مؤتمر سياسي سني يعقد الدوحة... تحضره أطراف سنية تتنوع اتجاهاتها بين الدينية والقومية والقبلية... انضم اليهم وفق الخبر المتداول رجال اعمال وتجار سنة.... كل المؤتمرين خرجوا من العراق لان السلطة خرجت من ايديهم. لا عبرة بالعدد القليل من السنة في الداخل الذين حضروا الاجتماع، لانهم سيكونون ليسوا اصحاب قرار بل تابعين لما يقرر في هذا الاجتماع......
هنا نقول مع التأكيد على هذه الرؤية، ان القرار السني دوما يتخذ في الخارج وليس في الداخل، لان الدعم السني الاقليمي موجه منذ البداية لسنة الخارج والتابعين لهم من سنة الداخل حصرا.. لذلك هناك فزع في بعض الاوساط السنية في الداخل، خصوصا في الانبار، من هذا الاجتماع لانهم يخشون على مصيرهم ومصير عشائرهم ومناطقهم من قرارات الدوحة المتوقعة... والتحق بهذا الفزع والقلق مع اختلاف الدواعي والاسباب، هيئة علماء المسلمين التي كان يرأسها الضاري، الذي اضر بالسنة والشيعة على حد سواء، لكن حسابات تقاسم الكعكة السياسية المتوقعة بالنسبة لهيئة العلماء هذه هي التي تمنعهم من حضور مؤتمر الدوحة، اذ يبدو ان حصتهم من هذه الكعكة غير مقنعة بالنسبة لهم...
طبعا وكما هو واضح سياسيا واعلاميا هناك لامبالاة جادة في الوسط السياسي الشيعي، بل حتى في الوسط الشيعي الشعبي، وهذا يعود الى الترويج لفكرة التقسيم كأحد الحلول الجذرية لمشاكل العراق السياسية والامنية والطائفية. وهي مثلما تنتشر في الوسط الشيعي، فأنها تنتشر وبصورة اقوى في الوسط السني لاسيما سنة الخارج. ويبدو ان زيارة الجبوري الى الدوحة تمت برضا ومشورة رئيس الوزراء العبادي وقادة الكتل السياسية الشيعية... لأننا لم نسمع حتى الان ادانة او استنكار لما قام به الجبوري.... ولا عبرة بتصريحات بعض النواب الشيعة، فإنها غير ذات صدى او تأثير، بل كما يقولون لذر الرماد في العيون. وقد أوكلت تلك التصريحات الى نواب شيعة ثانويين..
نستطيع ان نكتشف من خلال ذلك ان هناك تفاهمات وتوافقات سياسية مصيرية، فهذه المرحلة في العراق نستطيع ايضا ان نصفها بانها مرحلة التوافقات والاتفاقات للكتل السياسية الشيعية-الشيعية، والشيعية- السنية... ولذلك لم نشهد خلال هذه الايام "طبعا بتأثير الضغط الشعبي المطالب بالاصلاحات" وبتأثير هذه التفاهمات السياسية الطائفية، لم نشهد اي تصريحات عدائية تجاه بعضهم البعض، كما اعتادوا على فعل ذلك في كل المناسبات، سواء الشيعة فيما بينهم او السنة فيما بينهم، او بين الشيعة والسنة، مما يعد في نظري مؤشرا خطيرا على طبيعة هذه التفاهمات والتوافقات... (وهي مفارقة سياسية عراقية ان نعد تخليهم عن العدوانية الاعلامية مؤشرا خطيرا).
استطيع ان اجزم ان مؤتمر الدوحة ينعقد بمباركة سياسية شيعية وبقناعة سنية.... علينا ان نتذكر ان المرجعية العليا كانت قد حذرت في الخطبة التي دعت فيها للاصلاحات، وكانت خطبة غاضبة وقد عبرت فيها عن انزعاج المرجعية العليا من الوضع السياسي في العراق، حذرت في ثنايا هذه الخطبة الرسمية للمرجعية العليا من احتمالات التقسيم في العراق اذا فشلت الاصلاحات التي طالبت بها جماهير الشعب العراقي..
لقد فشلت الاصلاحات ولم تعير الحكومة والبرلمان العراقي اي اهتمام جاد بموضوعة تنفيذها والتعجيل بها، ناهيك عن الصمت المطبق لقادة الكتل السياسية وبكل اطيافهم والذي غلف مواقفهم تجاه الاصلاحات... مما يعني ان احتمالات التقسيم قائمة... وان مؤتمر الدوحة هو ثمرة فشل الاصلاحات، وان التواطؤ السياسي الشيعي-السني وبارتياح كردي، سيقود في مؤتمر الدوحة الى تقسيم العراق... تواطؤ في احدى صوره يهدف الى اجهاض الاصلاحات ومن ثم البدء مجددا بإشغال الشعب بسنته وشيعته بمشاكل التقسيم.. (وتلك شنشنة اعرفها من اخزم)، بمشاكل كل اقليم على حدة، وبمشاكل كل اقليم مع الاقليم الاخر، فيضطر الشعب الى التسليم بالامر الواقع ويضطر الى التسليم بمرارة وجودهم السياسي.... مثلما اضطر الى التسليم بوجودهم السياسي كأمر واقع او واقع مر تحت تأثير الفتنة الطائفية التي عصفت بالبلاد بعد سقوط الدكتاتور في العام 2003م...
اذاً على الشعب ان لا تنتكس مطالبه بالإصلاحات بمشروع الدوحة الخطير بتقسيم العراق وهو مشروع ينفذ وبالتواطؤ مع الكتل السياسية الموضوعة تحت المسميات الطائفية والعرقية... احتراما للهوية الوطنية لا اريد التذكير بأسمائها هذه المرة... لان العراق في خطر والتقسيم قائم ان لم يحول الشعب بينه وبين التنفيذ هذه المرة...
اضف تعليق