q
ماهو الوقود الحارق الذي أوصل أبناء يعقوب إلى مستوى من البشاعة أن ينهالوا ضرباً وتنكيلاً بأخيهم يوسف؟ ماهو الداء القاتل الذي أمات قلوب أبناء يعقوب بحيث لم يترددوا باتهام يوسف وأخيه بنيامين بالسرقة؟ من هو الشيطان الأنسي الذي جعل أبناء يعقوب يجتمعوا على قرار قتل أخيهم يوسف...

القصة الوحيدة في القرآن الكريم التي حظيت بتفاصيل دقيقة وخُصص لها سورة بكاملها هي قصة نبي الله يوسف بن يعقوب عليهما السلام، ولعل أهم الوقفات المهمة فيها سلوك العداوة والفظاعة المتولدة في نفوس أبناء يعقوب الناشئة من وسوسة ابليس، وعدو خفي أدخلهم في معصية كبرى جعلهم يكيدوا بأخيهم يوسف عليه السلام، وهم أبناء نبي من أنبياء الله!!.

من هو العدو الحقيقي الذي جعل أبناء يعقوب يرفضون خلافة يوسف لأبيه عليهما السلام في النبوة؟!!.

ماهو الوقود الحارق الذي أوصل أبناء يعقوب إلى مستوى من البشاعة أن ينهالوا ضرباً وتنكيلاً بأخيهم يوسف؟!!.

ماهو الداء القاتل الذي أمات قلوب أبناء يعقوب بحيث لم يترددوا باتهام يوسف وأخيه بنيامين بالسرقة؟!!.

من هو الشيطان الأنسي الذي جعل أبناء يعقوب يجتمعوا على قرار قتل أخيهم يوسف؟!!.

ماهو السبات المقيت الذي أنسى أبناء يعقوب التوبة إلى الله لمدة تزيد على أربعين سنة؟!!.

ما نوع التبلد الروحي الذي عاشه أبناء يعقوب بحيث لم يعبؤا بالأذى النفسي الذي لحق بأبيهم وأخيهم طيلة أربعين سنة؟!!.

من هو الصنم الخفي الذي عبده أبناء يعقوب وهو لا يشعرون، فكانوا عباداً للأنا والهوى؟!!.

هل هو نفس المجرم الذي قتل به قابيل أخيه هابيل فعبر عنه الله تعالى: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ}؟!!.

هل هي العلة التي عبر عنها الله تعالى: {اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ}؟!!.

إن العبرة المهمة التي أراد الله إيصالها لكل البشر من سرد هذه القصة يكمن في عدة أمور:

الأول: تحذيرهم من العدو الحقيقي المتمثل في شر النفوس المريضة التي هي أشد فتكاً من كيد ابليس خاصة إذا استشرى فيها مرض الحقد والحسد وغيرها التي لم يسلم منها أبناء الأنبياء بحيث حولتهم إلى شياطين إنس، وذئاب متوحشة يتعلم منها شياطين الجن والأباليس فنون الشرور!!.

الثاني: إن ما أوصل أبناء يعقوب لهذا المستوى من التردي المقيت ليس لأنهم لا يعبدون الله أو لا يعرفونه بل بسبب انصياعهم لصنمية النفوس التي كانت أقوى من تلك المعرفة، فأوصلتهم إلى قرار نهائي بقتل أخيهم يوسف!!.

الثالث: إن الاختبار الإلهي الذي خضع إليه نبي الله يعقوب ويوسف عليهما السلام قد يكون من أشد الاختبارات التي مرت على سلسلة الانبياء، وتمثل في الأذى النفسي الذي ألحقه أبناء يعقوب بهما طيلة أربعين سنة، وهو الأذى الأقوى من الأذى الجسدي الذي قد يتعرض له كثير من المؤمنين في كثير من المواقف!!.

الرابع: إن أبناء بني آدم في أي مكان وأي زمان وأي أسرة وأي مجتمع وأي طريق هم في حقيقتهم كأمثال أبناء يعقوب، فسنجد بينهم كيوسف يقصيه اخوانه فيقابلهم بالإحسان، ونجد كبنيامين يتفجر منه الحنان، ونجد كلاوي ينصر ضعيف الناس، ونجد كيهودا يبطش بأقرب الإخوان، ونجد كشمعون يزور كتاباً كي يستحوذ على أرث خلفه الآباء، ونجد كفوبيل يؤيد ظالم لأيتام، ونجد كريالون يتلذذ بأذية الجيران، ونجد كيشجر يمشي في أذية الإنسان، ونجد كدان جمع ماله من الحرام، ونجد كدان يحقد دون جريمة أو بهتان، ونجد كنفتالي يكيد بأقرب الأرحام، ونجد كأحاد يشجع على العدوان، ونجد كآشر شيطان بصورة إنسان.... والبقية.

الحقيقة المستخلصة أن كل بني آدم لهم الخيار في احتواء الأنا والنفس أو الانصياع لها كي يسلكوا سلوكاً حميمياً يرتضيه الله ومحمد وأهل بيته الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، أو سلوكاً عدوانياً ترتضيه الهوى والشيطان سواء مع الأخوة أو الأرحام أو الجيران أو الناس.

حينها يمكن أن يعرف كل إنسان منا صورة من يمثله من أبناء يعقوب عليه السلام.. فإما أن يكون كصورة يوسف أو بنيامين أو لاوي أو كصورة أحد أبناء يعقوب... فيوسف وأخوته لم ولن يموتوا مع مرون الزمان.

اضف تعليق