بعد فشل جهود رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، زميل الرئيس أردوغان في حزب العدالة والتنمية، في اقناع حزب الحركة القومية أو حزب الشعب الجمهوري في المشاركة بائتلاف حكومي، سارع أردوغان إلى الإعلان عن تنظيم انتخابات مبكرة في 1 نوفمبر المقبل، لكن بحسب الكثير من المراقبين أن الرئيس التركي بهذا الإعلان قد تجاوز، بندا دستوريا ينص على أن يبت البرلمان في الدعوة إلى انتخابات جديدة، مما يشير إلى أنه يسعى إلى تعويض الضربة الانتخابية الأخيرة بأسرع وقت ممكن.
إذ يرى بعض المحللين السياسيين أن دعوة أردوغان، لتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة، أكدت الاتهامات التي شككت بالأهداف الكامنة وراء استئناف الجيش التركي ضرباته ضد حزب العمال الكردستاني وإعلان أنقرة انخراطها في الحرب على تنظيم داعش الارهابي.
فيما يرى مراقبون للشأن التركي أن أردوغان يأمل في أن يتمكن حزبه من استعادة الأغلبية التي فقدها في انتخابات حزيران/يونيو من خلال إجراء ثاني انتخابات برلمانية في أقل من ستة أشهر، بيد أن السؤال الذي يطرحه بعض المراقبين هو هل تجلب انتخابات مبكرة الاستقرار لتركيا؟، الجواب يبدو بالنفي للوهلة الأولى، إلا أن ارون شتاين، وهو محلل شؤون تركيا في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، وهو مؤسسة بحثية، يقول: "أعتقد أنه ما من شك في أن ما يريده أردوغان هو محاولة جديدة".
بينما يرى المحللون في الشؤون الداخلية التركية ان رهان أردوغان على نظام رئاسي، لكن الحسابات الداخلية تبدو شائكة، فحتى لو كسب أردوغان الأغلبية في الانتخابات القادمة، لكن الاستقرار يبدو أمراً آخراً على الصعيدين الداخلي والخارجي.
ويرى وهؤلاء المحللون أن أهداف أردوغان لا تقتصر على استعادة حزب العدالة والتنمية للأغلبية في مجلس النواب لتشكيل حكومة الحزب الواحد، بل تشمل أيضا طموحاته الشخصية المتمثلة بتأمين الغالبية المطلقة لتعديل الدستور لصالح تحويل نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي، وبعد أن أطاح بعملية السلام مع الأكراد وأدخل البلاد في دوامة العنف لاستثارة الحس القومي التركي، يأمل "السلطان"، كما يلقب أردوغان من قبل معارضيه، أن تأتي نتائج الانتخابات الجديدة لمصلحة استعادة حلم الرئيس المطلق الذي أطاح به حزب الشعوب الديمقراطي.
من جانب آخر يرى الخبراء في الشأن الامني إن ارتفاع منسوب التهديدات الامنية للداخل التركي الامر الذي قد ينعكس بوضوح على نتائج الانتخابات القادمة. خصوصاً ان كثير من الجهات الامنية الاوروبية المطلعة تؤكد استمرار انخراط أنقرة في عملية ادخال المسلحين الى سوريا بالرغم من الاعلان التركي عن خوض الحرب ضد تنظيم داعش مما يعني أن عيون الشك ما زالت تلاحق السياسة الاردوغانية سواء في الادعاء بخوض الحرب ضد داعش او في حقيقة المآرب من استهداف الاكراد.
وبحسب هؤلاء الخبراء يبدو ان اللافت في المشهد التركي الحالي هو تضاعف الهجمات على الداخل التركي وتزامنها مع تعقيدات التركيبة السياسية واقتراب الوصول من نقطة استحالة تشكيل الحكومة مما يعني العودة الى صناديق الاقتراع خلال الأسابيع القادمة مع استمرار سيادة الأجواء الأمنية المضطربة، وعليه يبقى السؤال الاهم هو: هل يحقق أردوغان في الانتخابات التركية القادمة ما فشل في تحقيقه في الانتخابات الماضية؟، وهل ستكون نتائج هذه الانتخابات الرمق الاخير لحياته السياسية في تركيا؟.
اضف تعليق