q
هــنــاك فــرق بــين الـكـرامـتـين. الاولـى هي كرامة يحصل عليها المواطنون من قوة الحكومة التي تخدمهم. إن اية خدمة تقدمها الحكومة لشعبها ستسهم في صناعة كـرامـة سياسية تنعش احساس الناس بأنهم مواطنون من الدرجة الاولــى في بلد قوي يتقدم باستمرار. هذا كله هو ما نبحث عنه...

حديقة الأمـة لم تعد كما كانت مظهرها لم يعد يوحي بالاسم الـتـقـلـيـدي الـــذي كـــان سـائـدا أيـام التسعينات من أنها مأوى لمشردين، وهاربين من الخدمة العسكرية. أنها الآن منظمة، ومـرتـبـة ومـفـتـوحـة مـثـل لوحة فرنسية.

نصب الحرية هـو الاخــر صار نظيفا بعد أعوام من الغبار وعبث الطيور التي تحط فوقه، وسقوط بعض احجاره. الآن تغير الوضع فلمسات ترميم النصب جاءت بنتائج جيدة على اية حال. المـهـم اكتملت عملية اظـهـار نصب الحرية وحديقة الامة في مظهرين يختلفان عن السابق. وهنا سيطرح السؤال التالي نفسه: ومـــاذا بعد هــذه الـخـطـوة؟ هل هناك ترميم لنظام المحاصصة مثلا بحيث تصبح شكلا منسيا مـن الحكم؟ هـل هناك صيانة حقيقية لمشكلات الواقع التي لا تنتهي؟ وهـل من الممكن ابتكار طريقة سياسية تجعل ضمير المسؤول صاحيا طـوال الوقت؟ مـثـل هــذه الأسـئـلـة تشغل بـال العراقيين دائما.

لنعد إلــى تأثير عملية تأهيل حديقة الأمـــة ونـصـب الحرية في الناس، الذين زاروا هذين المكانين الجديدين. الصور التي نشرت على “الفيسبوك” ستقول لنا كل شيء. سنلاحظ نوعا من النشوة والارتــيــاح عبرت عنها تعليقات المــدونــين الـتـي كانت ايجابية بامتياز.

انا أتساءل: ما الـذي نفهمه من هذا الاندفاع الايجابي الذي لمسناه في عبارات المدونين، وهم يـشـاهـدون تغييرا جميلا طرأ على حديقة ونصب رائع. ببساطة شديدة أقــول: إن الناس في اي بلد يراقبون اداء حكوماتهم، وينظرون إلـى انجازاتها. فاذا حصل تطور عمراني، واقتصادي، وصحي، وتعليمي فـإن كل هذا التطور سينعكس في تقدير الناس لأنفسهم. واحترامهم الشديد لممثليهم في السلطة.

تصنع الحكومة الناجحة كرامة لشعبها. اما الحكومات الفاشلة فـتـهـدم مـعـنـويـات مواطنيها، وتسلبهم اي احـسـاس بالأمن والتطور.

وإذا كان الخطاب السياسي لاية حكومة مليئا بالكراهية، وتغليب المصلحة الحزبية، ونسيان الوطن فهذا يعني أن الحكومة صنعت جيلا متمردا، قد ينقلب عليها في أية لحظة. وهذا ما حدث في انتفاضة تشرين، وما يمكن أن يحدث في الأشهر القادمة. اذن يبحث المواطن البسيط عن كرامته السياسية قبل كرامته الشخصية.

وهــنــاك فــرق بــين الـكـرامـتـين. الاولـى هي كرامة يحصل عليها المواطنون من قوة الحكومة التي تخدمهم. إن اية خدمة تقدمها الحكومة لشعبها ستسهم في صناعة كـرامـة سياسية تنعش احساس الناس بأنهم مواطنون من الدرجة الاولــى في بلد قوي يتقدم باستمرار. هذا كله هو ما نبحث عنه.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق