قوة القانون والديمقراطية، يسيران جنبا الى جنب، وفي الديمقراطيات الراشدة، فانّ تجاوز الإشارة الحمراء يكلّفك غرامة باهظة، والتجاوز على القانون، يضع اسمك في القائمة السوداء التي تفقدك الامتيازات، نسي الكثير من العراقيين انّ تشييد النظام الديمقراطي المثالي، الذي كثر التنظير عنه، دون تطبيق، أصعب بكثير من إزاحة حصون الديكتاتوريات...
الديمقراطيات الغربية جبّارة، بعضلات القانون المفتولة، وأنياب التشريعات الحادة التي تفترس كل من يقذف بالنظام ويستغل نوافذ التعبير عن الرأي للتجاوز على السياقات والاخلاقيات، الى الحدّ الذي امتلكت فيه هذه الأنظمة الناجحة في تحويل التنظير الى تطبيق، قبضة فولاذية واعية، هي أقوى بآلاف المرّات من العقب الحديدية التي تسير عليها الأنظمة الدكتاتورية التي تلوي أعناق القوانين، وتنفرد بالسلطة، وتبطش بالمواطن، بطريقة غاشمة، ومتوحشة.
ومقارنة بفوضى الديمقراطيات الخائبة، تمكّنت الديمقراطية الغربية من انتاج نظام حياة رصين وراسخ، مع بعض الاستثناءات النادرة، مثل اقتحام الكونغرس الأمريكي، أو تظاهرات الشوارع في فرنسا، إذ انّ المواطن الديمقراطي الغربي يستطيع لما يمتلكه من بصيرة، من استيعاب الفرق بين الاحتجاج الإيجابي المثمر، وبين الغوغاء والفوضى، مثل حرق المؤسسات، وغلق الشوارع بالإطارات المشتعلة، وسرقة البنوك، والاعتداء على الممتلكات، ومنْع الناس من الذهاب الى أماكن العمل.
لقد حَدَثَ في بلدان مثل العراق، إنّ مكبرات الصوت تجاهر بالتخريب والفوضى، والانقلاب الارتجالي، في فهم طالح لمعنى الديمقراطية التي بدت مستضعفة بلا أنياب، تنهشها المشيئات والمصالح.
الرئيس المصري الراحل أنور السادات، يقول ان "الديمقراطية لها أنياب أشرس من الدكتاتورية"، ومن دون ذلك، فإنها تتحول الى فوضى، يغرق الأمن والقوانين والاخلاقيات، في بحرها.
قوة القانون والديمقراطية، يسيران جنبا الى جنب، وفي الديمقراطيات الراشدة، فانّ تجاوز الإشارة الحمراء يكلّفك غرامة باهظة، والتجاوز على القانون، يضع اسمك في القائمة السوداء التي تفقدك الامتيازات.
نسي الكثير من العراقيين انّ تشييد النظام الديمقراطي المثالي، الذي كثر التنظير عنه، دون تطبيق، أصعب بكثير من إزاحة حصون الديكتاتوريات.
تعضّ أنياب الديمقراطية في هولندا، أكبر فاسد، وتقذفه في قعر السجون. ونجحت الصين في بناء ديمقراطية مركزية تتيح لرجال الاعمال ورؤوس الأموال من بناء امبراطوريات صناعية ومالية، لكن إياهم والتجاوز على قوانين تنمية المجتمع الصيني الصارمة، التي تحذّر بحزم من الفساد، والتحايل على القانون.
وفي ألمانيا، فانّ الديمقراطية تدهس بعجلاتها، كل من يحاول استغلال الانفتاح الاقتصادي، وتسهيلات الاستثمار في سرقة المال العام، والتهرّب الضريبي.
انّ النظر الى طريقة الحياة الأوروبية، السياسية والاجتماعية، تتيح القول، انّ الديمقراطية الأوربية تتحدث اليوم بلغة القوة لانّ القوانين تحميها قبل انْ تحمي المواطن والسياسي، ورجل الاعمال.
لقد وجد الكثير من الزعماء الذين تُرصد لديهم نزعة الدكتاتورية، مثل إردوغان في إسطنبول، وبوتين في موسكو، وشي جين بينغ في بكين، وفي دول عربية، انّ النظام الديمقراطي المفتول لا يتيح لهم الانفراد بالسلطة مثلما لا يتيح لأصحاب رؤوس الأموال تنمية ثرواتهم من دون دفع المستحقات المالية المترتبة عليهم.
الديمقراطية الراسخة تمتلك أدوات استجواب السلطات بقضاء مستقل وإعلام نابض، فيما على المواطنين إدراك انّ لديهم، السلاح الأقوى في التعبير عن ارادتهم، وهو التصويت، إذا ما أتيح استخدامه بوعيّ.
اضف تعليق