هل حقا طريق الاصلاح وعر على اولئك الذين قدر لهم مسك زمام أمور امتنا، ام ان حلاوة السلطة تغشي الأبصار وتميت الضمائر، والا بماذا نفسر أنين الشعوب جراء واقعها المر منذ قرون، من دون أن يحرك المتسلطين عليهم ساكنا، بينما راية الاصلاح تناقلتها الأكف من حين لآخر...
هل حقا طريق الاصلاح وعر على اولئك الذين قدر لهم مسك زمام أمور امتنا، ام ان حلاوة السلطة تغشي الأبصار وتميت الضمائر، والا بماذا نفسر أنين الشعوب جراء واقعها المر منذ قرون، من دون أن يحرك المتسلطين عليهم ساكنا، بينما راية الاصلاح تناقلتها الأكف من حين لآخر، فلم يخرج أقدس رموزنا الأمام الحسين (ع) أشراً ولا بطراً، وانما لطلب الإصلاح، وبدل أن يصلح الساسة الحال، فرطوا بابن بنت رسول الله وعياله وأصحابه في أبشع جريمة عرفها التاريخ.
ولم يعطوا للكواكبي والأفغاني ومحمد عبدة اذنا صاغية، وهم الذين تعالت صرخاتهم حتى ملأت الآفاق، من ان الاصلاح شرط لنهوض الأمة من رقادها الذي دام طويلا، لكن شيئا من ذلك لم يحدث، وبُررت المراوحة في الفقر والجهل والمرض: ان بلاد المسلمين قادها غرباء واحتلها كافرون، وبعد ان ارتفعت راية الأوطان بأيدي أبنائها، استبشر اليائسون بأن الخير آت، لكن الحال ظل بائسا، والأبناء الساسة ظنوا ان الدنيا لن تدور، فعاثوا في الأرض فسادا، واذاقوا الناس أضعاف ما أذاقهم الكافرون، حتى صرنا نتحسب من التذمر في بيوتنا، خوف أن ينقل طفل ما نقول، فالحيطان صارت لها آذان، والشوارع عيون، والجفاء سلوك، والتجويع سياسة، والهزائم انتصار، والجوع نضال، والتخلف مؤامرة .
هل حقا طريق الاصلاح وعر الى هذا الحد، ام الذي يحول دون تحقيقه لامبالاة الساسة، ومغريات السلطة، والاستهانة بالناس، وعدم سماع نصائح الحرصاء، والظن ان المحتجين متآمرون، حتى أوصلوا الناس الى اليأس من تحقق الاصلاح، فصار البعض يقبل بالتغيير مهما كانت الأثمان، فصفق من صفق للاحتلال، ومن أحرق نفسه ليشعل شرارة الثورة في أرجاء الوطن الكبير، واذا بالمخاض صار شائكا، وعدنا مجددا نطالب بتعديل المسار.
وكأننا نعيش الماضي نفسه، وان لا طريق الا الثورة، نتوسل اليكم هذه المرة للمباشرة بالإصلاح، فالخسائر صارت باهظة، نتمنى ألا تكون نهايتكم كما انتهى الذين من قبلكم، فقد عقدنا عليكم الآمال، وسمعنا لكم في كل صغيرة وكبيرة، وقلنا ان التجربة جديدة، ولابد من منح الفرصة، وصبرنا لكن الصبر يجب ألا يمتد لعقود.
كلكم تعرفون الأخطاء، وقد شخصها كثيرون، وصرتم تتحدثون بها، ورفعها بعضكم شعارا، ومنكم من استثمرها للفوز، لكننا لم نتلمس شيئا، لماذا؟ هذا هو السؤال، فالوطني بنظرنا، والرجل الذي يدخل التاريخ ذاك الذي يحّول شعارات الاصلاح الى واقع، فكل شيء في بلادنا خراب، من الزراعة الى التعليم، ومن الصناعة الى الكهرباء، أموالنا تهدر إما بعدم المعرفة او بالفساد.
ان تواصل الخراب يأكل من جرف شرفكم، ولا أعتب على الفاسدين الذين نعرف، والذين جاءوا وفي بالهم العودة الى حيث كانوا، والذين ترأسوا ثم اختفوا، والذين سكتوا بعد أن فشلوا، بل عتبي على اولئك الذين قدموا من التضحيات ما تشيب لها الرؤوس، لكنهم وقفوا عاجزين، حتى صنفهم الناس ضمن الذين ذكرتهم.
الذي يريد الملك، ويكون تاجا على الرؤوس، عليه أن يضع مخافة الله نصب العين، أي لا يحيد عن طريق الحق، وأوله العدل، ولا عدل من غير اصلاح بتاتا.
طرق الاصلاح معروفة لكم ولغيركم، لكني اذكر بها، فعسى أن تنفع الذكرى، وتكمن في الذي أقول: (عدّلوا الدستور، اقضوا على الدولة العميقة، عززوا استقلالية القضاء، تحرروا من المحاصصة، اعتمدوا المعارضة البرلمانية، لاحقوا الفساد بمختلف صوره، تخلصوا من التوافقية في تشكيل الحكومات، رسخوا متطلبات الدولة المدنية). فمتى ينبري ذاك العراقي الذي لا طعم للسلطة في لسانه ليقف بوجه هذا الخراب؟
اضف تعليق