إذا كان حب الوطن من الايمان، واذا كانت المنافسة لرضا الله وخدمة الشعب والوطن، واذا كانت ظواهر الأمور كبواطنها فللرجل على من رشحوه الاخلاص والنصيحة له والتعاون معه، ومادام الرجل لا يملك كتلة نيابية وإنما رشحه الإطار التنسيقي ثقةً به فعلى الإطار أن يعطيه المساحة اللازمة والحرية التامة...
ها قد قر القرار، وتم الاختيار، بعد رحلة تسعة أشهر مرت ثقيلة على العراقيين، يتطلعون في كل صباح الى انفراج الأزمة، وحسم الجدال، وتوحيد الكلمة، وحتى المساء تبقى ايديهم على قلوبهم خشية انفراط العقد وتدهور الأحوال وحصول ما يكرهون. بعد تسعة أشهر من اجراء الانتخابات تم اختيار مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً لتولي المهمة الصعبة في العراق، وذاك هو منصب رئيس الوزراء.
محمد شياع السوداني ليس ملكاً مقرباً ولا رجلاً خارقاً، يملك من السحر مالا يملكه الآخرون، ولكنه طيلة حياته السياسية والمناصب التي تسنمها لم تدنُ نفسه لدنية من رشوةٍ أو (كومنشن)، ولم يبذر في المال العام ولم يتطاول على أحد، أو يتشيطن من أجل فئة أو حزب، ولو كان لبان؛ بذل في كل مواقعه عناية الرجل المعتاد فأصاب ما أصاب وأخطأ فيما أخطأ ؛ لكني وعلى يقين بعد توليه المنصب سيدعي مدعون بغير ذلك، وهكذا هي طباع البشر فكلما علا شأن أحدهم كلما تقصوا حياته من يوم ولادته حتى تاريخهم بين قادح ومادح يحركهم في ذلك الموالاة والمعادات والحب والبغض.
إذا كان حب الوطن من الايمان، واذا كانت المنافسة لرضا الله وخدمة الشعب والوطن، واذا كانت ظواهر الأمور كبواطنها فللرجل على من رشحوه الاخلاص والنصيحة له والتعاون معه، ومادام الرجل لا يملك كتلة نيابية وإنما رشحه الإطار التنسيقي ثقةً به فعلى الإطار أن يعطيه المساحة اللازمة والحرية التامة في اتخاذ القرارات واختيار الوزارات وأن لا يمن عليه في كل يوم بترشيحه فيطلب منه ما يعيق عمله أو يفرض عليه بغير ارادته.
وله على من لم يرشحوه -وأعني بهم التيار الصدري- أن يعطوه الفرصة الكافية والوقت اللازم وينظروا فيما يفعل فإن بان صلاحه فلا مناص من معونته وتأييده ومؤازرته، وإلا فتقويمه بما هو مناسب.
المخلصون اليوم على المحك فالعراقيون تعبوا من لعبة المناكفات وجر الحبال، وليس لدى الرجل ما يُقلق به خصومه عدا القانون، فقد ظل مسالماً وسلمياً طيلة حياته السياسية، ينحدر من عائلة كريمة وهو من ذوي الشهداء الذين قاوموا البعث وجبروته، فإن أثبت كفاءته فبها ونعمت، ولا يجب عزله إلا إذا خان الأمانة أو حنث باليمين.
وما يخشاه العراقيون هو عودة لعبة القط والفأر، لعبة التربص بالسوداني، فالحذر الحذر فإن القصور غير التقصير وإن رضا الجميع غاية لا تدرك، وفي ذلك قال الامام علي (عليه السلام): "وأعظم ما افترض سبحانه من تلك الحقوق حق الوالي على الرعية، وحق الرعية على الوالي، فريضة فرضها الله سبحانه لكل على كل، فجعلها نظاما لألفتهم وعزا لدينهم، فليست تصلح الرعية إلا بصلاح الولاة، ولا تصلح الولاة إلا باستقامة الرعية، فإذا أدت الرعية إلى الوالي حقه، وأدى الوالي إليها حقها، عز الحق بينهم وقامت مناهج الدين واعتدلت معالم العدل وجرت على أذلالها السنن، فصلح بذلك الزمان وطمع في بقاء الدولة ويئست مطامع الأعداء، وإذا غلبت الرعية واليها أو أجحف الوالي برعيته اختلفت هنالك الكلمة و ظهرت معالم الجور".
نسأل الله الأمن والأمان وأن يحفظ العراق وأهله من كل سوء.
اضف تعليق