لتكن السياسة قائمة على العلم، وليقترن العمل السياسي بالإدارة لا سيما وأن أغلب أعمال السياسيين تتجه نحو المجال الإداري إما لأن أغلبهم سوف يحصلون على مناصب إدارية مثل وكلاء الوزراء والمدراء العامين، أو يكونون وزراء وغير ذلك من المناصب، شعار الوطنية وحده لا يكفي، تحويل الشعار إلى واقع...
قد تقصر القوى السياسية في أداء واجباتها تجاه الوطن، يرتبك النظام العام بسبب تكرار ارتكابهم للأخطاء، وتزداد التوترات نتيجة الردود الانفعالية وهذا كله يؤثر على المجتمع ككل.
وكل خطأ يرتكبه السياسي هو نتيجة لواحد من سببين أو كلاهما:
السبب الأول: قد يكون غير كفوء ولا يستطيع تحديد بوصلة العمل وطبيعة التعاطي مع المتغيرات العامة في البلد.
السبب الثاني: قد يكون مخرباً وهدفه تهديم أركان الوطن بما يخدم مطامعه الشريرة، وربما مطامع خارجية.
غالباً ما تتعامل وسائل الإعلام ومجتمع مواقع التواصل مع السياسيين على أنهم من النوع الثاني، أي المخرب الشرير، ما يدفع السياسيين للرد على هذه التهم وتأكيد حبهم للوطن ورغبتهم في البناء والعمل على سمو بلدهم ورفعته.
أنا لا أتفق مع الطرح العام في وسائل الإعلام ولا سيما من قبل بعض المحللين السياسيين المعروفين الذين يرددون التهم ويؤكدون على أن مشكلتنا الأساسية في النوايا السيئة من قبل قادة البلد.
في بعض الأحيان لا يتقصد السياسي القيام بعمل ضد المصلحة الوطنية، إنما قد يكون بسبب سوء أدائه وعدم قدرته على تحديد مسار العمل نحو الوجهة السليمة، ربما بسبب قلة الخبرة وسوء اختياره للمستشارين والمقربين منه الذين اختارهم على أسس بدائية بعيدة عن روح العصر.
ورغم الصورة السوداوية للسياسيين العراقيين لكنني أعتقد أن الكثير منهم يتمتعون بمستوى معين من الوطنية والرغبة في تقديم الأفضل للبلد، حالهم كحال اللاعب الذي يحب فريقه ويبذل ما يستطيع لتحقيق الفوز، لكن أخطاء هذا اللاعب قد تكون دائماً هي السبب في خسارة الفريق لكونه غير كفوء ولا يستطيع أداء هذا الدور المناط به.
لا أقول أن كل السياسيين يتمتعون بمستوى عالٍ من الوطنية، إذ لا أملك أي إحصائية علمية بهذا الشأن، كما أنني لا استطيع الجزم بأنهم جميعاً يعملون على تخريب البلد.
نرى أن هناك من يريد العمل على الارتقاء بواقع البلد وهو محب لوطنه، لكنه غير كفوء ولا يملك القدرة على أداء الدور الموكل إليه، وهذا النوع من السياسيين ما نقصده.
هؤلاء يتسببون بمشكلات وطنية كبرى ليس بسبب نواياهم، إنما بسبب عدم كفاءتهم، يهدرون موارد الوطن لعدم قدرتهم على الإدارة الجيدة، وهذا ما أشار إليه رئيس الوزراء الأسبق السيد حيدر العبادي، إذ قال في أحد خطاباته إن نسبة كبيرة من موارد العراق لم تذهب نتيجة السرقة، بل أهدرت بفعل سوء التخطيط والتخبط وعدم معرفة القائمين على أدارة المشاريع بما ستؤوله إليه.
من واجب السياسي أن يكون وطنياً محباً لوطنه يبذل كل طاقته في سبيل الارتقاء والتقدم، لكن الحب والوطنية غير مجدية إذا لم توضع في مكانها السليم، ومن فضائل العلم أنه أوجد لنا الطريق السليم عبر تخصص "الإدارة" وهو تخصص منتشر في غالبية الجامعات العراقية الحكومية والأهلية.
السياسي الجاد في حبه لوطنه سوف يذهب إلى كليات الإدارة ليتعلم كيف يدير الأعمال بأفضل طريقة، يتدرب كما يتدرب اللاعب بشكل مكثف ليكون أكثر كفاءة وتحقيق أهداف فريقه.
ربما هذه دعوة مضحة بعض الشيء وقريبة من المزحة لكنني جاد في الكلام، فقد جربنا كل شيء وما يزال وضعنا غير مستقر وبحاجة إلى تصليح، ولا سبيل للترميم إلا من خلال اللجوء إلى العلم، فليبدأ قادة البلاد بتدريب أنفسهم فعلياً.
لتكن السياسة قائمة على العلم، وليقترن العمل السياسي بالإدارة لا سيما وأن أغلب أعمال السياسيين تتجه نحو المجال الإداري إما لأن أغلبهم سوف يحصلون على مناصب إدارية مثل وكلاء الوزراء والمدراء العامين، أو يكونون وزراء وغير ذلك من المناصب.
شعار الوطنية وحده لا يكفي، تحويل الشعار إلى واقع يجعلنا نصدق كل ما يقوله السياسي، ولا يمكن تحقيق الشعار إلا عندما نشاهد السياسي يتدرب بشكل مكثف كما يتدرب اللاعب على تسديد الكرة على المرمى من أجل تحقيق البطولات والألقاب لفريقه.
اضف تعليق