q
ما يتسرب من داخل أروقة مجلس النواب يؤكد وجود توافق ضمني بين الكتل السياسية لتمرير الشخصيات المعلن عنها، ومما يضمن عملية الانعقاد هو الخوف من الجمهور، الذي سئم الانتظار طويلا حتى تجاوزت الكتل البرلمانية المدد الدستورية المحددة لاختيار المناصب حتى وصلت الى محطة اختيار الرئيس...

مع تحديد موعد كل جلسة برلمان لاختيار رئيس الجمهورية نكون على موعد مع احداث معركة أخرى من معارك تثبيت المواقع التي تخوضها الكتل السياسية وعلى وجه الخصوص الكتل التي تحاول تغيير المعادلات القائمة منذ بزوغ شمس التغيير على العراق بعد عام 2003.

التحالف الثلاثي المكون من الكتلة الصدرية والديمقراطي الكردستاني والجبهة السنية التي تضم كل من عزم وتقدم، استطاع الوصول قريبا من ثلثي المقاعد ولم يبقى امامه لتحقيق حلمه وضرب قوى الإطار الا 5 مقاعد يستطيع اقناعهم بمنصب لا يغير في الخارطة السياسية وينهي الازمة القائمة والمتوسعة بين القوى الشيعية المتناحرة على رئاسة الحكومة.

تزعم بعض الكتل ان الهدف الأساس من الجدالات الدائرة حاليا هو لتكريس نظاما جديدا داخل البيت الشيعي، فالصدر بحكم وضعه الجديد لم يكتف ان يبقى على هامش العملية السياسية كما في السنوات الماضية، والآن أصبح الفاعل الوحيد والمؤثر الأقوى من بين الكتل الشيعية، التي تريد تثبيت دعائم الحكم الجديد وتحويله من التوافقي الى الأغلبية الوطنية وبطبيعة الحال هذه المعركة لم تكن بالسهولة المتوقعة.

يأس السيد الصدر من التوصل الى حل يرضي جميع الأطراف المتنازعة دفعه الى مغازلة القوى المستقلة ومن بينها كتلة تشرين وامتداد لرفع عدد المقاعد وصولا الى الثلثين وتحقيق الفوز الساحق على الإطار التنسيقي الذي يمتلك 83 ويناور بها ويزاحم الصدر وشركاءه على مقعد رئيس الوزراء.

ومن شبه المؤكد انعقاد جلسة البرلمان اليوم وتم تحديد هذ الموعد من قبل رئيس المجلس محمد الحلبوسي، ومما يمكن الإشارة اليه هو ان الجلسة ستكون لكسر الارادات وتخطي عقبة الإطار التنسيقي الذي يعتبر من القوى المعطلة في البلد، ولذلك فالقوى الأخرى تريد إثبات ضعف قوة تأثير الإطار بتحقيق الــ 220 مقعد بالاعتماد على التلاعب بالمواقف واتباع الحيل السياسية.

ولم تنجح جميع الجهود المبذولة من القوى السياسية لتخطي الازمة في الوصول الى جو عام قائم على التوافقات، حيث أدى تفسير المحكمة الاتحادية الأخير الى تعميق الانقسامات بين الكتل الفائزة في انتخابات العاشر من تشرين الماضي، وبالتحديد داخل البيتين الشيعي والكردي والثبات على المواقف المتصلبة والشروط الموضوعة امام الجميع على طاولة النقاش العقيم.

قد تعيد الأيام نفسها وتتكرر تجربة عام 2018 ولا يتم الاعتماد على الجلسة الأولى لحسم النزال على منصب رئاسة الجمهورية، وقد يرحل التصويت على الجلسة الثانية، كنوع من المماطلة السياسية والبحث عن انسب الحلول للخروج من عنق الزجاجة في الوقت الحالي، لاسيما مع جحض احتمالية ترشيح برهم صالح والتركيز على شخصية ريبر احمد الذي يشغل وزيرا للداخلية في حكومة الاقليم لرئاسة الجمهورية والسيد جعفر الصدر لرئاسة الحكومة.

ما يتسرب من داخل أروقة مجلس النواب يؤكد وجود توافق ضمني بين الكتل السياسية لتمرير الشخصيات المعلن عنها، ومما يضمن عملية الانعقاد هو الخوف من الجمهور، الذي سئم الانتظار طويلا حتى تجاوزت الكتل البرلمانية المدد الدستورية المحددة لاختيار المناصب حتى وصلت الى محطة اختيار الرئيس، ومن الواضح للعيان انها من أصعب محطات ما بعد اجراء الانتخابات.

إذا تحقق الثلثين فالصدر لا يخشى ابدا الثلث المعطل الذي أدرك حقيقة مفادها ان دوره أقرب الى التلاشي وعدم اخذ الحيز القديم في المحيط السياسي، سوءا داخل المكون الشيعي فيما يتعلق بالسلطة التنفيذية ورئاسة الحكومة، أو على المستوى الوطني الأوسع في العلاقة بين المكونات العراقية المتنوعة.

ومن جهة أخرى تظن قوى الطرف الثاني، (التحالف الثلاثي)، بأنها قادرة على خرق جدار الثلث المعرقل، من خلال العمل على استقطاب الأصوات المتفرقة والموزعة بين المقاعد الممثلة لـ “حراك تشرين" والمستقلين، بهدف رفع حاصل الأصوات التي يمتلكها إلى 220 صوتاً، التي تسمح له بتمرير انتخاب رئيس الجمهورية.

ينفرد النظام السياسي العراقي بكثرة التحولات وحدوث التناقضات وما نتوقع استحالة حصوله اليوم، سيكون واقع ملموس غدا، ولعل الجلسة المنعقدة تنجب لنا احداث كان الشعب بانتظارها ما يقرب من الستة شهور، فتشكيل الحكومة في العراق يعني بث الروح بالعملية السياسية من جديد، واستمرار الممارسات والفعاليات التي تجنب البلد الانسداد وتحرمه من التقدم خطوة نحو الامام.

اضف تعليق