تلك الثروات التي حطّت في تلك المساحات الجغرافية من الكرة الأرضية بفعل قدرة الفساد والفاسدين الذين نهبوا وأضاعوا حقوق شعبهم عندما سرقوه وإغتصبوا ثرواته، في بلد سيظل منكوباً إذا لم تشرق الإرادة الوطنية وتصدح أصوات الوطنيين التي ينتظرها العراقيين للمطالبة بإستعادة الأموال المنهوبة وللخلاص والخروج من نفق الفساد...
قالوا "إن كُنت تدري فتلك مُصيبةٌ وإن لاتدري فالمصيبةُ أعظمُ" لكن كيف يكون حجم المصيبة إذا كُنّا ندري ونسمع ونشاهد صور المصائب تتوالى في بلدٍ غارق بالفساد؟ وكيف يمكن توصيف مشهد الفساد وهو يظهر بالصورة والصوت ليُعلن عن نفسه واقعاً يتجسد في شوارع دول وبلدان بعيدة عن بلد مَوبوء بالفساد لتُعلن هذه الصورة بكل وضوح أن الفساد في العراق تخطّى مرحلة المحلية إلى الدولية في مشهد غير مألوف وربما من عجائب الفساد وقدرته؟.
ورغم أن العراقيين إعتادوا حكايات الفساد وقصص نهب المال العام وأخبار الفاسدين التي تضج بها شاشات الفضائيات العراقية، إلا أن هَول الصدمة وحجمها ومقدار هدر أموالهم المنهوبة أذهلهم وأدهشهم وهم يسمعون ويشاهدون ما آلت إليه قصة من قصص الفساد في العراق التي تتعلق بالمدرعات الأوكرانية المُباعة، ضمن صفقة سلاح كان قد تعاقد عليها مع أوكرانيا تجوب شوارع كييف في حربها مع روسيا في أكبر قضية فساد من ملفات التسليح العراقي التي مضى عليها أكثر من (13) عاماً، أبرمتها الحكومة السابقة مع كييف عام 2009 للتعاقد وتسليح الجيش العراقي بقيمة عقد تجاوز حاجز نصف مليار دولار، في تفرع من صفقة تُعدّ الأكبر في تاريخ أوكرانيا تتضمن تزويد العراق بـ(420 مدرعة أوكرانية) مختلفة المهام من طراز (BTR-4) والتي أُعتبرت من أحدث المدرعات الشرقية آنذاك، وبالفعل تسلّم العراق حينها (88) مدرعة من الطراز المذكور ليبدأ الفصل الأول من عناوين الفساد ومشكلات الصفقة.
الشكوك التي حامتْ حول هذه الصفقة والتي بدأت تظهر جعلت البرلمان العراقي والرأي العام يطالب بإلغائها في ربيع عام 2010 بسبب شبهات الفساد وعن الجدوى من تلك المدرعات المنتهية الصلاحية قبل دخول داعش للعراق وإحتلاله لبعض المحافظات في صيف عام 2014، حيث أعاد العراق مايقارب (40) عجلة تسلّمها من الدفعة الأولى وكانت تستوجب مزيداً من الصيانة والتصليح.
الغريب والذي أثار إنتباه الخبراء العسكريين والمختصين في تلك المدرعات الأوكرانية التي ظهرت أعداداً منها في إستعراض عسكري عراقي تلا إعلان النصر على داعش وذلك آواخر عام 2017 حيث لفت إنتباههم أن ناقلات الأفراد المدرعة تلك كانت من دون برج وإختفى منها سلاح المدفع الرشاش، حيث كانت تبدو مدرعات غريبة التصنيع.
فضيحة صفقة التسليح هذه ربما تقود إلى سؤال أكبر مازال الرأي العام في العراق يتساءل دون مُجيب عن مصير عشرات أو مئات الملايين من الأموال والدولارات المجمدة أو المختفية في أوكرانيا أو غيرها من الدول التي ذابت فيها أموال الشعب المنهوبة، في بصمات لاتقبل التزوير أن تلك الثروات التي حطّت في تلك المساحات الجغرافية من الكرة الأرضية بفعل قدرة الفساد والفاسدين الذين نهبوا وأضاعوا حقوق شعبهم عندما سرقوه وإغتصبوا ثرواته، في بلد سيظل منكوباً إذا لم تشرق الإرادة الوطنية وتصدح أصوات الوطنيين التي ينتظرها العراقيين للمطالبة بإستعادة الأموال المنهوبة وللخلاص والخروج من نفق الفساد المظلم.
اضف تعليق