اثار مشاعري خبر تناولته وسائل الاعلام مؤخر، عن قيام مستشفى في اقليم (تيغراي) الاثيوبي بإعادة المرضى الراقدين فيه لأهاليهم لعدم وجود طعام في المستشفى! فتداعت في ذهني ذكريات عن هذا البلد الذي حصل رئيس وزرائه على جائزة نوبل للسلام قبل نحو ثلاثة اعوام، من بين اكثر جوائز نوبل، عرضة للنقد وربما للسخرية هي جائزة السلام...
اثار مشاعري خبر تناولته وسائل الاعلام مؤخر، عن قيام مستشفى في اقليم (تيغراي) الاثيوبي بإعادة المرضى الراقدين فيه لأهاليهم لعدم وجود طعام في المستشفى! فتداعت في ذهني ذكريات عن هذا البلد الذي حصل رئيس وزرائه على جائزة نوبل للسلام قبل نحو ثلاثة اعوام.
من بين اكثر جوائز نوبل، عرضة للنقد وربما للسخرية هي جائزة السلام.. لم تسلم جائزة الأدب هي الأخرى من سهام النقد واتهمت كثيرا بالتسييس، لكن جائزة السلام باتت غير مهمة في نظر الكثيرين ولم يحظ من يحصدها بمكانة موازية لأقرانه في المجالات الاخرى.. بعد زيارة السادات اسرائيل العام 1977 منحته لجنة نوبل جائزة السلام مناصفة مع مناحيم بيغن، مع ان الاخير يقف على رأس دولة مصنفة في الامم المتحدة، عنصرية (رفعت هذه الصفة العام 1991)! وبيغن نفسه معروف بانه كان ينتمي الى ميليشيا اصولية ارتكبت الكثير من الجرائم اواخر الاربعينيات، قبيل قيام اسرائيل، بينما لم تمنح، مثلا، لجماعة (السلام الان) او (المؤرخون الجدد) في اسرائيل، وهؤلاء عملوا ومازالوا على اقامة اسس واقعية، الى حد كبير، لسلام دائم بين العرب واليهود، وكان لهم جهد ثقافي وفني وانساني ملموس بالرغم من مضايقات اليمين لهم هناك.
في بداية ولايته الاولى حصل الرئيس الاميركي اوباما على جائزة نوبل للسلام مع انه لم يقدم شيئا مميزا.. للجنة الجائزة مبرراتها بالتأكيد، ولكن لنا ايضا كمتابعين تساؤلاتنا، فعهد اوباما شهد فظائع مروعة في (الشرق الاوسط) بعد ان اشعلت اجهزة مخابراته فتيل أكبر فتنة في التاريخ الحديث، والمسماة (الربيع العربي)!
قبل عامين منحت جائزة نوبل للسلام لرئيس وزراء اثيوبيا احمد ابيي، على خلفية اتفاقه مع رئيس ارتيريا على حسم خلافات حدودية استمرت نحو ثلاثة عقود بعد استقلال ارتيريا التي كانت جزءا من اثيوبيا، وتسببت تلك الخلافات بحرب بين البلدين في التسعينيات.. الشيء الذي يدعو الى السخرية حقا في حكاية الجائزة هذه، ان اللجنة لم تتحرّ الاسباب الخفية التي دعت ابيي الى عقد اتفاق (سلام) مع الرئيس الارتيري افورقي في الامارات العام 2018، وخلاصة تلك الاسباب تتمثل في ان العرقيات المتعددة في هذا البلد سئمت سيطرة التيغرانيين على مقاليد البلاد لنحو ثلاثة عقود، بعد تسلمهم السلطة مطلع التسعينيات اثر صفقة تمت بين رئيس وزراء اثيوبيا الراحل زيناوي (تيغراني) ورئيس ارتيريا الحالي افورقي، حيث كانا زعيمين لجبهتين قويتين مناوئتين لنظام (هيلا مريام) الشيوعي وبالاتفاق مع اميركا واسرائيل، وحظيا بدعمهما وقتذاك .. القوى السياسية في الاقاليم الاثيوبية الاخرى اتفقت على انهاء هذا الوضع بعد تشكيل ائتلاف حزبي واحتاجت دعم ارتيريا المحاددة لتيغراي لضبط المعادلة هناك امنيا وعسكريا، فكانت صفقة سلطة ومصالح احزاب اكثر مما هي مسألة سلام يستحق لاجلها ابيي جائزة نوبل .. والحديث يطول بالتأكيد!
اضف تعليق