تحظى احوال الاطفال في العراق وقضاياهم واوضاعهم المتردية، باهتمام المثقفين والاعلاميين والتربويين والباحثين المتخصصين، لان الاطفال هم الحجر الاساس للتنمية والتقدم المجتمعي، ولكن هذا الاهتمام يذهب سدى وبلا جدوى لعدم اهتمام مؤسسات الدولة المتخصصة بالاستفادة من تلك الآراء والبحوث العلمية لمعالجة الاسباب وتقليل نتائجها السلبية.
وبنظرة سريعة لظروف العراق القاسية منذ عقود مضت وما زالت، من حروب وازمات وحصار وتواصل تلك الحروب وتعدد اشكالها ومسمياتها واسبابها التي لا تنته، نرى حجم الكارثة التي نعيش والتي تنتظرنا، فبغياب الاباء واولياء الامور، والمعيل المسؤول عن العائلة ان كان محاربا او ضحية للإرهاب واساليبه المتعددة والمتوحشة، وعدم تمكن غالبية الامهات من المسك بزمام امور العائلة ماديا وتربويا ولأسباب ايضا كثيرة كونها لا تعمل او ليس لديها مورد رزق معين، تكون النتائج وخيمة على الابناء ولا يمكن تلافي سلبياتها، لعدم وجود بيت تتوفر فيه ابسط شروط العيش اﻵمن الكريم، لان هذا البيت وكما هو معروف، هو المؤسسة التربوية الاولى لنشأة طفل سوي يتلقى المبادئ والقيم الطيبة التي تحدد سلوكياته الإيجابية.
وهو ما ادركه المتخصصون في الصحة النفسية والسلوكية بتأكيدهم المستمر على اهمية تشخيص مشكلات الطفولة وضرورة التعاون العائلي والرسمي في معالجتها مبكرا قبل استفحالها ووصولها لمراحل مرضية تتدهور فيها الصحة الجسدية والعقلية، وبروز انحراف السلوك في مراحل العمر اللاحقة.
وبذلك فان للطفولة دور حيوي في التكوين النفسي والسلوكي لمرحلة المراهقة والرشد، فأطفال يعيشون العنف وقسوته دائما فغاب عنهم الاب او المعيل الرجل، وظلوا يعانون اليتم والعوز والحرمان في بيوت تفتقد الحب والحنان والرعاية والتشجيع والتحفيز، واخرون يعانون التهجير والتهديد والنزوح والعوز والجوع والمرض ونقص بكل شيء بسبب ترك البيت والمدرسة والحديقة والملعب والمستشفى وكل ما يشعرهم بالراحة والاستقرار وتطوير القابليات والمواهب،كيف يكون حالهم؟ وكيف يترعرعوا كما يقال اويكبروا؟
والادهى من ذلك كيف يعد التقرير الدوري الذي يجب ان تقدمه اللجنة المسؤولة عن حقوق الطفل للمجلس العربي للطفولة والتنمية الذي يضم الدول العربية الموقعة على اتفاقية حقوق الطفل العالمية والتي تفرض على الدول الموقعة اعداد تقاريرها الدائمية ومناقشتها في انعقاد دوراتها المتتالية لرصد التقدم المتحقق في قطاع الطفولة؟ وماهي الاجراءات والتدابير والخطط والبرامج التنموية التي اتخذت للارتقاء بالمستوى المعيشي والصحي والتعليمي والاجتماعي للطفولة؟ وما هو جهد الدولة الدائم والمنظم في حشد جميع الجهات الحكومية والاهلية ووسائل الاعلام وتدريب الملاكات المتخصصة لتنفيذ التزاماتها نحو الاطفال وتعزيز حقوقهم التي هي ركن اساس من حقوق الانسان بشكل عام؟ وهل نبقى ندور بدائرة الانتهاك ليس لحقوق الطفل فحسب بل لحقوق جميع الفئات العمرية؟ ولا ندري في هذه الفوضى واللامعقول واللاحكمة لاي مصير نتجه؟ ولمصلحة من هكذا نكون؟.
اضف تعليق