q
مطلوب اليوم العودة الى حوار وطني فعال بحلول محددة قابلة للقياس وإظهار الاثر على معيشة العراقي اليومية وليس فقط حلولا ترقيعية، وابرز هذه الحلول الفضلى المطلوبة اطلاق قانون الموازنة العامة، بمعادلة صحيحة لمن يضع لقمة في بطن جائع يستقطعها من أصحاب الرواتب المزدوجة بعناوين قوانين العدالة الانتقالية...

منذ أكثر من ألف واربعة مئة عام تقريباً صعد ابا تراب ويعسوب الدين الامام علي بن أبي طالب المنبر وقال: ((لقمة في بطن جائع خير من بناء ألف جامع وخير ممن كسا الكعبة وألبسها البراقع •• وخير ممن قام لله راكع، وخير ممن جاهد للكفر بسيف مهند قاطع)).

فيما اليوم نجلس تحت منابر وسائل الاعلام نستمع وعظا من نوع آخر في حوارات لا تقدم تلك اللقمة في بطن جائع فيما تنتشر حولنا الف جامع وجامع، نستمع الى احاديث لا تقدم الحلول لمعضلات معيشة المواطن العراقي وتكتفي بالمقارنة بين واقع اليوم والامس من دون النظر الى المستقبل الذي ينتظر اجيالنا المقبلة.

مشكلة الكثير ممن يعملون في اعلام اليوم، عند تناول معضلة إقرار قانون الموازنة العامة، ذلك التمسك بما مطلوب منهم تروبجه والتسويق له لذلك شماعة الماضي واثامه حاضرة لتعليق افعال اليوم واثامها عليه، حتى بات كلام التضليل للرأي العام الجمعي واضحا لا يغطيه غربال المقارنة، في دفع الفشل الواقع اليوم على حسابات الماضي، لعل افضل مثال على ذلك القول ان العراق منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في العهد الملكي الاول بلا عقد دستوري اجتماعي يعمل على تكوين هوية السيادة الوطنية العراقية ما بعد ثورة العشرين المباركة.

وان عقود من الحكم الدكتاتوري انتهت الى تدمير حالة الثقة بين الانسان في هذه البقعة من الأرض وبين تلك الحقب من الأنظمة السابقة لصالح اللجوء إلى الهويات الفرعية، يأتي ذلك من بغض اعضاء لجنة كتابة الدستور العراقي النافذ ردا على اسباب فشل الاحزاب المتصدية لسلطان الحكم في عراق اليوم من اعادة بلورة هذه الهوية الوطنية الجامعة للسيادة الوطنية متحججين بعدم وجودها اصلا!

السؤال: ما مسؤولية هذه الاحزاب والقوى المتصدية لسلطان الحكم في تأسيس هذه الهوية الوطنية لتكون واضحة في تشريع قانون الموازنة العامة؟

الجواب يتمثل في كلمات ابا تراب التي اختصر فيها معادلة العدالة والانصاف المجتمعية والاقتصادية والسياسية، مقابل مخالفتها من قبل وعاظ مفاسد المحاصصة للاحزاب التي تروج اجنداتها من معطف الوصل مع نهج البلاغة لسيد المتكلمين سلام ألله عليه.

لذلك تاتي سفسطة الحلول كما هو حال إقرار قانون الموازنة العامة فبعد ان اتفق فرقاء العملية السياسية على تخفيض قيمة الدينار العراقي التزاما بشروط البنك الدولي نتيجة سلسلة من الاخطاء الاقتصادية في تكرار توظيف بطالة مقنعة في الجهاز الحكومي بلا إنتاجية تزيد في موارد الدولة ليتحاوز عدد موظفي الدولة ٤ ملايين موظفا.

منهم اكثر من مليوني عسكري، ناهيك عن عدم تأهيل المعامل والمزارع العراقية لانتاج كمي ونوعي، الامور التي جعلت الديون العراقية تتجاوز ٧٠% من مجموع الانتاج الوطني من بيع النفط، بقيمة ١٣٢ مليار دولار، مطلوب دفع فوائدها بما لا يقل عن ٥ مليارات دولار سنويا واقساطها بما لا يقل عن ١٢ مليار دولار سنويا، اي بمجموع لا يقل عن ١٧ مليار دولار سنويا وهي موازنة لدولتين مثل سورية ولبنان معا!

خبراء الاحزاب المتصدية لسلطان الحكم لا يضعون لقمة في بطن عراقي جائع، فيما تنتشر في كل مكان مقرات الاحزاب في الجوامع! وتراهم سنويا يحجون بيت الله الحرام وسيماهم في الوجوه من أثر السجود، والانكى من كل ذلك المزايدة بدماء أولادنا المضحين دفاعا عن وطنهم من اجل كسب الانتخابات فقط!

وسبق وان طرحت خطط وحلول من اهل الخبرة الاكاديمية توقف التدهور في مستقبل الاقتصاد العراقي، لكن من لا يريد الا الانتفاع من ريع النفط لحزبه ومن جاء به رفض جميع الأفكار التي لا تحقق لهم تلك الفوائد الحزبية ولجانها الاقتصادية وحكومتها العميقة وسلاح احزابهم المنفلت، فيما يظهر وعاظهم يخطبون في جمهورهم، انما يريدون الاصلاح وأنهم القوي الأمين خير من يمثل المستضعفين من جياع العراق.

مطلوب اليوم العودة الى حوار وطني فعال بحلول محددة قابلة للقياس وإظهار الاثر على معيشة العراقي اليومية وليس فقط حلولا ترقيعية، وابرز هذه الحلول الفضلى المطلوبة اطلاق قانون الموازنة العامة، بمعادلة صحيحة لمن يضع لقمة في بطن جائع يستقطعها من أصحاب الرواتب المزدوجة بعناوين قوانين العدالة الانتقالية هذا الهدر الكبير في الموازنة العامة بأرقام فلكية، يمكن توظبفها لتوليد فرص عمل افضل للعاطلين من الخريجين، بدلا من أصحاب الكروش المنتفخة من متقاعدي الدرجات الخاصة من مجلس الحكم مرورا بكل برلمان وحكومة وأغلبهم اليوم خارج العراق، ناهيك عن الكثير والكثير جدا مما يمكن تقليصه في رواتب كبار الموظفين والحد من إهدار المال العام، في حالة الضيق يتنادى اهل الخير لسد حاجة الجائع.. فما بال القوم، يشهدون ان عليا ولي الله ويخالفونه لله في خلقه شؤون.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق