q
النظام الانتخابي في اغلب دول العالم يعتبر من القوانين المكملة للدستور، فعند تشريعه يتطلب موافقة عامة من قبل القوى المجتمعية حيث يحتاج لإقراره الى نسبة عالية من التصويت في مجلس النواب كأن تكون بنسبة الثلثين كما هو عند تشريع قوانين: مجلس الاتحاد، السلطة القضائية، المحكمة الاتحادية...

ان أحد الإشكاليات الى تواجه الديمقراطية في العراق هو تزايد العزوف عن الذهاب الى صناديق الانتخابات وبشكل متصاعد في كل مرة قياسا للانتخابات التي تسبقها، وهذا مما يوسع الفجوة بين الطبقة الحاكمة وعامة الشعب.

وان لهذا العزوف اسبابه العديدة وما يهمنا الان في هذه المادة هو النظام الانتخابي، ومن اجل الإحاطة المناسبة لابد من التطرق الى طبيعة هذا القانون واصله مع المقترحات الخاصة للأخذ به.

النظام الانتخابي في اغلب دول العالم يعتبر من القوانين المكملة للدستور، فعند تشريعه يتطلب موافقة عامة من قبل القوى المجتمعية حيث يحتاج لإقراره الى نسبة عالية من التصويت في مجلس النواب كأن تكون بنسبة الثلثين كما هو عند تشريع قوانين: مجلس الاتحاد، السلطة القضائية، المحكمة الاتحادية وقانون المعاهدات، لكن التجربة في العراق تؤكد عكس ذلك حيث كل انتخابات يتم تشريع قانون انتخابي جديد لان الحصول عليه بسهولة حيث يمرر بأغلبية الأصوات وليس بثلثي أعضاء مجلس النواب، وهذا يؤثر بشكل سلبي على قدرة التحالفات والأحزاب والمرشحين وكذلك الناخبين على التكيف والتعامل مع كل قانون انتخابي جديد.

فالقانون الانتخابي يحتاج الى الثبات النسبي حتى يتعرف عليه كل المعنيين في العملية الانتخابية ومن خلال الممارسة المتكررة، يكون مفهوم من قبلهم ويستطيعون ان يترجموا الأصوات المُدلى بها الى مقاعد في مجلس النواب، وهذا هو كُنهُ القانون الانتخابي.

توطئة حول النظم الانتخابية

كان النظام السائد في أي انتخابات هو النظام القائم على الأغلبية أي الذي يفوز هو المرشح الحاصل على اعلى الأصوات، الذي يتسم بالبساطة والسهولة بالنسبة للمرشحين والمصوتين، لكن مع انتشار قيم السيادة الشعبية وتوسع مفاهيم الديمقراطية ومنها الانتخابات وممارستها في العديد من الدول ونشوء الأحزاب ومشاركتها في الانتخابات، أصبح القانون الاغلبي لا يلبي العدالة والانصاف، حيث الاختلال في التوازن ما بين عدد الأصوات المدلى بها لصالح حزب معين مع عدد المقاعد التي يحصل عليها، حيث تحصل أحيانا بعض الأحزاب على أصوات اكثر من المنافس لها لكن في الأخير المنافس هو الذي يحصل على اعلى المقاعد في الهيئة التشريعية.

وعلى اثر ذلك تم تبني النظام القائم على النسبية وهو ان يحصل كل حزب على عدد من المقاعد وفق نسبة عدد المصوتين له، وهذا النظام يعزز من مكانة الأحزاب في النظام السياسي التي هي عماد الديمقراطية في كل بلد، وقد نجح هذا القانون في تحقيق العدالة في الدول التي فيها احزاب سياسية ذات انتشار واسع.

لكن واجه هذا القانون عدد من الانتقادات ومنها بُعد النائب عن الناخب وعدم الاستقرار الحكومي في الدول التي فيها اكثر من حزبين كبيرين مما دفع العديد منها المختصين في الانتخابات الى الدعوة لتبنى النظام المختلط وهو الذي يجمع المزايا الإيجابية للنظامين الاغلبي والنسبي ويتجاوز سلبيات كل منهما، وهو يأخذ بالنظام النسبي والنظام الأغلبي بنسب متفاوتة لكل منها مثلا (المانيا مناصفة بين الاغلبي والنسبي، إيطاليا ثلثين اغلبية وثلث نسبي، مصر 77% اغلبية 22% نسبية).

النُظم الانتخابية في العراق

اعتمدت الدولة العراقية منذ تشكيلها على نظام الأغلبية في تحديد الفائز في الانتخابات طيلة فترة العهد الملكي والجمهوري وحتى الاحتلال الأمريكي سنة 2003 فكان النظام المؤقت لانتخاب المجلس التأسيسي لسنة 1922 يحدد المرشح الفائز وفق حصوله على اعلى الأصوات، وبقي هذا النظام قائم حتى صدور امر سلطة الائتلاف لانتخاب الجمعية الوطنية لسنة 2004 الذي اعتمد لأول مرة النظام الانتخابي القائم على النسبية الذي بقي مستمرا لأربع دورات انتخابية متتالية.

وعلى اثر اندلاع انتفاضة تشرين سنة 2019 التي جاءت لفشل الأحزاب السياسية الحاكمة في تحقيق مطامح الشعب في الحياة الحرة والكريمة، وتحت ضغط العديد من القوى الاحتجاجية للمطالبة بالترشيح الفردي وتصغير الدوائر لإتاحة الفرصة للمستقلين بالفوز، تبنى مجلس النواب تشريع قانون انتخابي جديد سنة 2020 وهو اقرب الى النظام الاغلبي ويسمى (بنظام الصوت الواحد غير المتحول) والذي على أساسه جرت انتخابات سنة 2021، وقد حقق هذا النظام الانتخابي اختراق جدي بدخول عدد جيد من المرشحين المستقلين وكذلك من الأحزاب المحسوبة على قوى تشرين في مجلس النواب، لكن هذا القانون يلق هذا معارضة قوية من لدى الكثير من القوى السياسية والتي هي تمثل الأغلبية في مجلس النواب بالوقت الحاضر والتي تطالب بإعادة النظر به وتعديله.

المقترحات

ولهذا اليكم مقترح للآخذ بالنظام المختلط وعلى الشكل الآتي:

- ان يكون عدد أعضاء المجلس 400 نائب وفق تفسير المادة 49 من الدستور التي حددت نسبة مقعد واحد لكل مائة ألف نسمة.

- تحديد نسبة 75% أي 300 مقعد من المقاعد وفق نظام الأغلبية اي نظام الصوت الواحد غير المتحول، على اساس 83 دائرة انتخابية ووفق الترشيح الفردي.

- تحديد نسبة 25% أي 100 مقعد من المقاعد للقوائم وفق نظام النسبية على قاعدة الباقي الأقوى وعلى اعتبار العراق دائرة واحدة.

اضف تعليق