الروح غالية، ونحن مع الحياة والإعمار، والمحافظة على الروح التي لا تقدر بثمن، وضد الاعتداء على حقوق الإنسان، مهما كان الإختلاف الفكري. قضية مقتل الشاب ضيف الله القرشي، من أهالي مدينة الطائف غرب البلاد، في ظروف مازالت غامضة، والاعلان عنها برواية أمنية لا تخلو من علامات الاستغراب عبر تحويلها من قضية جنائية إلى طائفية ومناطقية أمر خطير للغاية. فمن حق أهله والشعب معرفة الحقيقة بشفافية، وبأسرع وقت، لمنع إستغلال الحدث من قبل المرضى وأصحاب التوجهات التكفيرية والطائفية والمصالح السياسية، الذين يريدون استغلال الجريمة الجنائية، والحادثة الإنسانية المفجعة للأهالي، حيث أخذوا بدق طبول الحرب والإنتقام برائحة الطائفية البغيضة النتنة، قبل التحقيق من أصل الحادثة، ومعرفة الحقائق، ومن هو القاتل، وموقع الجريمة.
تساؤلات حول مقتل القرشي
أين ومتى وكيف وقعت عملية استهداف مركبة الشباب وقتل الشاب القرشي، ولماذا تم الإبلاغ عن الجريمة في الجبيل شرق البلاد؟.
الرواية الأمنية تشير إلى حضور مركبة إلى نقطة تفتيش مدينة الجبيل، يستقلها 4 ركاب، قالوا إنهم تعرضوا لإطلاق النار عندما كانوا داخل بلدة العوامية، أدت لمقتل 1 وإصابة 2.
الغريب في كلام شباب المركبة والرواية الأمنية، هو ان العوامية محاصرة ومحاطة بقوات أمنية متنوعة من العسكر، ونقاط التفتيش في كل مكان، لا يمكن لأي شخص الدخول والخروج إلا بعبور هذه النقاط الأمنية المزعجة للأهالي!!.
كيف تمكنت المركبة من الدخول لبلدة العوامية المحاصرة، ثم الخروج والوصول إلى نقطة تفتيش الجبيل، التي تبعد مسافة طويلة عشرات الكيلومترات، دون أن تمر عبر نقاط التفتيش، ودون ملاحظة العسكر الذين يطوقون العوامية؟؟!!.
الرواية فيها مغالطات كثيرة، ومنها التشكيك والتقصير في دور الأجهزة الأمنية!!.
والأكثر غرابة كيف للأجهزة الأمنية أن تنشر تلك الرواية في هذا الوقت بهذه الصياغة والطريقة، وأين الحس الأمني والإعلامي، والبعد عن الشائعات الضارة التي تضر بمصلحة الوطن والمواطنين، قبل التأكد من إدعاء وكلام شباب المركبة ومن القصة التي تفتقد لغاية الآن للمصداقية، بل هي رواية تحتوي على إدانة للجهات الأمنية التي تحاصر بلدة العوامية.
ولماذا الزج باسم العوامية بهذه السرعة وبهذه الطريقة - عبر إتهام العوامية - قبل التحقق دون تقديم دليل، هل وراء ذلك هدف من قبل السلطة الأمنية لاستغلال الحادثة في تصفية الحسابات مع أهل العوامية؟.
سياحة في العوامية !
كما ان بيان عائلة القرشي المفجوعة حول ابنها القتيل يطرح علامات كثيرة، حيث تشير العائلة في البيان انه ذهب للعوامية للتجول في ربوع البلاد نزهة استجمامية. نزهة للعوامية المحاصرة من القوات الأمنية والتي تشهد وضعا غير طبيعي بسبب الأحداث، رغم أن أهالي المدن والقرى والبلدات المجاورة للعوامية لديهم قلق وحذر من الذهاب للعوامية بسبب الحواجز والتفتيش والأوضاع الأمنية، وبالخصوص هذا الوقت حيث تشهد العوامية ومدن وقرى المنطقة حالة إستنفار، بعد العمليات الإرهابية الإنتحارية تفجير مساجد في المنطقة من قبل التكفيرين، كم ان العوامية لا يوجد فيها حاليا بسبب الأحداث الأمنية غير آثار الرصاص وحرق المنازل وقبور الشهداء وصور المعتقلين والشهداء على الجدران، وبسبب سياسة الحرمان للعوامية وما حولها وللاهالي، فلا يوجد فيها معالم سياحية جذابة ومجمعات تجارية، ولا ناطحات سحاب، ولا متاحف ولا مسارح، ولا مستشفيات..، رغم تاريخها العريق وطبيعتها الزراعية والبحرية!!.
لماذا العوامية؟
ما حقيقة الرواية الأمنية، وادعاء شباب المركبة من وجودهم في العوامية، وصحة تعرضهم هناك للاعتداء مما أدى لمقتل الشاب ضيف الله القرشي؟.
