الشيء المؤلم والمحزن بالنسبة لنا هو أن تُدعى بلداناً غير مجاورة للعراق، بينما سوريا البلد المجاور لا يُدعى، هذا أولاً، ثانياً، أن الحكومة العراقية لم تعطي أي تبريرات، حتى وإن كانت غير مقنعة، لاستبعاد سوريا من هذا المؤتمر. ثالثاً، أن الاعلام العراقي، الرسمي وغير الرسمي، لم يوضح...
هكذا ينبغي أن يكون عنوان المؤتمر الذي تنوي الحكومة العراقية، عقده في أواخر شهر آب 2021، الذي تُستثنى سوريا منه، فتصبح دول جوار العراق خمسة (والجوار هنا بمعنى الملاصق في الحدود)، أي ستة ناقص واحد، علماً أنها المرة الثانية التي تُستثنى فيها سورية، إذ كانت المرة الأولى حين عُقد مؤتمر في بغداد تحت اسم "الشام الجديد". نحن ليس لدينا اعتراض على ذلك لو اتخذت هذه المؤتمرات أسماء أخرى، غير جغرافية، أي غير أسماء الشام ودول الجوار، على سبيل المثال: مؤتمر التعاون والتنمية.
الشيء المؤلم والمحزن بالنسبة لنا هو أن تُدعى بلداناً غير مجاورة للعراق، بينما سوريا البلد المجاور لا يُدعى، هذا أولاً، ثانياً، أن الحكومة العراقية لم تعطي أي تبريرات، حتى وإن كانت غير مقنعة، لاستبعاد سوريا من هذا المؤتمر. ثالثاً، أن الاعلام العراقي، الرسمي وغير الرسمي، لم يوضح لنا لماذا لم تُدعى سوريا إلى هذه المؤتمرات. رابعاً، معظم المحللين السياسيين يتكلمون أو يكتبون بإسهاب عن أهمية هذا المؤتمر، لكن لم يأتوا على ذكر سوريا.
وسواء كان هؤلاء، أي الاعلام والمحللين، يتحاشون أو يتجاهلون ذكر سوريا، عن قصد أو دون قصد فالمصيبة عظيمة في الحالتين.
وإذا أحسنا النية، فإنه يمكن القول أنه من ضمن أهداف هذه المؤتمرات هو مناقشة الأوضاع في سوريا ومساعدة شعبها مما يعانيه من حصار اقتصادي واحتلال أمريكي وتركي لأجزاء من أراضيه. لكن الواقع يدحض ذلك لأننا لم نلاحظ أي تغيير أو أي نتائج إيجابية بعد عقد المؤتمر الأول.
وإذا كان من الطبيعي أن كل بلد يبحث عن مصالحه، لكن من غير الطبيعي أن تكون هذه المصلحة مجردة من القيم والمبادئ، بمعنى أن يضع هذا البلد أهدافه الخاصة بشكل دائم فوق أهداف البلدان المجاورة أو غيرها التي له مشتركات معها، بخاصة تلك البلدان التي وقع عليها ظلم وجور من هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية وتوابعها. إذن هذا البلد عليه أن يرى نفسه من ضمن مجموعة وليس العمل منفرداً قائماً بذاته يهتم فقط بمكاسبه، إنما ينبغي عليه مراعاة مصالح تلك البلدان، بخاصة المظلومة، واحتياجاتها والعمل على تنفيذها بقدر ما يراعي مصلحته الخاصة، وهكذا ينصف الآخرين على نحو ما ينصف نفسه.
إن نظرية التوازن في العلاقات الخارجية، وتساوي البعد بين البلدان المتخاصمة، والنأي بالنفس عن الصراعات، التي تحاول أن تنتهجها بعض البلدان، هو أسلوب صعب التحقيق عملياً، لأنه يساوي بين المظلوم والظالم، وبين الضحية والجلاّد، وبين الحق والباطل، وبين الصواب والخطأ، وبين العدالة والظلم، وهذا يؤدي بالنهاية إلى التخاذل عن نصرة الحق، والوقوف بجانب الباطل، ومن ثم يصب في صالح الظالم. ويتمثل هذا النهج بما يسمى بسياسة مجاملة الظلمة وترضيتهم من خلال عقد مؤتمرات، تتغاضى عن أخطائهم وسلوكهم المنحرف، تؤدي أيضاً إلى إضعاف موقف الحق وأنصاره.
ولابد من التأكيد، هنا، على أن مَن يريد أن يتبع سياسة متوازنة، بين طرفين متناقضين، يجب عليه ألا يكون طرفاً في اتفاقية أمنية ثنائية مع أحد الطرفين، وألا يكون صاحب السياسة المتوازنة قد سمح لأحد الطرفين بإقامة قواعد عسكرية في بلده، وألا يسمح لهذا الطرف بالقيام بأعمال عدائية، حربية دون علمه.
اضف تعليق