من اين يحصل المواطن على العملات الصعبة عند حاجته اليها في سفره وترحاله؟ ومن اين يحصل على تلك العملات عند حاجته الى العلاج في الخارج نتيجة عجز الطب العراقي والمؤسسات الصحية عن معالجة كثير من الامراض؟ ومن اين يحصل على تلك العملات عند الحاجة اليها لأي غرض كان؟..
لماذا عليه ان يشتري الدولار من شركات ومكاتب الصيرفة التي تخضع لتذبذب السوق وعدم الاستقرار فيضطر الى دفع مبالغ إضافية على السعر المعلن رسميا قد يصل أحيانا الى 10% وهل لهذه الشركات والمكاتب ضوابط لبيع وشراء العملات ام انها سائبه تخضع لتقلبات السوق ومبدأ العرض والطلب.. واذا كان البنك المركزي العراقي منظم السياسة المالية والنقدية للدولة يبيع تلك العملات الى المصارف الحكومية والأهلية هل ينتهي دوره في بيع العملة حسب الكميات التي يراها مناسبة ام ان دوره الرقابي يمتد الى مابعد ذلك.
عشرة الاف شركة ومكتب صيرفة حصلت على إجازة للعمل في بيع وشراء العملات، وربما وجود مثل هذا العدد شركات غير مجازة، واخرون يعملون كسماسرة او وسطاء او دلالين او تجار (شنطة) للمتاجرة بملايين الدولارات وتوفيرها للمحتاجين لها ولكن بسعر يفوق السعر الرسمي ب (200-300) نمرة.
هذه الشركات المجازة منها والوهمية تعتاش على فروقات بيع وشراء العملات، لذلك تسعى الى المضاربة أحيانا في البيع والشراء حسب الطلب ومما يتوفر لديها من راس مال، وتسهم احيانا كثيرة في خلق الازمات، والمواطن حائر بين هذه وتلك، لايحصل على حاجته بالسعر الرسمي مايضطره اللجوء الى السوق السوداء، والتي يحلو للبعض ان يسميها (بالسوق الحرة) أحيانا.
كانت المصارف تمنح المسافرين حاجتهم من العملات بعد الحصول على تأشيرة السفر كعلامة على الحاجة الفعلية لتلك العملات.. الا ان ذلك تعطل تماما، حتى الموفدين الحكوميين حرموا من هذا الاجراء ما اضطرهم الى النزول للسوق لاقتناء مايحتاجونه من العملات عند ايفادهم لأي غرض.
المقترح الذي طرح لتسليم رواتب الموظفين بالدولار جوبه بالرفض من قبل المستشار الاقتصادي للسيد رئيس الوزراء حسب ما أشارت الى ذلك الصحافة المحلية، ومع ان السبب لم يذكر، الا ان المقترح لم يلق ترحيبا لأسباب نجهلها بينما في ظاهره يحقق منفعتين، الأولى: اغراق السوق بالعملات وتحسين سعر صرف الدينار، والثانية: استفادة الموظف من فارق سعر الصرف لتحسين وضعه المعيشي، الذي تأثر كثيرا نتيجة سياسة التقشف التي تتبعها الدولة، بسبب انخفاض أسعار النفط وتقليص حجم الموازنة.
البنك المركزي العراقي كان قد اعلن ان مبيعاته من الدولار بلغت اكثر (18) مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2015، مشيرا الى ان حجم المبيعات قد انخفض عما كان عليه عام 2014 حيث بلغت المبيعات آنذاك اكثر من (25) مليار دولار.. البنك حاول معالجة ارتفاع أسعار العملات في السوق المحلية بضخ مزيد من الدولار حيث وصل سعر صرف الدينار العراقي أواخر حزيران، وبداية تموز الى (148) الف دينار عراقي مقابل الـ(100) دولار امريكي، وهو مؤشر لم يصل اليه مستوى سعر صرف الدينار منذ سنتين على اقل تقدير. وفعلا نجح في ذلك حيث ادى الى ارتفاع السعر المعلن الى (124) الف دينار. الا ان هذا السعر لم يكن ثابتا بل متحركا حيث تراوح خلال هذه الأيام بين 125-126 الف دينار مقابل ال 100 دولار.
الحيرة مازالت تلف المواطن، ومازال عليه ان يدفع المزيد لكي يحصل على حاجته من الدولار لأي غرض ولا يوجد اي منفذ رسمي يلبي حاجته، بل ان فروع المصارف في مطار بغداد تمتنع عن تزويد المسافرين بالدولار، فاين تذهب العملات؟ وأين حق المواطن فيها؟ وهل ان العقل العراقي عاجز عن تنظيم هذه الفعالية النقدية، ليتركها سائبة تتلاطمها رياح التغيير وحركة السوق وألاعيب المتضاربين.
اضف تعليق