q
محظوظ من أساء لإنسان من عامة الناس ينتمي لهذا الصنف الإيماني!! لأنه سيحظى بعفو صادق أسقط حق المسيء إليه من ذمته، وبدعاء خالص قد يكون سبباً في هدايته، أو بنزول المحبة له في قلبه، فكانت دعوته للمسيء له كشربة ماء بارد يروي بها ظمأه.. قد لا يحالفك التوفيق...

تختلف ردود البشر على الإساءة التي يتعرضون إليها، بحيث يمكن تصنيفهم إلى أربعة أصناف، الصنف الأول: وهو الأغلب بين الناس الذي يقابل السيئة بأسوأ منها، أما الصنف الثاني: فيلجأ للسكوت الناتج عن خوف من سطوة المسيء، أو من أجل الاقتصاص منه قانونياً، أما الصنف الثالث: فيعمد إلى الحلم، وذلك حرصاً على أن لا ينزل إلى الأخلاق المتردية، أما الصنف الرابع وهو مطلبنا: فيلتزم بالصمت، ويعمل الحلم ويتعامل بالإحسان، آخذاً بقول الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ.

فعن جابر قال: سمع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام رجلاً يشتم قنبراً، وقد رام قنبر أن يردّ عليه، فناداه أمير المؤمنين عليه السلام قائلاً: مهلاً يا قنبر، دع شاتمك مهاناً ترضي الرحمان، وتسخط الشيطان، وتعاقب عدوّك، فو الذي فلق الحبّة، وبرأ النسمة ما أرضى المؤمن ربّه بمثل الحلم، ولا أسخط الشيطان بمثل الصمت، ولا عوقب الأحمق بمثل السكوت عنه.

فمن المتوقع أن تلتقي بشخص ينتمي إلى الأصناف الثلاثة الأولى، لكن هل من الممكن أن ترى شخصاً من عامة الناس ينتمي إلى الصنف الرابع، أم هو ضرب من ضروب الخيال؟!!.

والجواب: نعم من الممكن، لكن ندرتهم بين عامة الناس ناتج عن ضحالة الفكر، والقلوب المريضة، والضمائر الميتة، وكثرة الأمراض الأخلاقية، والرغبة في إرضاء النفس، والتكالب على الدنيا، فالمترفع عن الإساءة لم يفكر مطلقاً في الثواب أو الجزاء، بل أدرك أن المسيء صنع له إحساناً حقيقياً وهو لا يعلم به!!.

نعم، لأن المسيء منحه الفرصة لمجاهدة نفسه، ومخالفة هواه، والسعي لنيل مرضاة الله ، وهذا السلوك لا تجده إلا في أناس ذابوا في مودة محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين، وسعوا للاقتداء بهم، والتخلق بأخلاقهم.

ونقول مجازاً: محظوظ من أساء لإنسان من عامة الناس ينتمي لهذا الصنف الإيماني!! لأنه سيحظى بعفو صادق أسقط حق المسيء إليه من ذمته، وبدعاء خالص قد يكون سبباً في هدايته، أو بنزول المحبة له في قلبه، فكانت دعوته للمسيء له كشربة ماء بارد يروي بها ظمأه!!.

لذا قد لا يحالفك التوفيق في الدنيا أن تلتقى إنسان يمتلك هذه الملكة الإيمانية الخاصة، لكن ما مستوى الحسرة التي تنتظرك في الآخرة حينما تواجه إنساناً عَمِل بأبجدياتها، وكنت أول المتلذذين بالإساءة إليه؟!!.

اضف تعليق