وما طبيعة عملهم، هل هم رجال أمن ومباحث ومخابرات أو غير ذلك من مؤسسات الدولة؟.
هل هم في رحلة ربوع بلادي عادية؟.
هل هم في مهمة إستطلاعية لأهداف ما في العوامية لأطراف أخرى؟.
هل كانوا حقا في العوامية؟.
إذا الحادثة وقعت في العوامية كما تدعي الرواية الأمنية، وكانوا الشباب من رجال الأمن فمن الطبيعي أن يكون لديهم أجهزة إتصال مع الأمن الذي يحاصر العوامية من كل جهات.
وإذا كانوا من غير رجال الأمن وفي ظل وجود إصابات فمن الطبيعي الذهاب إلى أقرب مستشفى أو نقطة أمنية لطلب المساعدة وللتبليغ في ظل محاصرة القوات الأمنية للعوامية من جميع الجهات، فلا يوجد حاجة للذهاب إلى نقطة مدينة الجبيل، إلا إذا كان الحادث وقع خارج العوامية، وهذا المرجح، وهناك تسريبات حول وقوع عملية القتل خارج العوامية والمنطقة.
من حق أي مواطن أو مقيم أن يتجول في أرجاء الوطن، فالوطن وطنه، وأن يشعر بالأمن والأمان في انتقاله، في الغرب والشمال والجنوب، والأحساء والقطيف ومنها العوامية كلها أجزاء من الوطن الغالي، ومن حق أي مواطن دخولها في اي وقت، فأهل العوامية هم جزء من أبناء الوطن الشرفاء والأحرار، ولكن التجول في العوامية - في ظل الظروف الحالية - محاصرة القوات الأمنية للبلدة لدرجة خنق الأهالي لوجود نقاط التفتيش، والتوتر في مدن وقرى المنطقة بسبب استهداف المواقع الدينية مسجد الامام الحسين (ع) في عنود الدمام، ومسجد الامام علي (ع) في بلدة القديح البلدة المجاورة للعوامية، من قبل مجموعة من المجرمين الانتحاريين سعوديين من خارج المنطقة، مما أدى إلى تأسيس هيئات أهلية تطوعية من قبل الأهالي لحماية المناطق؛ يضع أكثر من علامة استغراب وتساؤل !!؟؟.
كما ان التجول من قبل شباب من خارج المنطقة ودون معرفة أحد من أهالي العوامية، - في هذه الظروف - يمثل تهورا لأنه سيكون محل الشبه والاشتباه!!.
ومستحيل شخص عاقل يقوم بمثل هذه الرحلة السياحية والتنزه في ظل هذه الظروف والتوتر، وحالة الصدمة بعد تفجيرات الدمام والقديح والدالوة، وتأسيس لجان حماية أهلية لمدن المنطقة من دخول أي غريب!.
لماذا الزج باسم العوامية والمنطقة في هذا الوقت الخطير بهذه الطريقة، ومحاولة البعض تحويل الجريمة الجنائية إلى إعلان حرب انتقامية طائفية؟!.
كشف الحقيقة مطلب الجميع
على أهل المنطقة وبالخصوص أهل العوامية عدم الصمت، حول تبني وزارة الداخلية ما نشر من رواية حول مقتل الشاب القرشي، وعلى الجميع التحرك والمطالبة بكشف الحقائق بشفافية بأسرع وقت، كي لا يتم استغلال الرواية الأمنية والجريمة الجنائية في المزيد من التحريض والتجييش، ووقوع ما لايحمد عقباه مثل الذي وقع في الدالوة والقديح وعنود الدمام.
فمن المستحيل تصديق روايات الجهات الأمنية دون تقديم الأدلة، بل ينبغي على الشعب المطالبة بكشف الحقائق بشفافية وبشكل سريع، وقطع الطريق أمام من يريد إستغلال الجريمة الجنائية للنيل من أهل العوامية كما حدث سابقاً، كما انه من حق أهالي القتيل معرفة الحقيقة، وهو حق لكل مواطن، كي لا يستغل من قبل المرضى لإثارة النعرات الطائفية.
في النهاية لابد من الـتأكيد على أهمية كشف حقيقة مقتل المواطن ضيف الله القرشي، والوقوف معا ضد الاعتداء على اي مواطن أو مقيم، وضد إطلاق النار، وقتل الابرياء أو اي متهم، - فالمتهم بريء حتى تثبت ادانته عبر محاكمة عادلة -. وضد من يريد استغلال الحادثة الجنائية مقتل الشاب القرشي، لإثارة النعرات الطائفية والإنتقام، فالأرواح غالية، والحقيقة والعدالة مطلب الجميع.
الله يحمي الوطن والمواطنين من كل شر.
اضف تعليق