كما يتفاوت الأفراد في مستوى درجات المؤشر الإيجابي والسلبي عندهم، تتفاوت المجتمعات أيضاً في ذلك، ففي حين نرى بعض المجتمعات تتحلى بالتفكير الإيجابي، والنظرة الإيجابية للأمور، مما يدفع بها نحو مزيد من التفاعل الإيجابي والتنافس العلمي والتعاون الاجتماعي، تعيش بعض المجتمعات تحت وطأة السلبية والانطواء والتقوقع...
من العوامل المهمة في تقدم أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية هو سيادة الروح الإيجابية فيه، لأن التفكير الإيجابي والنظرة الإيجابية تحفزان روح الإبداع والتنافس الإيجابي بين أفراد المجتمع ونخبه العلمية والاجتماعية، بينما التفكير السلبي يؤدي إلى غياب روح الابتكار والإبداع العلمي وانعدام الإنجاز في مختلف المجالات الحياتية.
والمقصود بالتفكير الإيجابي هو النظر لأي موضوع من الزوايا الإيجابية له، وتغليب البعد الإيجابي على البعد السلبي، ومعالجة المشاكل والظواهر السلبية بمبادرات إيجابية فعالة.
إن الإنسان الإيجابي هو الذي يتمتع بصفات تحمل دلالات إيجابية من قبيل: التفاؤل، وحسن الظن، وحب الخير للأخرين، والعطاء والتطوع، والتفاعل الإيجابي، وتحمل المسؤولية وغيرها من الصفات والخصائص التي يجب أن يتحلى بها الإنسان الإيجابي.
وأما الإنسان السلبي فهو الذي يتسم بصفات سلبية من قبيل: التشاؤم، واليأس، والإحباط، والتثبيط، والقنوط وغيرها من الصفات السلبية والسيئة.
والشخص السلبي عادة ما يكون منطوياً على ذاته، ومنغلقاً على نفسه، وحاداً في نقده، ومثبطاً في كلامه.
وكما يتفاوت الأفراد في مستوى درجات المؤشر الإيجابي والسلبي عندهم، تتفاوت المجتمعات أيضاً في ذلك، ففي حين نرى بعض المجتمعات تتحلى بالتفكير الإيجابي، والنظرة الإيجابية للأمور، مما يدفع بها نحو مزيد من التفاعل الإيجابي والتنافس العلمي والتعاون الاجتماعي، تعيش بعض المجتمعات تحت وطأة السلبية والانطواء والتقوقع على الذات وضيق الأفق.
تشجع النصوص الدينية على النظرة الإيجابية للأشياء، وتنهى عن كل ما يبعث على التشاؤم واليأس والقنوط، فنقرأ في القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ وهي دعوة قرآنية إلى التفاؤل بالنظر إلى رحمة الله الواسعة، وغفران الذنوب، واجتناب القنوط واليأس من رحمته، وهذه الحالة تعزز من السلوك الإيجابي عند الإنسان.
ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان كثير التفاؤل، ويحب الفأل الحسن ويعجبه، فقد روي: «إنّ النبيَّ صلى اللّه عليه وآله كانَ يُحِبُّ الفَألَ الحَسَنَ ويَكرَهُ الطِّيَرَةَ» لتعزيز الروح الإيجابية عند أصحابه.
وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتفاءل في غزواته وحروبه كلها، كما كان يتفاءل بمستقبل المسلمين وأنهم سيفتحون بلاد الروم وفارس، وهذا ما تحقق فعلاً، مما كان يعزز الطاقة المعنوية عند أصحابه.
ان الدراسات العلمية تؤكد على أن العامل النفسي أهم من العامل الفيزيولوجي في الشعور بالسعادة والراحة والاطمئنان الباطني وطول العمر، ولذا من المهم أن نعزز التفكير الإيجابية عند الأفراد وفي المجتمع، واجتناب الروح السلبية.
والناس يختلفون في النظر للأشياء والأمور، ولكن الشخص الإيجابي يركز على البعد الإيجابي في أي أمر أو قضية أو موضوع، بينما يركز الشخص السلبي على البعد السلبي لأي موضوع أو مسألة، وفي قصة نبي الله عيسى (عليه السلام) مع الحواريين ما يؤكد ذلك، فقد ورد أنّ عيسى (عليه السلام) مَرَّ والحَوارِيّونَ عَلى جيفَةِ كَلبٍ، فقالَ الحَوارِيّونَ: ما أنتَنَ ريحَ هذا الكَلبَ! فقالَ عيسى (عليه السلام): ما أشَدَّ بَياضَ أسنانِهِ!
فالكثير من الأمور في حياتنا ستتغير عندما ننظر للأشياء بمنظار إيجابي، ونتجنب النظر إليها بمنظار سلبي، فالكثير من المشاكل الزوجية والأسرية، والكثير من المشاكل الاجتماعية، والكثير من المشاكل الأخلاقية، والكثير من المشاكل العملية والحياتية ناتج من النظر إليها بنظرة سلبية، وعدم رؤية الجوانب الإيجابية منها.
إن المجتمع أحوج ما يكون إلى تعزيز التفكير الإيجابي، وتنشيط المبادرات الإيجابية، إذا ما أردنا أن نساهم في تطوير المجتمع وتقدمه، وأن نخلق البيئة الإيجابية المناسبة لتنمية الأعمال الخيرية والتطوعية والعلمية والثقافية والرياضية والاجتماعية وغيرها من الأنشطة والفعاليات التي تسهم في تنشيط روح التعاون والتآلف والتقدم الاجتماعي.
ان الحالة السلبية آفة من آفات التقدم الاجتماعي، فما شاعت في مجتمع إلا وأدت إلى تأخره وتقهقره وتخلفه على مختلف الأصعدة والجوانب.
لابد من تنشيط الحالة الإيجابية في المجتمع، وتشجيع أهل العطاء والبذل والتطوع، ودعم المبادرات التطوعية في أي عمل يخدم المجتمع ويساهم في الارتقاء به اجتماعياً وعلمياً وحضارياً.
التقوى سبيل النجاة
كما يجب التأكيد على أهمية التحلي بالتقوى في السر والعلن، وفي الخلوات وأمام الناس، فإنها سبيل النجاة ومفتاح الصلاح.
فكلمة التقوى ومشتقاتها وردت في القرآن الكريم أكثر من 300 مرة مما يؤكد على محوريتها في البناء التربوي والأخلاقي في شخصية الإنسان المسلم.
إن التقوى هي وصية الله سبحانه لعباده، ووصية الأنبياء والرسل لأقوامهم، ووصية الأئمة والأولياء لأصحابهم وأتباعهم.
ومن آثار التقوى على المتقي: نيل محبة الله تعالى، وأنها شرط لقبول الأعمال، وتسهيل الأمور، والتوفيق في الحياة، وزيادة الرزق، وتكفير الذنوب، ومضاعفة الأجر والثواب.
اضف تعليق