرى، ما أدى إلى وقف الهجمات الإيرانية على شمال العراق.
ولحد هذه اللحظة تمر العلاقات الكردية مع المركز بشقيه الرسمي والمعارض بأفضل أحوالها منذ عام 2003 وحتى الآن، فقد اجتمعت العوامل الإيجابية الخارجية والداخلية لتفرز لنا حالة من الاستقرار المتصاعد.
هل انتهى زمن الخلاف مع الكرد؟
يبدو هذا السؤال مبكراً، فالملفات القابلة للاشتعال كثيرة، والنار لم يتم إطفاؤها بشكل نهائي.
يمكننا اختصار القول بأنها مرحلة استقرار مؤقتة، أو هدنة سياسية تحتاج إلى رعاية من أصحاب القرار في بغداد وأربيل، مع حدوث استقرار سياسي خارجي، ولا سيما بين الكبيرين في المنطقة السعودية وإيران.
إذا توافرت مثل هذه الظروف يمكننا الحديث عن إطالة أمد الاستقرار بين المركز والإقليم، وعلى القوى السياسية الانتباه لهذه الفترة، فهي فرصة، وعليهم عدم تفويتها لعلها تكون مفتاحاً للاستقرار الدائم، حتى لا نكرر أخطاء الحكام السابقين من عبد الكريم قاسم وحتى حيدر العبادي.
اضف تعليق